عادت الظاهرة السلبية المعروفة، المتمثلة في احتلال شاطىء كابو نكرو من طرف “عصابات” ومجموعات مشبوهة، لتسجل حضورها في أغلب شواطىء المنطقة ،حيث لا يمكن للمواطن الراغب في استنشاق هواء البحر أن يتفادى الضغط الذي يفرضه البعض بدعوى الحق في استخلاص مقابل عن كراء المظلات الشمسية والكراسي، ومقابل عن ركن السيارة.
الشاطئ للجميع، لكن هذه المجموعات تسبق الجميع عند كل موسم صيف لتحتل الواجهة المقابلة للبحر، وما على المواطنين والمواطنات سوى الأداء الفوري مقابل خدمة غير موجودة،أو التعرض لوابل من السب والقذف والشتم من طرف “كائنات” شبه عارية، وبأجساد قريبة للتفحم.
“قبح الله الفقر”، لكن ما ذنب مواطن مسكين أو مواطنة مسكينة تختار الترفيه عن نفسها وعن عائلتها في فضاء يفترض أنه مجاني، لتجد نفسها مرغمة على “تضامن اجتماعي إجباري” تحت التهديد، ناهيك عن التصرفات المخجلة التي يمكن رصدها بين الفينة والأخرى من طرف باقي أفراد “المجموعة” الذين يختارون ركنا من الشاطئ لفرض انحرافهم السلوكي على الجميع.
هناك من سيقول إن المجالس الجماعية هي التي تتحمل المسؤولية لأنها طرف مباشر في هذا العبث؛ إذ يلجأ بعض المنتخبين إلى تفويت الشواطئ إلى بعض الفئات بدعوى التنشيط السياحي، ولغاية في نفس يعقوب. لكن هذا التصرف لا يمكن قبوله؛ فالشواطئ ملك للجميع، وليست ملكا لرئيس الجماعة والأعضاء حتى يتم عرضها للاستغلال المؤقت والدائم.
ما ذنب ذلك الرجل المسكين الذي اختار “اللجوء إلى الشاطئ” رفقة عائلته ليجد في طريقه كائنات بشعة لا تحترم أحدا، وتفرض لغتهاالساقطة على الجميع.
أليس بإمكان جماعة مارتيل و التي يترأسها مراد أمنيول أن توفر أماكن محترمة للترفيه والتنشيط بعيدا عن الابتزاز؟ أليس بالإمكان تنظيم الولوج إلىالشاطئ وتشجيع السياح بتقديم خدمات بسيطة وتوفير المرافق الصحية؟ أليس العبث هو حرمان المواطن من حقه في الشاطئ بعدأن خنقته “جائحة كورونا”؟ ما هو الإنجاز الذي يمكن أن يتبجح به المنتخبون إذا لم تحتضن هذه الشواطئ مرافق حيوية للصغار والكبار؟أليس عيبا أن “يموت” الإنسان عطشا وهو بجانب البحر؟ بسبب ارتفاع الاسعار التي تضاعف في اغلب الاحيان .
هذا فقد أثار غياب المرافق الصحية على طول شاطىء كابو نكرو، استياء المصطافين الذين يضطرون في بعض الأحيان لقضاء حوائجهم في العراء.
ونتيجة لذلك، يطالب المواطنون السلطات المحلية بالتنسيق مع الجماعة الترابية من أجل توفير المرافق الصحية و مراقبة الاسعار و مشكل احتلال الملك العام وغير ذلك من المتطلبات الأساسية للمصطافين في شاطىء كابو نكرو.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المطالب التي تتجاهلها السلطات في المنطقة منذ سنين طويلة، لن تكلف سوى إطلاق طلبات عروض على سبيل المثال من أجل تثبيت مراحيض متنقلة، أو حمامات متنقلة، مع العلم أن ذلك سيسهم في خلق مناصب شغل جديدة لأبناء المنطقة ولو بشكل مؤقت، وأيضا في ارتفاع مداخيل الجماعات الترابية التي تقع بها تلك الشواطئ.
اقتحام الفضاء العائلي
اذهب مشيا على الأقدام، أو بالسيارة، لكنك ستجد نفسك في الأخير مضطرا لتقبل اقتحام فضائك العائلي وفضائك الخاص من طرف غرباء يفرضون “الإتاوات” وشريعتهم الخاصة المسلحة بجهل مزمن، وقد يكون من الواجب عليك تقبل “تحرشهم” العلني واستفزازاتهم المتكررة بدعوى أنهم أصحاب المكان وأنت مجرد زائر.
أين السياحة؟ أين الأمن؟ أين هو التجلي الحضاري لما نخطب به كل يوم من شعارات لمحاربة الفساد، والنفس الديمقراطي، والحلم التنموي؟ أليس استمرار هذه الظواهر تأكيدا لتنامي ظاهرة التخلف التي تقض مضجع كل المشاريع؟ إلى متى تستمر فئة من المواطنين في تحمل عبء هذا الجهل الجاثم على القلوب؟ إلى متى سيؤدي الوطن والمواطنون فاتورة التصرفات الطائشة والجاهلة لمن يفترض أنهم مواطنون لهمالحقوق نفسها؟
بالأمس أدى المغاربة فاتورة التسابق الطائش نحو البحر، ولم تنزح الغمة بعد، لكننا نكرر المشهد نفسه بشاطىظ بدون المرافق الحيوية من مراحيض و حمامات ، والضحية والنتيجة هي استشراف سنوات أخرى من “السقوط الحضاري” في غياب الحزم المطلوب، ولحسن الحظ أن هناك استثناءات في هذه الصورة القاتمة.