المغرب: ردود فعل مختلفة من مدونة شهيرة خاطبت العاهل محمد السادس بالقول إنها «موحدة وغير مسلمة»

بنعبو

نجحت المدوّنة المغربية مايسة سلامة الناجي في تحقيق مبتغاها الأول والأخير، والمتمثل في “البوز” والمزيد من الشهرة والتفاعل على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
المدونة كعادتها أثارت موجة من الجدل عندما قررت بضغطة زر من الكمبيوتر، أن تكتب رسالة إلى العاهل المغربي محمد السادس بخصوص مسألة الإرث والمساواة، واختارت بعناية عنوان تدوينتها وهي تعلم علم اليقين أنها ستثير زوبعة من الردود، وذلك عز المطلب بكل تأكيد بالنسبة لمعظم المدوّنين الذين يصنفون في خانة “المؤثرين”.
هكذا ببساطة، قالت مايسة سلامة الناجي إنها “موحدة وغير مسلمة”، وهي الكلمة التي قصمت ظهر بعير “فيسبوك” المغربي، لتنال نصيبها من السخرية والكثير من علامات الاستفهام والقليل من التأييد.
في البدء، يجب التأكيد على أننا بصدد صيحة أو موضة في مواقع التواصل الاجتماعي ليس على الصعيد المغربي فحسب، بل حتى في العالم، ونقصد هنا العربي بالخصوص، حيث بات كل “مؤثر” ينتقي كلماته المستفزة والتي في إمكانها إثارة الجدل، وبالتالي مراكمة التفاعل وتسجيلات المتابعة والمزيد من “المريدين” الرقميين الذين لا يفصلون بين الخطأ والصواب. في حالة مايسة سلامة الناجي، المدونة التي تفقه في كل شيء من علم الاجتماع إلى السياسة مرورا بالاقتصاد والثقافة والفن وحتى الرياضة، فقد تمكنت بالفعل من أن تكون حديث التواصل الاجتماعي منذ أول أمس الإثنين.
فقد عمدت إلى نشر تدوينة عبارة عن “رسالة إلى جلالة الملك محمد السادس من مغربية موحدة غير مسلمة”، طالبت فيها كما تم تأويل ذلك من طرف موقع إلكتروني مغربي هو “فبراير كوم”، بـ “قوانين خاصة” لفائدة غير المسلمين في المغرب.
لكن مسألة الفصل بين التوحيد والإسلام، ليس كما هو حال الفصل بين الدين والسياسة، لأن الأولى كانت مثل القفز في بركة من الجدل لن تنتهي أبدا، وستتواصل كلما ذكر اسم المدونة المعنية بهذه التدوينة العجيبة الغريبة.
لا فرق في صناعة “البوز” بين رقصة عجائبية أو ضحكة هستيرية أو أكلة مطبوخة بشكل غريب أو خلافه من نوازل التواصل الاجتماعي، وبين ما أتت به مايسة سلامة الناجي التي قالت إنها “موحدة وغير مسلمة”، بعبارة أصح لا هي يهودية ولا مسيحية، لا تنتمي لأي ديانة سماوية معروفة فقط هي تؤمن بالتوحيد، وبذلك حققت السبق باكتشاف ديانة جديدة ما هي بالسماوية ولا بالأرضية هي بين هذه الديانات جميعا، بمعنى أصح هو اللون الرمادي في الدين لا أبيض ولا أسود، وقد نقول هنا إن من يعلن إلحاده أكثر وضوحا من تدوينة مايسة المضحكة المبكية في الآن نفسه، وفق تعبير البعض.
مغاربة التواصل الاجتماعي كعادتهم كانوا في الموعد، واحتضنوا تدوينة مايسة، وكان ما كان من سخرية ونقد وجدل، وأول التدوينات التي جاءت على شكل رد، كان صاحبها الحسين يزي، الذي قال “يا سلام على سلامة (الموحدة غير المسلمة)”، وأضاف “للي كيبغي يفهم بالعلم، خاصو يضبطو عاد يفهم”، بمعنى أن من أراد أن يفهم العلم عليه أن يضبطه قبل فهمه، وهنا إشارة للمزاجية في تفسير العلم. وحسب تدوينة يزي، فإن مايسة “مسلمة بقوة الشيء المقضي به، وبناء على قولك (موحدة ولست مسلمة)”. ويوضح أن “الموحد والمؤمن بوجود الله بالضرورة مسلم. شخصيا فهمت قصدك، كنت تريدين القول: (أنا مسلمة لكن لست من أمة محمد). أنت طبعا حرة في أتباع الملة التي تشتهين”.
الصحافي محمد مشهوري من جهته خصص تدوينة للرد على مايسة سلامة الناجي، وأبرز في مستهلها أن “العلمانية لا تعني معارضة الأديان وفرض الرأي على الأغلبية”.
وأوضح أنه “ليس ثمة تناقض بين أن أكون علمانيا ومسلما في الوقت نفسه، من منطلق إيماني بعدم الخلط بين السياسة والدين وخصوصا في الانتخابات حتى أكون دقيقا وواضحا”. وحسب تدوينة الصحافي المغربي، فـ”في المغرب الوضع مختلف، لأننا ملكية ولدينا مؤسسة إمارة المؤمنين، كما أن المؤسسة الملكية فوق كل الأحزاب، وبالتالي ترك لها الحقل الديني في أبعاده وروافده المتعددة، أي ديانات التوحيد”.
وشدد صاحب التدوينة على أنه “لست ولن أكون أبدا ضد حق الأخت مايسة سلامة الناجي في اختيار معتقداتها، لكنني ضد محاولة فرض رأي مفرد على أغلبية دينها الإسلام”.
وكتب الباحث عبد الجليل أميم تدوينة جاء فيها “مايسة سلامة الناجي تقول في رسالة بعثت بها إلى أمير المؤمنين إنها موحدة غير مسلمة وتطالب بقانون خاص بهذه الفئة وتؤكد أنها تختار العيش في مجتمع ديموقراطي، وعليه، أقول لها ببساطة ستخضعين مثل غيرك لقانون المغاربة المسلمين باعتبارهم يشكلون الأغلبية كما يخضع المسلمون في أمريكا وأوروبا لقوانين البلدان التي يعيشون فيها، لأن أهلها أغلبية وفلسفتهم في الحياة هي التي تؤطر علاقاتهم وفق المنطق الديموقراطي، أما هذه الفئة التي تتحدثين عنها فما عليها إلا اللجوء إلى الديموقراطية وتأسيس حزب وتعمل على تغيير رأي الأغلبية المسلمة بأدوات ديموقراطية، غير هذا شعوذة”.
وختم تدوينته بالقول “مرحبا بحزب الموحدين غير المسلمين. نحن في انتظاركم لكي تهدونا السبيل”.
من الردود الرصينة إلى الهجوم أرض جو على مايسة سلامة الناجي، وكانت صفحة تسمى “صفحة الشعب” في توقيت الكتابة عن ردود مغاربة التواصل الاجتماعي، بعنوان مثير أيضا وهو “الهوائية (مايسة سلامة الناجي) تفقد البوصلة كليا: “أنا موحدة ولست مسلمة” ومغاربة يقصفونها:”كتآمني بالله والدين ديالو لا كي درتي ليها؟!!”، بمعنى: تؤمنين بالله ولا تؤمنين بدينه، كيف فعلت ذلك؟.
وننتقل إلى صفحة أخرى هي “أمجاد تطوان (جبالة) التي سارت على درب الهجوم المباشر حين أشارت في العنوان إلى أن “المدعوة مايسة سلامة الناجي نشرت تدوينة فيها: أنها غير مسلمة وبمعنى أوضح أنها ارتدت عن الإسلام وأنها لا تعترف بالإسلام”.
وفي تفاصيل الرد، كتبت الصفحة “أن الإسلام ليس في حاجة ان يعترف أمثالك به”. وحسب التدوينة نفسها “فما مثلك ومثل الإسلام إلا كمثل بعوضة نزلت على ظهر نخلة… فلما أرادت البعوضة الرحيل قالت للنخلة: أيتها النخلة استمسكي بنفسك فإنني راحلة عنك، فردت عليها النخلة قائلة: أيتها البعوضة لم أشعر بك وأنت تعيشين فوق ظهري فكيف أشعر بك وأنت راحلة عني”.
صفحة أخرى هي “مغرب مباشر”، طلبت من يشرح لها “كيف يمكن أن تكون موحدا وأنت غير مسلم”، وأضافت “ما هو الإسلام إذن؟”، وختمت بالقول إن هذه السيدة، والقصد مايسة سلامة “بقات تاتقلب دير البوز باش ما كان… باليها البلان دابا فهاد التخربيقة”، بمعنى أنها بحثت عن “البوز” بأي طريقة، ووجدته في هذه المسألة التافهة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: