إلغاء التأشيرة والاتفاقات الاقتصادية يفتحان آفاقا أوسع للتعاون بين نواكشوط والرباط
ماموني
تشهد العلاقات الثنائية بين المغرب وموريتانيا خلال الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا على مستوى التعاون الاقتصادي وتبادل الزيارات الرسمية، إلا أن التوجه نحو إلغاء التأشيرة بين البلدين يعكس تقدما أكبر للعلاقات بين البلدين.
وقال النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين بالمملكة؛ بأن السفارة المغربية لدى موريتانيا تحتل الصدارة عالميا بين سفارات المغرب الأخرى على مستوى منح التأشيرات، حيث تمنح يوميا ما بين 250 إلى 300 تأشيرة ولا يتجاوز وقت انتظار منح التأشيرة 24 ساعة.
وأضاف النعم ميارة؛ في ختام زيارته التي دامت أياما إلى موريتانيا أنه لا توجد في هذه الأثناء أيّ دواع لفرض التأشيرة بين الرباط ونواكشوط.
وأبرز ميارة أن الإعلان عن إلغاء التأشيرة بشكل نهائي سيقرر خلال لقاءات تتم على المستويات التنفيذية في نواكشط والرباط.
حميد شبار: موريتانيا بوابة المغرب إلى أفريقيا، والمغرب بوابة موريتانيا إلى أوروبا
كما أشار إلى وجود تطورات ملموسة فيما يرتبط بمنح تأشيرة دخول المغرب إلى الموريتانيين، إذ لم يعد هناك وقت طويل للانتظار، إضافة إلى منح رجال الأعمال الموريتانيين تأشيرات طويلة الأمد قد تصل إلى سنتين.
ويربط مراقبون بين هذا التوجه وما تشهده علاقات البلدين من تطور لافت على مستوى التعاون الاقتصادي وتبادل الزيارات الرسمية، ما يخدم أساسا التقارب لحصول توافقات وتفاهمات في وجهات النظر حول قضايا اعتبرت في السابق سبب توتر أو جمود في العلاقات الثنائية وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية.
وأكد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريح لـه أن التعاون بين المملكة المغربية وموريتانيا ضمن مجموعة دول الساحل والصحراء هو السبيل الوحيد الممكن لمواجهة كل التحديات المفروضة في المنطقة اقتصاديا وأمنيا، مع تطوير رؤية استراتيجية في المجال الأمني والاقتصادي، والانكباب على التحديات الرئيسية التي يجب مواجهتها من بين المخاطر والتهديدات المتعددة التي تعرفها المنطقة.
ونظرا للفرص المتاحة لتشكيل حزام استراتيجي حيوي بين البلدين، دعا ميارة إلى “إحداث المنتدى الاقتصادي البرلماني المغربي – الموريتاني، الذي سيكون فرصة حقيقية من أجل التعريف بالمؤهلات الاستثمارية في البلدين، ولجلب رؤوس الأموال والخبرات من الجانبين وبالتالي النهوض، سويا، باقتصاد البلدين لمواجهة التحديات المقبلة وعلى رأسها إشكالية الأمن الغذائي التي تهدد منطقة الساحل والصحراء”.
وترجمة لطموح البلدين في زيادة الزخم الاقتصادي والدبلوماسي، أتاحت نواكشوط للشركات المغربية ورجال أعمال مغاربة، قبل أشهر، الحصول على تأشيرة أعمال متعددة الدخول إلى موريتانيا صالحة لمدة عامين، لإزاحة أيّ عراقيل قد تواجه المستثمرين المغاربة، ولتعزيز آليات الشراكة بين الفاعلين في القطاع الخاص في البلدين.
وكخيار استراتيجي يدعم المصلحة العليا للبلدين، أبرز النواب الموريتانيون أهمية الاستفادة من التجربة المغربية في عدد من المجالات الاقتصادية والبنيات التحتية، لاسيما الزراعة، داعين في هذا الإطار إلى تشجيع المستثمرين المغاربة للاستثمار في هذا المجال بموريتانيا التي تتوفر على مؤهلات هامة جدا كالأراضي الخصبة والمياه، كما أشاروا إلى قطاعات أخرى يمكن أن تكون مجالا لاستثمارات واعدة منها التعدين.
وإلى جانب العامل الاقتصادي هناك مشاريع اتفاقيات وبرامج تنفيذية تم توقيعها بين البلدين في العديد من المجالات كالزراعة والنقل والطاقة والمعادن والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني والتشغيل والضمان الاجتماعي وحماية البيئة والتنمية المستدامة والإسكان والثقافة والشباب والرياضة والنهوض بأوضاع المرأة والأسرة والرعاية الاجتماعية.
وفي السياق ذاته أشاد سفير المملكة بموريتانيا حميد شبار من مقر البرلمان الموريتاني بمتانة العلاقات الثنائية، داعيا إلى بناء شراكة قوية وتضامنية بين البلدين، مؤكدا أن طموح المغرب ليس في بناء علاقات تقليدية بين البلدين، ولكن الطموح يتجاوز ذلك نحو بناء شراكة قوية استثنائية وتضامنية تستحضر مصالح الطرفين وتتطور في إطار رابح – رابح.
التعاون بين المملكة المغربية وموريتانيا ضمن مجموعة دول الساحل والصحراء هو السبيل الوحيد الممكن لمواجهة كل التحديات المفروضة في المنطقة
وأكد محمد أشلواح، أستاذ العلاقات الدولية، في تصريح لـه أن المغرب وموريتانيا يشتركان في عدة نقاط من بينها الموقع الجغرافي والعمق التاريخي والانتماء العقائدي والديني، علاوة على المصالح الاستثمارية والاقتصادية والسياسية المتقاطعة والمتداخلة، لهذا يعتقد أن تطوير تلك العلاقات في إطار التحديات القائمة يقوم على تكثيف التعاون الاقتصادي وزيادة حجم الاستثمارات المغربية المبنية على قاعدة رابح – رابح.
ويرى السفير المغربي بنواكشوط، أنه للدفع بهذه العلاقات نحو أفق الشراكة وتحقيق اندماج اقتصادي لا بد من إعطاء دفعة قوية للاستثمار في قطاعات تعتبر أولوية بالنسبة إلى البلدين معا، معتبرا أن الجوار والموقع الاستراتيجي للبلدين، بالإضافة إلى التكامل الاقتصادي، كلها عوامل تعد بمستقبل واعد للعلاقات الثنائية بين البلدين، موضحا أن موريتانيا هي بوابة المغرب نحو أفريقيا والمغرب بوابة موريتانيا نحو أوروبا.
ولهذا يؤكد محمد أشلواح أن المغرب سيستفيد من بوابة الاقتصاد لتطوير علاقات قوية ومتقدمة مع نواكشوط، على غرار دول غرب أفريقيا التي باتت تساند الرباط في قضاياه خاصة قضية الصحراء المغربية كما تتبنى وتتقاسم نفس المواقف تجاه قضايا إقليمية ودولية.
ويعتبر المغرب المستثمر الأفريقي الأول في موريتانيا حيث بلغ رصيد الاستثمار أكثر من 600 مليون دولار، كما يتزايد حضور استثمارات القطاع الخاص المغربي في السوق الموريتانية خاصة في قطاع الاتصالات والبنوك والأشغال الكبرى والفلاحة والاستصلاح الزراعي والصيد البحري وغيرها من المجالات.