تواجه الحكومة المغربية موجة احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة ما يعكس ضعف أدائها الاقتصادي الذي يرجعه مراقبون إلى تذبذبهاالسياسي ولعبها على حبل التحالفات الحزبية، ما أفقدها تقة المواطن المغربي .
– يشهد المغرب تصاعدا لافتا في وتيرة الاحتجاجات على غلاء الأسعار وباتت تتصدر الحراك الشعبي في وقت تواجه فيه الحكومة المغربية واحدة من أسوأ الانتفاضات الشعبية.
وسجلت المواد الأساسية والغذائية والمحروقات وغيرها ارتفاعا قياسيا في أسعارها خلال الأشهر الأخيرة في ظل ركود اقتصادي تشهده الأراضي المغربية نتيجة الأزمة المالية الحكومية وتأثيرات أزمة فايروس كورونا فضلا عن الحرب الروسية على أوكرانيا.
واحتجاجا على ذلك تنظم مجموعات شبابية ونقابات تظاهرات واعتصامات في عدد من المدن من بينها الدارالبيضاء التي تعد مركز الأنشطة الاقتصادية في المغرب.
ويقول الصحفي بوشعيب البازي إن دعوات الاحتجاج تلقى تجاوبا متزايدا من العشرات من العمال الذين يتركون أعمالهم للنزول إلىالشارع والتعبير عن استيائهم مما وصلت إليه الأحوال الاقتصادية المتردية.
ويوضح البازي أن المغرب يشهد ارتفاعا قياسيا في الأسعار طال جميع السلع الاستهلاكية في غياب رقابة حكومية فاعلة وعدم التدخلالحاسم لضبط المشهد التجاري، وفي مقابل رواتب ثابتة لا تسد المتطلبات المعيشية. ويشير إلى أن سعر لتر البنزين ارتفع إلى حواليدولارين وهو ما يزيد الأعباء الاقتصادية المتردية أصلا.
ويقول البازي إن الاحتجاجات على غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار يتم الحشد الشعبي لها على مواقع التواصل الاجتماعي بجهد شبابيونقابي.
ويبرز البازي أن الاحتجاجات تأتي “رفضا لتنصل الحكومة من اتفاقياتها بشأن دعم السلة الغذائية للمواطن، والصمت على رفع الأسعارالذي طال غالبية المواد الأساسية والغذائية”.
ويعتبر البازي أن “من واجب الحكومة إيجاد الحلول اللازمة لغلاء المعيشة الحاصل في ظل عجزها عن سداد الرواتب كاملة للموظفين أوتوفير فرص عمل، وإلا فإن عليها الرحيل”.
وبينما يربط مسؤولون حكوميون غلاء المعيشة بالتطورات الاقتصادية العالمية، يقول نقابيون إن الارتفاع الحاصل في أسعار السلعالأساسية في الاسواق المغربية لا يتناسب مع الارتفاعات العالمية بحيث يصل إلى ما بين 25 و30 في المئة.
ويعود هذا الارتفاع الكبير في قيمة العجز التجاري إلى قفزة في قيمة الواردات، جراء الارتفاع الكبير في أسعار السلع، خصوصا السلع الغذائية مثل الحبوب والزيوت النباتية والمحروقات.
ورغم أن المغرب ينتج 100% من احتياجاته الوطنية من الخضر والفواكه والسمك فإن أسعار هذه المواد تظل مرتفعة بالبلاد، مقارنة مع الدول المجاورة للمملكة بشمال إفريقيا.
وإذا كان المغرب بلداً زراعياً ويمتلك ثروة مهمة ومتنوعة من الأسماك، جعلته من المصدرين الرئيسيين في العالم لنوع “السردين”، لكن أسعار هذه المنتجات تظل مرتفعة داخل السوق الوطني.
فما أسباب هذا الارتفاع غير المسبوق في أسعار عدد من المنتجات الغذائية، إلى جانب الزيادة في ثمن المواد الطاقية، رغم انخفاض ثمنها على المستوى العالمي؟
ويقول البازي إن الارتفاع الحاصل في الأسعار الأساسية يفوق بشدة القدرة الشرائية للمستهلكين في ظل غياب حلول حكومية خلاقة لمعالجة الأزمة.
ويتابع البازي“في السابق كان المواطنون يشترون السلع بكميات قد تزيد عن حاجياتهم أحيانا، أمّا اليوم فيقتصرون على ما هو ضروريفقط وما تسمح به ميزانيتهم الضعيفة“.
ويؤكد أن كثيرا من المغاربة يأتون إلى السوق ثم يعودون بالقليل مما يحتاجون ولا تسمع منهم إلا الشكوى من غلاء الأسعار، ويقول إنهمكانوا في البداية يلقون باللائمة على التجار، أما اليوم فصاروا يعرفون أنهم كلما ناموا يجدون أسعارا أخرى في الصباح.
ويشير إلى أن المواطن المغربي تأثر سلبا بتداعيات حرب أوكرانيا، وينبه إلى أن الاحتجاج الشعبي المتصاعد سببه بشكل أساسي الغضبمن تآكل الطبقة الوسطى واتساع قاعدة الفقراء ومحدودي الدخل في المجتمع في غياب أي نوع من المساءلة والرقابة البرلمانية للأداءالحكومي.
وحَمَّلَ البازي الحكومة مسؤولية ما تعيشه البلاد من فوارق اجتماعية وتآكل الطبقة الوسطى في السنوات الأخيرة وذلك في ظل تراجع قدرتهاالشرائية بفعل ارتفاع الضريبة على الدخل وغلاء كلفة المعيشة وأسعار المحروقات.
واتهم البازي الحكومة بالرضوخ لشركات المحروقات التي يمتلكها رئيس الحكومة و التي راكمت أرباحا كثيرة، بينما الحكومة لم تتحركلمواجهة ذلك، ولم تستخدم القوانين التي تحوز عليها، لإيقاف هذه الشركات، مشيرا الى ان رئيس الحكومة عرف كيف يسكت الصحفيين والبرلمانيين و غيرهم من المنتقدين للشأن العام بالمغرب.
ويعتبر الصحفي بوشعيب البازي لجوء عدد من الدول بعد الحرب الأوكرانية الروسية إلى التخزين، ومنها الصين التي تخزن حوالي 65% من حبوب الذرة، و60% من الأرز، و50% من القمح من أصل الإنتاج العالمي، (يعتبره) من العوامل الرئيسية التي أدت إلى ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي.
ومن ضمن العوامل أيضاً التي تسببت في غلاء الأسعار في المغرب، يضيف البازي، ارتفاع تكاليف النقل، بسبب تصاعد سعر المحروقات، لهذا بدأت الحكومة في صرف دعم مالي يتراوح ما بين 1000 و7 آلاف درهم للعاملين في قطاع النقل، للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار الوقود.
ورغم انخفاض ثمن برميل النفط على المستوى الدولي لم ينعكس ذلك على مستوى السوق الداخلي بالمغرب، حيث تواصل ارتفاع أسعار “الغاز” و”البنزين”، والتي تجاوزت.17 درهم للتر الواحد .
هذا الارتفاع فسره البازي بـ”إشكالية مدة العقود ما بين الشركات داخل المغرب وعلاقتها بالخارج، والتي يتم من خلالها تحديد الثمن”.
وتابع المتحدث أنه “بعد تغييب شركة تكرير النفط الوحيدة في المغرب، أصبح ثلاثة فاعلين اقتصاديين يتحكمون في حوالي 80% من المحروقات، وهم الذين يقررون السعر، وما دامت لا توجد منافسة قوية فإنه طبيعي ألا يستفيد المواطن من أي تراجع للأسعار”.
وأضاف المتحدث أنه “عادة ما يكون هناك احتمال للخسارة، ولكن ما دامت الشركات اشترت المحروقات بثمن مرتفع ثم انخفض ثمنه على المستوى الدولي، كان من الأجدر أن ينخفض، لكن هذه الشركات لا تعرف سوى الأرباح، والتي تضاعفت بعد التحرير بنسبة 14%”.
ودعا البازي الحكومة إلى إخراج النصوص المتعلقة بتطبيق قانون “الهيدروكاربور”، الذي تعاقبت عليه ثلاث حكومات “لتحديد من المسؤول عن هذا الارتفاع”، حسب قوله.
فيما اعتبر الصحفي بوشعيب البازي ، أن المبررات التي يقدمها المهنيون بأن تأثير الانخفاض على الأسعار قد يأخذ وقتاً أكبر بالنسبة للمحروقات، و”استغلال المستهلك” لا يجب السكوت عنه.