التقلبات الاقتصادية الدولية لا تؤثر على سير المشاريع التنموية بالمغرب

يوسف الفرج

حكومة عزيز أخنوش تبذل ما في وسعها لمواجهة الأزمات المرتبطة بغلاء الأسعار والمضي في المشاريع التنموية والإصلاحية رغم التقلبات الاقتصادية العالمية، فيما تستغل المعارضة ملف الغلاء لممارسة ضغوط على الحكومة دون النظر في الأسباب الخارجية والواقعية للأزمة.

تسعى حكومة عزيز أخنوش جاهدة لإثبات جدارتها في مواجهة الأزمات المرتبطة بغلاء الأسعار وما ترتب عليها من ارتفاع ثمن المحروقات وضعف المقدرة الشرائية للمواطن، فيما تركز المعارضة على انتقاد سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية مستغلة ملف الغلاء دون النظر في الأسباب العالمية للأزمة.

واستغل عزيز أخنوش رئيس الحكومة لقاءه مع أكينومي أديسينا رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية الأربعاء ليوضح أن حكومته حافظت رغم التقلبات الاقتصادية العالمية على استمرار المشاريع الإصلاحية الهيكلية وفق جدولها الزمني، فضلا عن استمرار الدعم للبرامج الاجتماعية سواء في مجال الصحة أو التعليم أو الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى استمرار تخصيص دعم إضافي للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن في ظل ارتفاع أسعار مجموعة من المواد الأولية على الصعيد العالمي.

الحكومة المغربية ركزت على التقدم الحاصل في القطاع الصحي، بعدما تحركت وزارة الصحة لتوقيع تفاهمات مع النقابات

وفي السياق ذاته أكد رئيس الحكومة بأن المغرب مستمر في تنفيذ مختلف التزاماته في ما يخص برنامج تحدي الألفية، الموقع بين حكومة المملكة المغربية ونظيرتها الأميركية ممثلة بـ“هيئة تحدي الألفية”، منوها في نفس الوقت بالتقدم الملحوظ المسجل على مستوى تنفيذ مختلف المشاريع التي يشملها برنامج التعاون “الميثاق الثاني”.

وأكد أخنوش أن موضوعات الميثاق توجد في صلب أولويات الحكومة، والمتمثلة في التربية والتكوين، الشغل وإنتاجية العقار.

كما ركزت الحكومة على التقدم الحاصل في القطاع الصحي بالمغرب، بعدما تحركت وزارة الصحة لتوقيع تفاهمات مع النقابات الكبرى في إطار مشروع الحماية الاجتماعية، حيث أشار وزير الصحة خالد آيت الطالب الأربعاء إلى أن المقاربة التي سيُبنى عليها الإصلاح الجديد لقطاع الصحة في المغرب سترتكر بالأساس على البُعد الجهوي؛ وذلك من خلال خارطة جهوية سيتحدد على أساسها توفير حاجيات كل جهة، سواء في ما يتعلق بالموارد البشرية، أو الوسائل اللوجستية، وكذلك الاستثمار في القطاع.

وفي المقابل تسعى المعارضة المغربية لحشر الحكومة في الزاوية وذلك من خلال استغلال أزمة الغلاء لممارسة ضغوط عليها وهو ما يلاحظ من خلال تصريحات وخطابات بعض القيادات المعارضة.

ولم تقتنع المعارضة بإجراءات الحكومة حيث اتهمتها بأنها تختبئ وراء مشاريع دولة لها برنامجها الزمني، كما انتقدت المعارضة السياسية والنقابات استمرارَ الغلاءِ الفاحشِ لأسعار المحروقات، على الرغم من انخفاض أسعار البترول في السوق الدولية، وانعكاس ذلك على أثمان معظم المواد الاستهلاكية، بما يُفاقم القدرة الشرائية للمغاربة، وعدم تحرك الحكومة بشكل ملموس وقوي إزاء الأوضاع الاجتماعية المتدهورة.

ولفتت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية بجامعة الرباط إلى أن على الحكومة أن تقابل التحديات الحالية بمسؤولية مع ضرورة ابتكار آليات دعم، خاصة أنها سارعت إلى التصريح باستبعاد إمكانية الرجوع إلى دعم المحروقات عبر صندوق المقاصة (صندوق الدعم الاجتماعي).

وشددت لموير في تصريح لـها على أن حكومة أخنوش مطالبة اليوم بالتعامل بالواقعية والمسؤولية التي كانت قد رفعتها كشعار في حملتها الانتخابية وأن تفاقم الوضع حاليا ليس من مصلحة هذه الحكومة ولا حتى لصالح الوطن ككل.

غلاء فاحش يرهق جيب المواطن ويحرج حكومة عزيز أخنوش
غلاء فاحش يرهق جيب المواطن ويحرج حكومة عزيز أخنوش

وكي لا تختبئ الحكومة وراء العناوين الكبرى للإصلاحات، جدّد المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المعارض رفضه لـ”وقوف الحكومة في موقف المتفرج على معاناة المواطنات والمواطنين، إما بِفعل دوغمائية قرارها الاقتصادي، أو بسبب ضعف تقديرها السياسي لدقة وحساسية الأوضاع، أو من جراء عجزها”، مجدّدا مطالبته أيضا بأن تتخذ الحكومة تدابير ملموسة لمواجهة غلاء أسعار المحروقات، كما فعلت العديد من البلدان الأخرى.

في المقابل ودفاعا عن رئيس الحكومة أعرب أعضاء المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار عن دعمهم لمجهودات الحكومة في مواجهة تداعيات الأزمات والإكراهات ‏المرتبطة بها، وكذا في تنفيذ مختلف التزامات الحكومة من خلال اتخاذ جملة من الإجراءات بهدف المحافظة على القدرة ‏الشرائية للمواطنين، ومواجهة مختلف التداعيات السلبية لأزمات جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية وضعف التساقطات‎.‎

وأوضح مصطفى بايتاس الناطق باسم الحكومة بأن الحكومة لم تتذرع بالأزمات ولم تختر الحل السهل بل حافظت ‏الاستثمارات من أجل تنفيذ التزامات الحكومة، على عكس سنة 2014 التي استشهد بها، على اعتبار أن الحكومة السابقة قامت ‏بإلغاء 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار مما تسبب في وقف ‏مجموعة ‏من الأوراش، ومشددا على مواصلة تنفيذ الأوراش ‏الأولوية منها الشغل والصحة والتعليم‎.‎

رئيس الحكومة يؤكد بأن المغرب مستمر في تنفيذ مختلف التزاماته في ما يخص برنامج تحدي الألفية، الموقع بين حكومة المملكة المغربية ونظيرتها الأميركية

وفي الوقت الذي تدافع فيه الحكومة عن إنجازاتها انتشر هاشتاغ بوسائل التواصل الاجتماعي موجه للحكومة لأجل التدخل بتخفيض أثمان المحروقات التي أثرت على القدرة الشرائية للمواطن المغربي.

وأكد القيادي النقابي رحال لحسيني، في تصريح لـها، أن الانتقادات واقعية للمطالبة بتخفيض أثمان المحروقات لما يترتب عنها من ارتفاع أسعارها من زيادات في مختلف المواد والسلع الأساسية، موضحا أن هاشتاغ الغلاء هو محاولة مهمة لإثارة انتباه الحكومة إلى استياء ونبض المواطنين وإلى ضرورة التفاعل مع تذمرهم.

وتدخل أحمد الحليمي المندوب السامي في التخطيط على الخط عندما أكد أنه يجب تسريع الإصلاحات التي تضمنها تقرير النموذج التنموي الجديد وعلى رأسها إصلاح الإدارة، مشيرا عند تقديمه مؤخرا الآفاق الاقتصادية لعامي 2022 و2023، إلى أن المغرب يوجد في سياق غير مسبوق، سيكون له ما بعده، وأن الكثير من التحديات ستظل قائمة من التضخم، والتغيرات المناخية، وتكاليف الطاقة، زيادة على ارتفاع كلفة الرساميل، داعيا إلى قول الحقيقة كاملة من قبل مدبري الشأن العامة، (الحكومة) وقبول النقاش والعمل في إطار الشفافية.

وكإجابة على ما قاله الحليمي، استعرض الناطق الرسمي باسم الحكومة بالأرقام بعض الإجراءات الإيجابية في ما يتعلق بتدعيم دولة الحماية الاجتماعية، حيث قامت الحكومة ‏‏بالرفع من ‏ميزانية الصحة بـ3 مليارات لتصل إلى 23.5 مليار درهم، كما تم الرفع من الميزانية المخصصة لقطاع التربية ‏الوطنية ‏لتبلغ ‏‏62.5 مليار درهم، أي بزيادة 6.1 في المئة، مع الرفع من ميزانية الاستثمار بقطاع التعليم بـ40 في المئة.‎

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: