المغرب يترجم رؤيته الاستثمارية بتعزيز بنيته الصناعية

ماموني

سرّع المغرب من وتيرة خططه المتعلقة برؤيته الاستثمارية المستقبلية التي يشرف عليها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتنمية هذا المجال، وجعله أكثر تنافسية بما يترجم البرامج والخطط الرامية إلى تحقيق استدامة الأعمال، وخاصة في القطاع الصناعي الحيوي.

تسعى الحكومة المغربية إلى وضع قوانين تتعلق بإطلاق مناطق صناعية جديدة ومستدامة تلبي احتياجات المستثمرين في سياق تفعيل السياسة الصناعية لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتوازي مع إخراج “ميثاق الاستثمار الجديد” إلى حيز الوجود.

وبموجب قانون صادقت عليه الحكومة مؤخرا، سيوضع مخطط للمناطق الصناعية يحدد التوجهات الاستراتيجية للدولة في ميدان البنية التحتية للقطاع.

ويتكامل هذا المشروع مع قانون ميثاق الاستثمار الذي صادق عليه مجلس الوزراء الأربعاء الماضي برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس، والهادف إلى توجيه رؤوس الأموال نحو القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية وتعزيز مناخ الأعمال.

وكان العاهل المغربي قد أطلق في فبراير الماضي هذا الميثاق في أحد المؤشرات على إمكانية اكتساب البلد ثقة أكبر لدى المؤسسات المالية الدولية في أن يكون مصنفا ضمن الاقتصادات الصاعدة.

ومن المرتقب أن تشرع لجنة القطاعات الإنتاجية بالبرلمان في مناقشة مشروع قانون المناطق الصناعية بهدف تشجيع الاستثمار في المجال عبر توفير الأراضي والعقارات للمشاريع المزمعة.

ويهدف المشروع إلى تعزيز الترسانة القانونية المرتبطة بتهيئة المناطق الصناعية بغرض تحسين جودتها ومكافحة ظاهرة المضاربة العقارية. وأكد وزير الصناعة والتجارة رياض مزور وجود مضاربات تؤدي إلى غلاء العقارات المخصصة للاستثمار بالمناطق الصناعية.

وأشار إلى أن الوزارة تقوم بالتدخل الآن لاسترجاع الأراضي والعقارات التي لم يلتزم أصحابها بإنجاز مشاريع استثمارية عليها.

ويسارع المسؤولون على تهيئة المناطق الموجهة للأنشطة الصناعية، إلى جانب مسؤولي المركز الجهوي للاستثمار في الدار البيضاء، من أجل البحث عن حلول عاجلة لتوفير مناطق بمواصفات عالمية، وبأسعار معقولة لفائدة الشركات الراغبة في افتتاح وحدات جديدة.

وقامت وزارة التجارة بإدماج بنود خاصة باستغلال الأراضي في العقود المتعلقة بإنجاز المناطق الصناعية الجديدة.

وتلزم هذه المقتضيات المستثمرين بالبدء في إنجاز مشاريعهم حسب جدول زمني محدد مسبقا، كما تعمل لجنة محلية مشتركة على بيع الأراضي في مختلف المناطق الصناعية وفق معايير تمكن من إنجاز مشاريع المستثمرين في أفضل الظروف.

وحسب القانون الجديد فإن أي إخلال بأحد البنود سالفة الذكر يترتب عليه إلزام المستثمر بدفع الغرامة، بالإضافة إلى إلغاء تسجيل عقد ملكية الأراضي.

كما سيتم نزع الملكية عن طريق المحكمة بالنسبة إلى الأراضي التي تم تحفيظها من طرف المستثمر وعن طريق اتفاق يتم بين المستثمر والشركة المشرفة على الأراضي التي لم يتم تحفيظها بعد.

وسيمكن مخطط المناطق الصناعية من تحديد حاجيات القطاع فيما يتعلق بعمليات التطوير في كامل البلاد مع الحرص على التموقع الاستراتيجي والقطاعي لتلك المدن المزمع إنشاؤها.

ولإنجاح هذا المسار أطلقت شركة ياسمين للعقار بالدار البيضاء، الرائدة في قطاع العقارات بالبلاد، عملية تسويق أول منطقة صناعية مستدامة لها بمنطقة بوسكورة.

وتحتضن المنطقة 22 وحدة صناعية، مكونة من مبان تمتد مساحتها من 600 متر مربع إلى 2800 متر مربع، ومكاتب من 150 إلى 200 متر مربع، والتي سيتم تسليمها بنهاية هذا الشهر.

ومن المتوقع أن توفر منطقة بوسكورة قرابة 500 فرصة عمل.

وتريد الرباط أن تشكل رؤوس أموال الشركات الخاصة ثلثي إجمالي حجم الاستثمار بالبلاد بحلول 2035، مع إعطاء دفعة قوية للاقتصاد، بالنظر إلى مضامين المخطط التحفيزية المبتكرة التي تهدف إلى تعزيز قطاع الأعمال.

بيئة استثمارية جالبة للمشاريع الكبرى
بيئة استثمارية جالبة للمشاريع الكبرى 

ولهذا ترى أوساط الأعمال المحلية أن الميثاق الجديد يتقاطع مع مخطط المناطق الصناعية، كآلية دعم أساسية للمشاريع الاستراتيجية والشركات الصغيرة والمتوسطة، لإيجاد بيئة محفزة للأعمال ومشجعة وجذابة للاستثمار بالنسبة إلى الاقتصاد مستقبلا.

وسيوضح المخطط التوجهات الاستراتيجية فيما يخص تسويق العقار الصناعي لوضعه رهن إشارة المستثمرين بأسعار تنافسية.

كما سيوضع نظام عام يحدد المتطلبات والمعايير والمواصفات التقنية المتعلقة بتهيئة المناطق الصناعية والقواعد القانونية المنظمة لتطويرها وتسويقها.

ويطالب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أكبر تجمع للشركات بالبلاد، بالتدخل لضبط أسعار الإيجارات أو شراء العقارات الخاصة باحتضان الأنشطة الصناعية، الشيء الذي سيساعد المستثمرين على فتح وحدات صناعية تنافسية بالعديد من المناطق الصناعية.

30 مليون دولار رصدها صندوق المناطق الصناعية المستدامة بهدف تحسين إنتاجية الشركات

ولكن مزور دافع بوجه ذلك قائلا إن “الدولة تمنح كل الدعم لتوفير المناطق الصناعية بأسعار مناسبة”، مشيرا إلى وجود مشاكل تتعلق بأسعار العقارات ببعض المناطق رغم مساهمة الدولة.

ويدعم صندوق المناطق الصناعية المستدامة المحدث بالتعاون مع الحكومة تعزيز نموذج المناطق الصناعية المستدامة والإسهام في تحسين إنتاجية الشركات بيئيا واجتماعيا، بأموال تبلغ نحو 30 مليون دولار.

ويأتي ذلك بهدف تطوير المعروض من الأراضي الصناعية التي تستجيب لحاجيات المستثمرين من حيث الموقع وجودة البنية التحتية وتوفير خدمات المواكبة واعتماد أسعار تنافسية، ليسهم بذلك في الرفع من الاستثمارات الخاصة وتوفير المزيد من فرص الشغل.

وستمكن توسعة المنطقة الصناعية لبوزنيقة وحد السوالم وساحل لخيايطة، التي انطلقت في مارس الماضي، من تعزيز عرض العقارات الصناعية بجهة الدار البيضاء – سطات القطب الصناعي الأول بالمغرب.

ومن المرتقب أن تستقبل هذه المناطق الصناعية الثلاث التي تمتد على مساحة إجمالية تناهز 136 هكتارا، قرابة 500 شركة صناعية باستثمارات إجمالية تقدر بنحو 486 مليون دولار مع توفير نحو 27 ألف فرصة عمل مباشرة.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن استثمارات شركات القطاع الخاص تشكل نحو ثلث الاستثمارات الإجمالية بالبلاد، فيما تسعى الرباط إلى رفع حصتها لتستحوذ على الثلثين بحلول العام 2030.

وكان محافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري قد ربط في فبراير الماضي المساعي الحكومية نحو تحقيق معدلات أعلى من النمو الاقتصادي بمسألة مهمة تتعلق بتسريع وتيرة تنمية الاستثمارات وتحفيز الأعمال بشكل أكبر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: