وصل محمد عامر إلى بروكسيل سفيرا للملكة المغربية وهو محمّل بأفكار عن الدولة والحقوق والديمقراطية وممارسة سياسية في حزبالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، عتيد وتكوين أكاديمي رفيع في الشأن الدستوري، تحدث كثيرا عن ثورات الربيع العربي والدولة والسلمالأهلي والذي كانت انطلاقتها كوزير للجالية المغربية المقيمة بالخارج، دخل اختباراً حقيقياً في الحقل الدبلوماسي وتمثيل دولته التي هيالأخرى واكبت ما حدث في جل الدول العربية قبل خمس سنوات تقريبا، بروح من المسؤولية في التعاطي مع المطالبة بالحريات والمزيد منالديمقراطية.
تم اختيار محمد عامر في العام 2016 ليكون ضمن طاقم سفراء ممثلا للمملكة المغربية بالعاصمة الاوروبية ، وقد جاء هذا الاختيار في وقتعصيب بالمنطقة والتحديات السياسية والصحية والاقتصادية التي تواجهها دول المنطقة، فالثقة الملكية في هذه الشخصية لم تأت من فراغ،فالرجل يملك حسا ديمقراطيا ومواصفات رجال الدولة وإيمان بالأدوار التي تلعبها المؤسسة الملكية كصمام أمان واستقرار ليس فقط فيالمغرب ولكن داخل المنطقة كذلك.
مسار سياسي
الأستاذ الجامعي بجامعة بكلية الآداب و العلوم الانسانية بفاس حصل على درجة البكالوريوس في الجغرافيا من كلية الآداب والعلومالإنسانية بفاس عام 1979. ثم حصل على دكتوراه الدولة من جامعة تولوز جان جوريس سنة 1989 في التخطيط الحضري، ودرجةالدكتوراه السلك الثالث في الجغرافيا والتخطيط من الجامعة نفسها.
ألّف عددا من المقالات والمنشورات حول مسائل المدن والتنمية الإقليمية، وهو عضو في العديد من شبكات البحوث على الصعيدين الوطنيوالدولي، وعضو في جمعية الجغرافيين المغاربة، وعضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومُشارك في العديد منالفعاليات والمؤتمرات العلمية الوطنية والدولية.
في 15 أكتوبر 2007، تم تعيينه وزيرًا منتدبا لدى الوزير الأول، المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، في حكومة عباس الفاسي، يؤمنبأهمية وحيوية الوظيفة الاستراتيجية للمؤسسة الملكية المنطلقة من مشروعيتها التاريخية والسياسية، والتي ترتبط عمليا بالحرص علىممارسة الحكومة لصلاحياتها الدستورية المنطلقة من الشرعية الانتخابية، ومن فكرة ربط المسؤولية بالمحاسبة، ذلك أن ملء الحكومة لكاملمساحتها الدستورية، وحده سيسمح ببروز أوضح لوظيفة اليقظة الاستراتيجية للمؤسسة الملكية
كيساري معتدل متشبع بروح اشتراكية اجتماعية حداثية لا يخفي عامر مخاوفه من مخاطر مشروع الإسلام السياسي، ويرى أن مواجهتهتكون بالديمقراطية وحدها، وبواسطة الديمقراطيين، وداخل الشرعية وفي وضح النهار، واعتقاده راسخ بألا بديل عن إعادة بناء المشروعالاشتراكي الديمقراطي، حتى لا يظل المغاربة مطالبين بالاختيار بين اليمين واليمين، وحتى لا يتحول الاتحاد الاشتراكي من قوة رائدة إلىحزب مكمل لمشاريع الآخرين داخل الحكومات أو داخل المعارضة.
السفير عامر يمثل الدولة المغربية والاهتمام الذي يوليه العاهل المغربي الملك محمد السادس لتعزيز العلاقات الممتازة القائمة بين المغرب وبلجيكا، وهو يشتغل على أساس أن هذين البلدين تربطهما علاقات راسخة عبر التاريخ، تقوم على أساس “التقارب الحقيقي”، و تتقوى منخلال تشابه الاختيارات الاقتصادية والديمقراطية والاجتماعية والثقافية الكبرى إلى جانب التوجهات الاستراتيجية للسياسة الخارجيةوالالتزامات الدولية.
بروكسيل على رأي الأولويات
وإذا كانت العلاقات المغربية – البلجيكية مطبوعة بالعراقة والتناظر في مساري بناء الدولة الوطنية وتطلع المجتمعين نحو الحداثة، فقد ذهبعامر إلى بروكسيل حاملا طموح وقيم بلده لتعزيز الصرح الديمقراطي والاعتدال الديني والانفتاح الثقافي، وهو ما تسعى إليه بلجيكا أيضابنخبتها المتنورة، مع حرص البلدين على النهوض بتعاونهما الثنائي إلى أعلى مستوى وذلك خدمة لمصالحهما وللاستجابة لطموحات الشعبيننحو المزيد من التكامل والشراكة.
ومع ذلك لم يتوان المغرب عن العمل على تطوير علاقاته مع بلجيكا ودعم هذا البلد الاوروبي المهم ، وموجات التعاون المغربية مع بلجيكا سواءفي المجال الإقتصادي أو غيره ، يراه عامر بمثابة نمودج إيجابي فيالعلاقات الدولية، وخطوة تؤكد أن العلاقات بين الدول تحكمها كذلكمرجعيات أخلاقية، وقيم التضامن الكونية، وليس فقط المصالح الضيقة والاعتبارات الخاصة والأنانية المقيتة، والحس التجاري، وتسليعالمنتوجات الطبية الوقائية والعلاجية.
و خير دليل الوفد الرسمي الذي زار للمغرب في سنة 2018 الذي تكون من الاميرة استريد و مجموعة من الوزراء الفدراليين والجهويين،وحوالي 400 فاعل اقتصادي بلجيكي يمثلون 251 شركة وذلك في اطار مهمة اقتصادية بلجيكية– مغربية.
وهو كمسؤول ومواطن مغربي يعبّر عن نبض الدولة والشعب المغربي ويترافع من موقعه على وحدة المغرب وعدم استهداف سيادتها و يخصكل خطاباته عن القضية الوطنية، معتبراً أن الاصطفاف مع الأجندات الإقليمية المعادية للمغرب، جعل من فكرة الانفصال فكرة رجعيةبالتعريف، لأن أفقها الوحيد هو التفكيك والتجزئة وعرقلة مسارات الوحدة والتقارب.
وإذا كانت الدبلوماسية هي ذلك الفضاء الواسع من الحكمة وحسن السلوك والتدبير العقلاني لاقتناص المحطات التي تجمع بين الدول وتؤلفبين المصالح، فإن عامر لا يفوت أي فرصة للتعبير عن التقارب البلجيكي – المغربي في اللحظات السياسية والثقافية.
الحداثة والديمقراطية
كما أن عامر يسلط الاضواء أينما حل على القضية الوطنية حيث شدد على “، إن “الوقت قد حان لكي تنخرط أوروبا بشكل أكبر في حلهذا النزاع، وتلتزم بدعم مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية الذي قدمه المغرب“.
وشدد الدبلوماسي المغربي على أن الاتحاد الأوروبي “لا يمكنه البقاء حبيس موقف الحياد السلبي“، مشيرا إلى أنه في مواجهة تحدياتالأمن، والهجرة والمناخ، والتهديدات التي ترخي بظلالها على المنطقة، من مصلحة أوروبا أن يتجاوز المغرب العربي حالة الركود ويستعيدوحدته.
ولا يزال السفير المثقف مقتنعا بضرورة إعادة قراءة تاريخنا الخاص وتجديد فكرنا الديني، ويربط هذا المسار بحركة حقوق الإنسان فيالمغربالتي تشكل اختبارا يوميا للحداثة، وامتحانا مستمرا للقدرة الجماعية على الانخراط في المغامرة الإنسانية، لذلك فطلائعية المطلب الحقوقيداخل مجتمع ما تقع في قلب تحولاته المعقدة نحو الحداثة والديمقراطية والحرية، ولا تغني عن المعركة الثقافية والفكرية الكبرى والجديرةبالأفق التاريخي للدولة وللمواطنة.
كما أن السفير المثقف محمد عامر، هدم كل المزاعم التي روج لها المعتقل السابق في قضايا الإرهاب، علي أعراس، مؤكدا أن ” المعنيبالأمر لجأ قبل اطلاق سراحه، الى تبني حيلة لصرف الانتباه عن مساره الإرهابي من خلال الترويج لادعاءات التعذيب ضد المملكة المغربية”.
وأضاف الدبلوماسي المغربي، في تصريح لقناة بلجيكية بثت ربورتاجا حول علي أعراس، أن “أعراس كان عضوا في حركة المجاهدين، وكانمسؤولا عن العتاد والأسلحة، مشيرا الى أن ” علي أعراس وضع خبرته في مجال الأسلحة رهن إشارة الحركة، كما قام بإدخال أسلحة الىالمملكة من أجل تنفيذ عمليات إرهابية”.
وبناء عليه فوصفة السفير والأستاذ الجامعي، لتدبير تطورات قضية الصحراء المغربية، مؤكدا أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغربفي 2007 يحظى بدعم المجموعة الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي اعتبر في قراراته أن هذا المقترح واقعي وذي مصداقية،في وقت لا زال فيه أعداء الوحدة الترابية للمملكة متشبثون بالحفاظ على الوضع كما هو عليه.