تراهن الأحزاب المشكلة للحكومة المغربية، وعلى رأسها التجمع الوطني للأحرار، على نتائج الانتخابات الجزئية بمدينة الحسيمة ومكناس المزمع إجراؤها يوم الحادي والعشرين من يوليو الجاري، للفوز بمقاعد انتخابية والوقوف في وجه أحزاب المعارضة ومنها الاتحاد الاشتراكي والعدالة
والتنمية.
وتسعى الأحزاب المشكّلة للحكومة، للبرهنة على أن الأزمة الحالية المرتبطة بالغلاء وارتفاع أسعار المحروقات مع حجم الانتقادات التي توجه إلى أدائها الحكومي لا تشكل معيارا سياسيا لإسقاط الحكومة، خصوصا بعد تأكيد تلك الأحزاب جاهزيتها لخوض هذه الاستحقاقات التشريعية.
ويشهد السباق في الانتخابات التشريعية الجزئية في كل من دائرة مكناس والحسيمة، تدافعا سياسيا قويا، حيث تحاول القوى السياسية التقليدية بالإقليم وعلى رأسها الأحزاب المشكلة للحكومة تحصين معاقلها الانتخابية.
أحزاب الحكم تسعى للبرهنة على أن الأزمة المرتبطة بالغلاء وارتفاع أسعار المحروقات لا تشكل معيارا سياسيا لإسقاط الحكومة
وعلى مستوى دائرة مكناس، (وسط المغرب)، يحتد التنافس حول المقعد النيابي الشاغر بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، خصوصا وأن مشاركة أحزاب صغيرة لن تصنع المفاجأة إثر وجود اتفاق مبدئي بين الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي على ترك المجال أمام حزب الأحرار لاستعادة مقعده النيابي بعد قرار المحكمة الدستورية الذي قضى بإلغاء مقعد مرشح الحزب الحاكم بدر الطاهري.
وحسب بيان للتحالف الثلاثي المكون من أحزاب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال والاتحاد الدستوري، بإقليم مكناس، إلى دعم مرشحة حزب التجمع الوطني للأحرار، صوفيا طاهيري، لهذه الانتخابات الجزئية بعد قرار إلغاء مقعد برلماني من طرف المحكمة الدستورية، وأكد البيان الذي توصلت “العرب” بنسخة منه أن القيادات الإقليمية دعت إلى الالتزام بدعم حزب التجمع الوطني للأحرار دون قيد أو شرط.
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل القنيطرة، أنه من الناحية العددية فلا تأثير للانتخابات الجزئية على الأغلبية الحكومية، لكن من الناحية السياسية فإنها تعتبر استفتاء على الثقة في الحكومة ومساندة لها خاصة في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة نتيجة أزمة الغلاء والسخط الشعبي التي تعرفها الفئات الاجتماعية.
وأضاف لزرق، في تصريح لـه أن رهان الأغلبية الحكومية على هذه الانتخابات هو رهان سياسي بالدرجة الأولى، والمعارضة تراهن عليها أيضا لبعث رسائل سياسية مضمونها كون هذه الحكومة تفتقد للسند الشعبي.
ويقول مراقبون إن حزبي الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية سيعملان على استغلال هذه الانتخابات الجزئية بمكناس والحسيمة (شمال المغرب)، بشكل كبير لإضعاف حزب الأحرار خصمهم الموحد، بعد موجة ارتفاع الأسعار والغلاء وخاصة المحروقات، وتزايد النقد لأداء الحكومة ، وهي النقطة التي قد تكون في صالح الحزبين لكسب المزيد من الأصوات.
واستغل عبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، هذه الفرصة بتوجيه انتقادات لاذعة إلى الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي بقيادة التجمع الوطني للأحرار، وقال، السبت، على هامش انعقاد اجتماع للأمانة العامة للحزب، إن هذه الأحزاب عجزت عن الخروج في الحملة الانتخابية الجزئية في كل من الحسيمة ومكناس لمواجهة المواطنين بسبب غلاء الأسعار، وعدم تحقيق الوعود الكبيرة التي قدمت سابقا، مشيرا إلى أن نشطاء حزبه هم الوحيدون الذين حضروا في الميدان في هذه الحملة للتواصل مع السكان.
الأحزاب المشكلة للحكومة المغربية تسعى للفوز بمقاعد انتخابية من أجل الوقوف في وجه أحزاب المعارضة ومنها الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية
ويقول متابعون للشأن الحزبي إن رهان حزب العدالة والتنمية على هذا التذمر الشعبي لكسب أصوات الغاضبين والفوز بالمقعد الانتخابي بالحسيمة سيكون صعبا أمام المنافسة القوية من طرف أحزاب التحالف الحكومي الأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة، خاصة أمام تراجع هياكله التنظيمية بالإقليم بعد هزيمته في انتخابات الثامن من سبتمبر العام الماضي.
وكرد فعل على تحديات المعارضة لحزبه استنكر محمد غياث، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب وعضو المكتب السياسي للحزب، تدني خطاب المعارضة ونقاشه الرديء، فهذه المعارضة حسب قوله تستغل ظرفية الأزمة للمزايدة السياسية على الحكومة بالأكاذيب والافتراءات، مشيرا، في لقاء حزبي السبت، أن المعارضة تتجاهل، كليا، النقاش الجدي البناء الذي يهم قضايا التعليم والصحة والتشغيل، وتمضي في هجومها على الحكومة من أجل تحقيق الانتصارات الوهمية والشعبوية.
وكانت المحكمة الدستورية قضت في أبريل الماضي بإلغاء انتخاب بدر طاهري، عن التجمع الوطني للأحرار عضوا بمجلس النواب على إثر الاقتراع الذي أجري في الثامن من سبتمبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية مكناس، كما أمرت بتنظيم انتخابات جزئية في دائرة الحسيمة شمال المغرب بعد إلغاء أربعة مقاعد برلمانية دفعة واحدة، إثر طعن قدمه عبدالحق أمغار، الذي ترشح في الدائرة نفسها باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث بررت المحكمة قرارها بعدم تقيد المرشحين بضوابط الحملة الانتخابية التي سنتها السلطات العمومية، فيما يخص حالة الطوارئ الصحية خلال التجمعات الانتخابية.