تزامنت الزيارة التي يقوم بها رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي إلى المغرب، من أجل تطوير وتمتين العلاقات الثنائية بين الطرفين، مع نجاح وساطة المغرب في تأمين اتفاق توصلت بمقتضاه إسرائيل والأردن والفلسطينيون إلى فتح جسر اللنبي، المعبر البري الوحيد مع الأردن الذي يمكن للفلسطينيين في الضفة الغربية استخدامه للسفر إلى الخارج، وسيكون هذا الفتح بشكل دائم.
يأتي هذا في الوقت الذي يؤكد فيه مراقبون على أن هذه الوساطة هي امتداد لوساطات ومواقف سابقة تظهر دعم العاهل المغربي الملك محمد السادس للفلسطينيين وانحيازه إلى القضية الفلسطينية والقدس.
ميراف ميخايلي: المغرب هو اللاعب القادر على جمع الفرقاء معا
وقال مسؤول أميركي كبير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية إن المغرب لعب دورًا مركزيًّا في بروز قرار إسرائيل منح الفلسطينيين حق الوصول على مدار الساعة إلى معبر جسر اللنبي.
وكشفت وزيرة النقل الإسرائيلية ميراف ميخايلي أنها كانت “على اتصال بممثلين أميركيين وفلسطينيين ومغاربة لفتح معبر اللنبي الحدودي بين إسرائيل والأردن على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع”، معبرة عن شكرها للعاهل المغربي، رئيس لجنة القدس، والرئيس الأميركي جو بايدن لانخراطهما وجهودهما المتواصلة من أجل السلام والازدهار في الشرق الأوسط.
وقالت ميخايلي “المغرب هو اللاعب القادر على جمع الكل معا وتخفيف المصاعب التي يواجهها الجميع مهما كانت المسألة… لديهم طريقة للتحدث مع الجميع تجعلهم يلتفون حول الطاولة ويتعاونون”.
وأضافت ميخايلي لرويترز في مقابلة بخصوص العلاقات مع المغرب “ليس كل شيء يتعلق بالأمن… هناك اهتمامات تجمعنا ونشترك فيها”.
وأكد محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن الملك محمد السادس، وهو رئيس لجنة القدس، عمل طيلة السنوات الماضية من النزاع على تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما جدد في عدة مناسبات الدعوة إلى إطلاق عمل دبلوماسي قوي من أجل إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، والقطع مع الممارسات التي تعيق التقدم في طريق التسوية وإحلال السلام الدائم، مع رفضه المطلق لكل الإجراءات التي تستهدف الوضع القانوني للمسجد الأقصى والقدس الشريف، أو تستهدف مكتسبات الشعب الفلسطيني.
وأوضح الطيار في تصريح لـه أن “قيام المغرب بتوسيع وتنويع علاقاته السياسية والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابي على القضية الفلسطينية ويساعد على توفير الظروف الملائمة لعودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات، كما يساهم في إعادة بناء الثقة للتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين”.
محمد الطيار: توسيع المغرب علاقاته مع إسرائيل يؤثر إيجابيا على القضية الفلسطينية
ويسير المغرب في علاقاته مع إسرائيل وفق مقاربة واقعية تستحضر الاستقرار الإقليمي كموضوع مهم للغاية لتعزيز السلام بين إسرائيل وفلسطين. وحسب مراقبين تشكل هذه الوساطة مرة أخرى دليلا واضحا على اهتمام الملك محمد السادس بالقضية الفلسطينية ومصالح الفلسطينيين.
ولا تنفصل المناقشات المتعلقة بالتعاون العسكري والأمني بين الإسرائيليين والمغاربة عن رؤية المغرب ومبادراته في ما يخص السلام بالشرق الأوسط، ووساطاته الممتدة لعقود في ملف القدس والقضية الفلسطينية. وسبق لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة أن أكد على أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل يعد عاملا لتعزيز دينامية السلام في الشرق الأوسط.
وتمثل زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي إلى المملكة المغربية، وهي الأولى من نوعها ، حسب مراقبين ثقلا مهمّا في العلاقات الثنائية تتجاوز الحكومات المتغيرة، كون هذه الشخصية تُعتبر ثابتا أساسيا في النظام السياسي الإسرائيلي.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي البريجادير جنرال ران كوخاف لتلفزيون واي نت “من بين الموضوعات التي ستُناقش (في المغرب) هذا الأسبوع تبادل المعارف والتدريب، والقدرة على التدريب معا في مناورات مشتركة، وتطوير الأسلحة ونقل المعرفة وربما ما تعلق منها بالأسلحة أيضا”.
وذكرت صحيفة جلوبس الاقتصادية الإسرائيلية في فبراير الماضي أن شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية المملوكة للدولة ستبيع للمغرب نظام باراك للدفاع الجوي والصاروخي في صفقة قيمتها 500 مليون دولار. ولم تؤكد أي من الدولتين أو الشركة ذلك بشكل علني.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استضاف وحدة كوماندوز مغربية في تدريبات متعددة الجنسيات في يوليو 2021، وأقام علاقات عسكرية مباشرة مع الرباط في مارس 2022، واستضاف الشهر الماضي ضباطا مغاربة كبارا للاتفاق على برنامج عمل مشترك لمدة عام.