حرية الصحافة بالمغرب .. بين أزمة زحف “المؤثرين والمتطفلين” و”الحصار الرقمي”
La rédaction
يخلد المغرب، على غرار سائر بلدان المعمور، كل سنة، اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي مناسبة متجددة لتسليط الضوء على التقدم المحرز في هذا المجال، ولكن أيضا للتأكيد على أهمية صحافة حرة ومستقلة وموثوقة ومسؤولة.
فقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ يوما عالميا لحرية الصحافة، بهدف الاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم وضعية الصحافة في العالم، والدفاع عن استقلالية وسائل الإعلام والصحافيين، وإحياء ذكرى صحافيين فقدوا حياتهم في سبيل القيام بمهاهم في إخبار المواطنين، وواقع حرية الصحافة والصحافيين في العالم.
كما يشكل هذا الحدث مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزاماتها بضمان الحق في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أزمة “المؤثرين والمتطفلين”
على الصعيد الوطني، ينص الفصل 28 من دستور المملكة على أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة. تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به.
يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها. ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل، مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي. وتسهر الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على احترام هذه التعددية، وفق أحكام الفصل 165 من هذا الدستور”.
وفي تصريح صحفي، سلط الأستاذ الباحث بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، محمد عبد الوهاب العلالي، الضوء على التقدم الملحوظ الذي أحرزه المغرب في مجال تعزيز صحافة حرة وموضوعية ومهنية، مشيرا، في الوقت نفسه، إلى أنه ما يزال يتعين تطوير الجهود المبذولة لرفع تحديات الارتقاء الديمقراطي.
واعتبر الخبير في الإعلام والتواصل، ومنسق “ماستر التواصل السياسي والاجتماعي” بالمعهد، أن تخليد هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة يتسم بظرفية ما بعد “كوفيد -19″، والتي تشهد انتشارا مقلقا للأخبار الزائفة وزيادة المنافسة الشرسة بين الصحافة المهنية ووسائل الإعلام الاجتماعي.
وفي معرض الحديث عن الانتشار المكثف للمؤثرين على مختلف شبكات التواصل الاجتماعية، أبرز العلالي الحاجة إلى إدراج التربية على وسائل الإعلام ضمن مناهج المدراس والجامعات، بهدف التوعية بأهمية تحري مصداقية مصدر المعلومة، وبالاختلاف بين الصحفي المحترف والهاوي، مشددا على ضرورة تعزيز مكانة الصحفي في المجتمع.
بدوره، أكد بيير دوتافيرنيي، الخبير في الصحافة والتواصل والمكون بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، في تصريح مماثل، أن التقدم الأبرز كان في الواقع، إدراج مواد تتعلق بالحق في الولوج إلى المعلومات وحرية الصحافة في دستور المملكة.
وفي ما يتعلق بالتكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال، اعتبر دوتافيرنيي أن تطوير مجال الصحافة الإلكترونية عزز، بكل تأكيد، فرص العديد من خريجي معاهد الصحافة للولوج إلى سوق الشغل، غير أنه مهد الطريق أيضا “للمتطفلين على مهنة الصحافة”، الذين يواصلون التكاثر، في ضرب لكل مبادئ الصحافة المهنية.
وفي معرض تطرقه لظاهرة انتشار الأخبار الزائفة، لا سيما خلال فترة تفشي جائحة كورونا، أشار الخبير في التواصل إلى أن الأمر يتعلق بـ “ظاهرة اجتماعية ثابتة منذ الأزل، وأن التقدم التكنولوجي زاد فقط من “سرعتها وشدتها “.
حصار رقمي
شددت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، في رسالة بالمناسبة، على أن الصحفيين يؤدون دورا أساسيا في توفير المعلومات.
وقالت “إنهم يقيمون الحقائق ويحققون في أمرها وينشرونها، وهذا ما يضمن قدرة الناس على اتخاذ قرارات مستنيرة”، مشيرة إلى أن “الصحافة منفعة عامة لا بد لنا من الدفاع عنها ودعمها على هذا الأساس”.
وأبرزت أزولاي أن التكنولوجيا الرقمية تواصل إحداث تغييرات جذرية في المشهد الإعلامي في العالم، فقد مكنت من تبادل المعلومات بطريقة لم نعهدها من قبل، فيسرت بذلك انتشار المعلومات الصحفية عبر الحدود، مؤكدة على أنه يتعين علينا جميعا بذل المزيد من الجهود للتصدي للمخاطر التي ينطوي عليها العصر الرقمي واغتنام الفرص التي يتيحها.
وأضافت “لذا أدعو الدول الأعضاء وشركات التكنولوجيا والأوساط الإعلامية وسائر فئات المجتمع المدني، بمناسبة هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى التكاتف من أجل رسم معالم جديدة للمشهد الرقمي الحالي، بما يضمن حماية الصحافة والصحفيين على حد سواء.”