المشهد الإعلامي بالمغرب مفتقر للاستقلالية ومنابر تعاني لتحقيق الاستقرار المالي
La rédaction
كشف التصنيف السنوي حول حرية الصحافة في العالم الذي تُصدره مؤسسة “مراسلون بلا حدود” أن المغرب تقدم مرتبة واحدة في سلم الترتيب لينتقل من المرتبة 136 العام الماضي إلى 135 هذا العام، وهو الأمر الذي لم يكن كافية لإبعاده عن التصنيف الأحمر الفاتح أي الرابع وما قبل الأخير من التصنيفات الإجمالية لدرجة الحرية، والمرتبطة أيضا بمدى احترام المشهد الإعلامي للتعددية والسياق الاقتصادي الذي يشتغل فيه الصحافيون ومنابرهم.
وقال التقرير إن تعددية الصحافة في المغرب تبقى مجرد واجهة صورية، حيث لا تعكس وسائل الإعلام تنوع الآراء السياسية في البلاد، ويواجه الصحفيون المستقلون والمنابر الإعلامية الناقدة ضغوطاً كبيرة، كما يُنتهك الحق في الحصول على المعلومات أمام آلة الدعاية التي ترمي بكل ثقلها، بينما أصبح التضليل الإعلامي أداة لخدمة الأجندة السياسية لدوائر السلطة.
وأضاف التقرير أنه “أمام هذه الضغوط الخانقة، سقطت آخر قلاع الإعلام المستقل في المغرب بعد أن تم حجب العديد من المنابر و إسكات آخرين، لتُصبح منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المصدر الرئيسي للباحثين عن الأخبار في البلاد”، كما نبّه إلى أن وصول حزب التجمع الوطني للأحرار إلى السلطة وترؤس عزيز أخنوش للحكومة عقب انتخابات 2021 كان له دور سياسي سلبي، حيث إن “مكانته كرجل أعمال قوي تثير مخاوف بشأن إمكانية فسح المجال لظهور تواطؤ كبير بين وسائل الإعلام والقطاعات الاقتصادية”.
ومن الناحية القانونية أوضح التقرير أن الدستور المغربي أكد على حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات، كما يحظر أي رقابة مسبقة وينص على أن “تضمن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري احترام التعددية”، لكن ورغم اعتماد قانون جديد للصحافة في يوليو 2016، بحيث تم إلغاء العقوبات السالبة للحرية بالنسبة لجُنح الصحافة، لا زال اللجوء إلى القانون الجنائي لملاحقة المنابر الإعلامية الناقدة قائما، مبرزا وجود نقص على مستوى الضمانات القانونية بالنسبة لحرية التعبير والصحافة، وما يصاحب ذلك من ضعف في استقلالية القضاء وتزايد في وتيرة المتابعات القضائية ضد صحفيين، ما كرَّس الرقابة الذاتية بين المشتغلين في مجال الصحافة.
واقتصاديا، أبرز التقرير أن الصحفيين المغاربة يعملون في بيئة مضطربة، حيث تعجز وسائل الإعلام عن جذب المعلنين، أما المنابر المستقلة، فإنها تعاني الأمرين من أجل تحقيق الاستقرار المالي الذي من شأنه أن يضمن لها الاستمرارية، وفي المقابل، تنعم المؤسسات الصحفية الموالية للسلطة باستقرار أكبر بفضل سهولة حصولها على الموارد المالية، كما حمل التقرير مسؤولية هذا الوضع للمواطنين المستهلكين للمنتوج الإعلامي، مبرزا أن المجتمع “يستهلك الصحافة المستقلة، لكن دون إبداء استعداده للدفاع عنها، وتتفشى نماذج التضليل الإعلامي السائدة من خلال انتشار ما يُعرف بصحافة “البوز” والإثارة، التي لا تحترم الخصوصية وتحط من صورة المرأة، بشكل عام”.
واعتبرت المنظمة أن الاعتقال دون أمر قضائي والحبس الاحتياطي لمدة طويلة من الممارسات الشائعة في المغرب، مبرزة أنه في السنوات الخمس الماضية، اتخذت القضايا المرفوعة ضد الصحفيين المستقلين طابعاً أخلاقياً، مثل اتهامهم بالاغتصاب والاتجار بالبشر والعلاقات الجنسية غير القانونية وممارسة الإجهاض غير القانوني، علماً أن معظم هذه المحاكمات تصاحبها حملات تشهير من تدبير وسائل إعلام مقربة من دوائر السلطة، مذكرة بأنه في 2020 ناشد 110 صحفيا المجلس الوطني باتخاذ “عقوبات تأديبية” ضد “صحافة التشهير”.