حولت عمليات «الوساطة» في الزواج في مصر، والتي يديرها عدد من المواطنين والوافدين الذين يطلق عليهم «وسطاء الزواج» الى مشاريع ربحية تضخ عليهم مئات الآلاف شهريا. بعض المتابعين لـ (سوق الزواج المفتوح) يعزون انتشار هذه الظاهرة الى ضعف الرقابة على مثل هذه المشاريع التي تقدم نفسها كمشاريع انسانية، الا أنها لا تلبث وأن تتحول الى مصدر لمشاكل اجتماعية تلحق الضرر بمؤسسة الزواج في البلاد. مصدر من السفارة المغربية بمصر يؤيد هذا الطرح ويضيف بقوله «نعم هناك مشكلة كبيرة، تخنق هذا العمل الخيري والانساني، بعد ان تسلل له ضعاف النفوس، الذين يسعون الى الربح المادي من خلاله، وادعوا الى ان يكون هناك تنظيم لهذه العملية، وتوفير جهاز رقابي من الدولة يشرف عليه وكلاء الملك ».
الفتيات وخاصة العوانس والرجال وتحديدا كبار السن اكثر عملاء وسطاء التزويج سخاء، وهو ما تشير اليه (ن.م) احد النساء اللواتي يرغبن الزواج بقولها «الفتيات مجبرات على اتباع هذا الطريق، وخاصة ان المجتمع الان قد تغير، ففي الماضي كان الناس يعرفون بعضهم، ويلتقون وبالتالي يعرفون فتاة كل اسرة، اما الان اصبحت فرص الزواج للفتاة قليلة، و خصوصا عزوف الشباب المغربي عن الزواج بسبب تغيير القوانين بمدونة الاسرة و المشاكل المتراكمة بعد الزواج وهو الامر الذي يجعلها تلجأ الى هذه الطريقة للزواج بغير المغاربة ».
وتسجل النساء العوانس و المطلقات الحضور الاكثر في قوائم المزوجين وهو ما تحدث عنه نفس المصدر بقوله «هناك الكثير من النساء العوانس اللواتي تجاوز سن بعضهن الـ50 عاما وما زلن ابكار، وهناك من وصلت اعمارهن الى 45 وهن في الغالب مطلقات، وكثيرا منهن يوافقن على زواج بمصريين بعد ان فاتهن قطار الـزواج». وتعلق على ذلك (أ.ن) وهي متزوجة وام لثلاثة اطفال بقولها «للاسف هذا حال كثير من الطبيبات، وربما هو ما يدفع البعض الى اللجوء الى خاطبات او وسطاء في الزواج، وخاصة ان مثل هذه الامور تتم تحت ستار من السرية المطلقة». وتضيف «هناك سببان لارتفاع معدل العنوسة بين المغربيات اولهما عزوف الشباب عن الزواج و البطالة و قساوة الظروف الاجتماعية ، حتى بلوغهن سن متأخرة تقل فيها فرص الزواج، والآخر قلة رغبة الرجال في الارتباط بنساء في الاربعينات ».
وفي سباق محموم لحصد آلاف الجنيهات من جيوب «الضحايا» تظهر الخاطبة كمنافس قوي، وهو ما اشار اليه مصدرنا بقوله «المشكلة ليست في مكاتب السمسرة فقط ولكن هناك ايضا الخاطبات اللواتي يحصلن على مبالغ ربما اكبر مقابل زواجات مغربيات لهم اوصاف معينة ومحددة، ولو بحثت لوجدت معظم الضحايا اما عوانس او مطلقات ».
في دهاليز مكاتب السمسرة تعقد صفقات زواج تكاد ان تكون اغرب من الخيال، يشير اليها مصدر الجريدة راحت ضحيتها مغربيان لهن مراكز مرموقة بالمغرب لتتزوج بمصريين تقدموا لخدمتهم كمهندسين و أطباء يعيشون في فيلات و قصور ليتفاجؤوا بأن الشخص بدون عمل و يعيش في أحياء شعبية لتبدأ المعاناة الحقيقية و الاستغلال الجنسي في بلد غريب له عاداته و طقوسه، ومثل هذه الحالات كثيرة». ويضيف «توصلنا بالسفارة المغربية بعدة شكايات من مغربيات يعانون الويل في مصر و يطلبن تدخل السفارة لحل مشاكلهم ، و بعضهم يفضلن الرجوع للعيش في المغرب بطلب من الزوج للبحث عن حياة أفضل ». ويكاد يكون زواج المصريين بالمغربيات في السنين الاخيرة الاكثر من بين باقي الدول ، و هذا راجع للمستوى المعيشي بمصر حيث لا يتقاضى الطبيب الا 3000 درهم للشهر و بإرتفاع عدد السكان بمصر الذي يصل الى 103 مليون نسمة .
هذا ما جعل السلطات المغربية تشدد من إجراءات طلب تأشيرة التجمع العائلي و ملفات الاقامة بالمغرب و خصوصا بعدما تبين إن حـوالـي 20 في المائة من الزيجات بين مصريين ومغربيات فشلت وانتهت بالطلاق، فضلا عن المشكلات القانونية والاجتماعية التي تطول وتتسبب في أضرار نفسية واجتماعية للمغربيات، و خصوصا أن الحصول على فرصة عمل في المغرب، ليس بالأمر السهل، كما أن السفر إليه بغرض الهجرة إلى أوروبا شبه مستحيل، و خصوصا و أن بـعـض الـحـالات الـتـي حـل فيها مصريون بالمغرب للزواج، ووجدوا أنفسهم مقيمين لدى أسر زوجـاتـهـم، دون عمل، مـا يـؤدي إلى تعقد المشاكل، خاصة في حال وجود أطفال، ويتسبب في تفكك الأسرة ومعاناة لا تنتهي للأطفال الأبرياء الذين يدفعون الثمن.
وأوضحت التقارير نفسها أن السلطات المغربية تقوم باتخاذ العديد من الإجراءات للحد من الزواج المختلط، إذ تحرص السفارات المغربية في مصر على التدقيق بشكل كبير لحماية المغربيات من الاستغلال وعدم إعطائهن شهادة “كفاءة الزواج” لإتمام الزواج خارج المغرب، إلا بعد التأكد من حسن نوايا الأزواج وحفظ حقوقهن القانونية بشكل كامل. كما تسمح السفارات المغربية بتأشيرة سياحة فقط للزوج المصري للسفر إلى المغرب (وليس تأشيرة تجمع عائلي)، وهي تأشيرة لا تسمح للزوج بالعمل في المغرب، كما أنه من الصعب تحويل التأشيرة من سياحة إلى تجمع عائلي.