رسم التقري السنوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لسنة 2021 و 6 أشهر الأولى من 2022، صورة قاتمة عن الوضعية الحقوقية بالبلاد، من خلال معطيات رقمية عن مختلف المجالات.
أزيد من 120 معتقلا وعشرات المتابعات القضائية
ووقف التقرير، الذي توصلت أخبارنا الجالية بنسخة منه، على ما وصفه بـ”مجموعة من الخروقات التي مست الحقوق المدنية والسياسية”؛ مؤكدا على أن “السجون لا زالت تعج بالعديد من المعتقلين بسبب آرائهم، الذين تابعت الجمعية حالاتهم، لا سيما أولئك الذين توبعوا وحوكموا ضمن حراك الريف، ولم تشملهم قرارات العفو، أو الذين اعتقلوا على خلفيات تدوينات أو منشورات أو فيديوهات عبر وسائل التواصل الإجتماعي، أو الذين صدرت في حقهم أحكام ثقيلة بعد تفكيك مخيم “كديم ازيك”، أو من تبقى ممن يطلق عليهم “معتقلو السلفية الجهادية””، وأنه إلى حدود شهر شتنبر 2021، أحصي “وجود حوالي 120معتقلا، والعشرات من الإستدعاءات والتوقيفات والمتابعات القضائية”.
استمرار أحكام الإعدام
وشدد تقرير الجمعية الحقوقية نفسه، على أن “المحاكم المغربية لا زالت تصدر أحكاما بالإعدام، ولا زالت الدولة المغربية تمتنع عن التصويت لصالح وقف تنفيذ عقوبة الإعدام رغم أن المغرب أوقف تنفيذ هذه العقوبة منذ قرابة ثلاثة عقود، أي منذ 1993”.
و بخصوص سنة 2021، يضيف المصدر ذاته، فإنه “من خلال التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وكلمة رئيس النيابة العامة في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، فقد كان مجموع المحكومين بالإعدام نهاية سنة 2020 يبلغ 74 شخصا ضمنهم امرأتان، وفي نهاية سنة 2021، بلغ عددهم 78 حالة (حسب المجلس الوطني لحقوق الإنسان) أو 79 (حسب رئيس النيابة العامة)، وبما أنه لم يستفد أحد منهم من عفو و لم تسجل وفاة وسطهم، فيمكن الإستنتاج أن عدد الأحكام بالإعدام الصادرة سنة 2021 هو أربعة أو خمسة أحكام، مسجلة(الجمعية) “حكمين صادرين خلال سنة 2021 بكل من الجديدة وطنجة”.
وفيات في مراكز الإحتجاز والمستشفيات وأماكن العمل وغيرها
وسجل التقرير “21 حالة وفاة في مراكز الشرطة والدرك والسلطات وفي السجون أو بسبب الإحساس بالغبن أو ما يعرف بـ”الحكرة”، أو تدخل القوات العمومية؛ و32 حالة وفاة في المستشفيات والمراكز الصحية والإجتماعية جراء الإهمال الطبي أو الأخطاء الطبية أو ضعف البنية الإستشفائية؛ و93 حالة وفاة في أماكن العمل بسبب غياب شروط السلامة أو أثناء التنقل للعمل”.
كما سجل التقرير الحقوقي نفسه “8 وفيات بسبب لسعات العقارب ولدغات الحيات و عضات الكلاب و السعار؛ و35 وفاة بسبب الإختناق الناتج عن تسرب الغاز أو أحادي أوكسيد الكاربون، و ما يزيد عن 500 حالة وفاة جراء الفيضانات والغرق والحرائق و حوادث السير “الجماعية”، في حين أن “معدل وفيات الأمهات الحوامل بالمغرب يتجاوز 72 وفاة لكل مائة ألف”.
مُدن الشمال تتصدر لائحة حالات الإنتحار
وكشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من خلال تقريرها السنوي، عن الحالات التي تمكنت من تتبعها خلال سنة 2021، خاصة عبر ما ينشر في الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية، وذلك في غياب معطيات رسمية والتي لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من مجموع الحالات، إذ بلغ عددها 168 حالة موزعة على الجهات الإدارية، حيث احتلت جهة طنجة تطوان الحسيمة أعلى نسبة بـ 49 حالة بنسبة 19.64 بالمائة من مجموع حالات الإنتحار”.
استعمال القوة لفض تظاهرات “الأساتذة المتعاقدين”
ورصد التقرير غياب “توثيق أية ادعاءات واضحة وصريحة خلال سنة 2021 بالتعرض للتعذيب، إلا أن العنف المفرط الذي تمارسه القوات العمومية أثناء فضها للإحتجاجات والتظاهرات السلمية، و ما يتسبب فيه من إيذاء واصابات بليغة، يتعدى أحيانا سوء المعاملة ويرقى إلى مصاف التعذيب”.
موردة أن “الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع مسيرات الأستاذات والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وتوضح المستوى الذي قد يصل إليه استعمال القوة، وما يتسبب فيه من مس بالسلامة الجسدية للمحتجات والمحتجين”.
تراجع في حرية الإعلام والصحافة
كما سجل التقرير المذكور، ما عرفه المغرب في عام 2021 من “تراجع استثنائي و غير مسبوق على مستوى حريّة الإعلام والصحافة والتدوين، إذ استمرت الإعتقالات والمحاكمات التي وصفها التقرير بالتعسفية التي طالت الصحفيين والمدونين، في إطار سياق سلطوي موسوم بالقمع والتضييق على الحريّات الإعلامية، إضافة إلى استمرار “إعلام” التشهير، في مُهاجمة الصحفيين المستقلين والسياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان”.
وفيات واكتظاظ بالسجون المغربية
وفي الجانب المرتبط بوضعية السجون، يورد التقرير الحقوقي أن “الساكنة السجنية عرفت سنة 2021 ارتفاعا مقارنة مع سنة 2020، بما يقارب 4000 سجين وسجينة (3947)، أما فيما يخص المحكومين فشهد أيضا ارتفاعا ب 5262 سجينا وسجينة، رغم ظروف الجائحة؛ بينما انخفض عدد السجناء الإحتياطيين سنة 2021 مقارنة بسنة 2020، إذ بلغ 1311؛ وهو مؤشر إيجابي جزئي”، كما أنه “على الرغم من إجراءات العفو، فعدد المحكومين بالإعدام عرف ارتفاعا سنة 2021، أي 79 مقارنة مع 2020 حيث بلغ العدد 73 محكوما بالإعدام”.
مؤكدا أن “ظاهرة الإكتظاظ لا تزال تمثل السمة العامة للسجون بالمغرب، مما يعيق تنفيذ برامج التأهيل و إعادة الإدماج، ويحول دون التمتع بحقوق الإنسان الأساسية، خصوصا الحق في الصحة الجسدية والنفسية والحق في الفسحة الكافية وفي التغذية السليمة والمتوازنة؛ و أنه بالرجوع إلى إحصائيات عدد الوفيات في المؤسسات السجنية، فقد بلغ مجموعه 204 حالة برسم سنة 2021، مقارنة مع سنة 2020، حيث بلغ العدد حينها 213 حالة وفاة”.
نقص مهول في البنيات التحتية لقطاع الصحة
وأوضح التقرير أن “قطاع الصحة في المغرب يعاني من نقص مهول في البنيات التحتية، الذي سيتكرس أكثر مع دخول مشروع “المساعدة الطبية” حيز التطبيق وتكاثر طلبات الإستشفاء، فالمغرب لا يتوفر إلا على 5 مستشفيات جامعية، تعاني بدورها من نقص في الوسائل اللوجستيكية، أو مشاكل في الصيانة أو نقص في الأطر الصحية”.
وخلص إلى أن “عشرات المستشفيات الإقليمية، 39 مستشفى متخصصا و 102 مستشفى عام، والمراكز الصحية، 2689 مؤسسة، بمعدل 12000 نسمة لكل مؤسسة في الوسط القروي و 43000 في الوسط الحضري، التي لم تجدد بناياتها و أجهزتها، منذ عقود خلت، في ظل ضعف الرقابة و انخفاض الميزانيات المخصصة للتسيير و التدبير”.
موردا أن “الأســر المغربية تساهم بـ 57 في المائة من نفقات العلاج، كما صرح بذلك وزير الصحة نفسه، (لا يتوفر المغرب إلا على سرير واحد لكل 1000 نسمة، مقابل 2.2 لكل ألف نسمة في تونس، و7 أسرة لكل ألف نسمة في أوروبا. ولا تبلغ نسبة الإستشفاء سوى 4.7 % بالمغرب، مقابل 14 % في تونس)؛ بالإضافة إلى غلاء الأدوية، حيث تبلغ نسبة الولوج إليها 400 درهم لكل مواطن”.