وضعت السلطات النقدية المغربية قدما باتجاه الترخيص للعملات المشفرة بعدما كان الحديث في الموضوع يثير مخاوف من أن السماح بتداولها قد يؤثر على الاقتصاد ويزيد من الجرائم الإلكترونية.
وتدرس الحكومة منذ عدة أشهر جدوى الترخيص بتداول العملات المشفرة ودراسة مدى قدرتها على دعم الاقتصاد وفي الوقت ذاته لا تضع الدولة ضمن طائلة المخاطر المالية.
وكشف محافظ البنك المركزي المغربي عبداللطيف الجواهري خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الثلاثاء الماضي بالعاصمة الرباط عقب الاجتماع الثاني لمجلس إدارة البنك لهذا العام أن البنك أعد مشروع قانون في هذا الغرض.
وأضاف “نستفيد من دعم تقني من صندوق النقد والبنك الدوليين، ويشتغل معنا مستشار قانوني للبنك الدولي، نناقش معه فحوى مشروع القانون الذي نحاول تسريع إخراجه إلى الوجود”.
وأشار الجواهري إلى أن هذا الإطار التنظيمي سيمكّن أيضا من تحيين التشريعات المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتأتي الخطوة بعد إعلان وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي في يناير الماضي أن الحكومة تعكف مع كل من البنك المركزي وشركاء دوليين على تدارس الجدوى من تقنين التعامل بهذه العملات داخل البلاد.
وفي فبراير الماضي، أنشأ المركزي لجنة خاصة لتحديد وتحليل أبعاد طرح عملة رقمية بالنسبة إلى الاقتصاد المغربي.
وكشفت البنك حينها المكاسب التي ستحققها الخطة التي ستضعها اللجنة للنظام المالي والاقتصادي في ظل اهتمام الحكومة بمواكبة التطور الحاصل لاستخدامات العملات المشفرة.
وتتولى اللجنة النظر في التطور الحاصل لاستخدامات العملات المشفرة على المستويين المحلي والدولي، ودراسة الآثار المترتبة عن اعتماد العملة الرقمية للبنك المركزي على السياسة النقدية والاستقرار المالي في البلاد.
وقال الجواهري إن “اللجنة تشتغل وتتقدم نحو بلورة مشروع قانون للترخيص للتعامل بالعملات المشفرة”.
وكان المغرب قد أعلن في نوفمبر 2017 أن “التعامل بالعملات الافتراضية مخالف للقانون ويُعَرِّضُ من يقدم على ذلك للعقوبات والغرامات”.
وقال مكتب الصرف مرارا أن “التعامل بالنقود الافتراضية يشكل خطرا على المتعاملين بها، لكونها نقودا افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية، ويبقى دائما أصحابها الأصليون مجهولي الهوية”.
وشدد على أن “هناك مخاطر تتعلق بتداول العملات المشفرة، بما في ذلك غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”.
ويخشى المغرب على اقتصاده وعملته المحلية، نتيجة لاستنزاف العملة الصعبة عبر تجارة العملات الافتراضية، وهو ما قد يخفض في مرحلة من المراحل معروض النقد الأجنبي في السوق المحلية.
وارتباطا بالسيادة النقدية سيكون من اختصاصات المركزي مراقبة تطور هذه العملة إذا تم إقرار استخدامها، والذي لم يحدد الجواهري موعده بدقة.
وسبق أن نبهت المؤسسات المالية المغربية إلى مخاطر العملات المشفرة والتي تتجلى في غياب حماية قانونية لتغطية الخسائر التي قد تنتج عن تعطل منصات التبادل وغياب تشريعات تتعلق بحماية مستخدمي هذه العملات عند إجراء الصفقات.
ويراقب المركزي في العادة تحرك الأموال بالحسابات البنكية ضد الاحتيال والسرقة، عكس العملات الرقمية التي لا تتمتع بنفس تدابير ومعايير السلامة كونها غير خاضعة لأي سلطة تنظيمية.
ومن هذا المنطلق يؤكد المختصون والخبراء أن هذا الأمر يفرض على المؤسسات المالية الرسمية التكيف مع هذه المتغيرات من أجل حماية الدرهم والحسابات البنكية من أي تلاعب.