يحاول أنصار جبهة بوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر استغلال مناخ الحرية السائد في الأقاليم الجنوبية للمغرب لاستهداف المملكة بعدة مزاعم.
وقال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال إن “عددا من أنصار بوليساريو ما فتئوا يستغلون حرية التحرك والتعبير لخدمة أجندة خارجية، بالعمل على التحريض العلني على الكراهية واللجوء إلى استعمال العنف، لاسيما ضد المدنيين والقوات العمومية وأفراد أسرهم”.
وأكد هلال، في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، أن “جميع الادعاءات المتعلقة بالاعتداءات المزعومة على حرية تنقل الانفصالية سلطانة خيا الناشطة المناصرة لجبهة بوليساريو، أو أفراد عائلتها وسلامتهم الجسدية أو منزلهم، خالية من الأدلة وتشكل أساس مناورات من جانب الجزائر وبوليساريو”.
وأوضح أن خيا “تحمل جواز سفر مغربيا وتسافر إلى الخارج بحرية وبشكل منتظم، هناك حيث تتهجم على المغرب وتقوم بنقل معلومات مزيفة وخاطئة عن وضعية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، ولم تتعرض أبدا لأي مضايقة أو اعتقال من قبل السلطات المغربية عند عودتها”.
وكانت الانفصالية خيا قد رفضت مقابلة وفد عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في فبراير الماضي، أثناء زيارة لها لمدينة بوجدور جنوب المغرب، وذلك لاستقصاء شهادتها حول المزاعم بالتضييق عليها وتعرضها لتجاوزات حقوقية، في إطار مهمة المجلس ولاسيما اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون الساقية الحمراء في رصد ومتابعة وضعية حقوق الإنسان.
وأكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن “الناشطة الصحراوية” رفضت تقديم ما يفيد ادعاءات الاعتداء الجنسي عليها وعلى أفراد من عائلتها. كما رفضت، بحسب المجلس، التجاوب مع النيابة العامة التي وجهت لها إشعارا بواسطة المفوض القضائي، بخصوص التحقيق الذي فتحته حول ادعائها بتعرضها للضرب على مستوى العين.
وذكر حقوقيون بالأقاليم الجنوبية أن خيا سبق لها رفض استقبال وفد عن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون الساقية الحمراء لمرتين اثنين، ورفعت في حضورهم شعارات انفصالية وأعلام بوليساريو، كما حولت مطالبها من حقوقية إلى أخرى سياسية كعادتها، خدمة لأجندة الجزائر وجبهة بوليساريو.
وتتمتع خيا إلى جانب آخرين بحرية التعبير عن آرائهم دون تضييق، رغم أنها وغيرها يدعون إلى مهاجمة الجيش المغربي.
كما ظلت تروج الادعاءات الزائفة بشأن تعرضها للتعذيب وأن منزل سكناها يعيش حالة من الحصار، وغيرها من الادعاءات بهدف مغالطة الرأي العام الدولي والحقوقي.
وقال محمد الطيار، الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، إن “بوليساريو، ومن ورائها الجزائر، حاولت دفع العديد من النشطاء السياسيين الذين كانوا يشتغلون لمصلحة المشروع الانفصالي إلى ارتداء لباس حقوق الإنسان، والدخول في مواجهات مع السلطات المغربية، غير أن الأمر افتضح وتبين للعديد من المتتبعين أن هؤلاء النشطاء يشتغلون وفق أجندات سياسية لا علاقة لها بحقوق الإنسان، وأن أغلبهم خضع لتدريبات على استعمال السلاح بمناسبة الزيارات المتكررة لمخيمات تندوف والجزائر”.
ولفت الطيار، إلى أن “من دلائل نجاح المقاربة التي ينتهجها المغرب في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا بجميع التراب الوطني بالأقاليم الصحراوية، انكشاف محاولات تسخير بعض العناصر الموالية لبوليساريو للظهور بمظهر الضحية، ووقوف المنظمات الدولية المستقلة على زيف هذه الادعاءات، وأيضا تقلص عدد نشطاء بوليساريو بالأقاليم الجنوبية، حتى أصبح عددهم من القلة بكثير”.
ودخلت منظمة العفو الدولية “أمنستي” على خط الادعاءات بشأن الاعتداء على خمس ناشطات بالأقاليم الجنوبية للمغرب، زاعمة أنهن تعرضن، على إثر مشاركتهن في احتجاجات داعمة لناشطة من الأقاليم الجنوبية، لاعتداءات في حوادث منفصلة يومي الخامس عشر والسادس عشر من أبريل الماضي في مدينة بوجدور بالصحراء المغربية.
وزعمت أمنستي “تعريضهن للتعذيب والضرب العنيف أو للاعتداء الجنسي، وأن ذلك خلّف لهن أضرارا جسمانية بالغة، دون أن تحرك السلطات ساكنا للتحقيق ومتابعة الجناة”.
وردت السلطات المغربية باستغراب على ما أوردته أمنستي قائلة إن “المنظمة لم تكلف نفسها عناء فحص المعلومات والمعطيات المتوفرة حول هذه الحالات وغيرها، والصادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي سبق وأن نشر معطيات دقيقة حول الموضوع”.
وأوضحت “هكذا يتأكد مرة أخرى انزياح هذه المنظمة عن مبادئ الحياد والموضوعية والمهنية في مقاربة ادعاءات الانتهاكات، التي كانت سباقة لوضعها”.
وشددت السلطات المغربية على أن “لا أساس للمزاعم التي تفندها المعطيات الواقعية، ذلك أن السلطات في العيون تقدر في نطاق ما يسمح به القانون، وعلانية، ما يخص التظاهر في الشارع وتفريق أي تجمع غير قانوني دون استخدام القوة، مثلما أن هذا التدبير الإداري في هذه المدينة وفي غيرها من المناطق المغربية، بل وفي العالم، أضحى تصرفا تحت تتبع ومراقبة عموم الناس”.
وقال الطيار إن “المغرب تعوّد طيلة العقود السابقة من النزاع على التعامل مع العديد من التقارير، الصادرة عن منظمات كالعفو الدولية، التي تستغل ملفات حقوق الإنسان غطاء يستهدف تمرير مواقف سياسية مناوئة لسيادته”، مشيرا إلى أن هذه التقارير تتزامن مع الانتصارات الدبلوماسية المتتالية في نزاع الصحراء المغربية، لمهاجمة المغرب خصوصا، وأنها لم تستطع تقديم أي دليل على ما تدعيه سواء في هذا الملف أو في عدة قضايا أخرى.