بدأ الجيش الجزائري تمرينا عسكريا على الحدود مع المغرب أياما قبل مناورات “الأسد الأفريقي” والتي تضم حوالي عشرين دولة، في خطوة قال مراقبون جزائريون إن النظام يهدف من ورائها إلى الإيحاء بقوته وقدرته على مجاراة “التحديات الإقليمية” بهدف طمأنة الداخل والتغطية على عزلته الخارجية.
وقال المراقبون إن مناورات “الأسد الأفريقي” تتجاوز البعد العسكري إلى ما هو أهم، حيث يبدو المغرب في وضع أفضل ولديه قائمة أوسع من الشركاء، وهذا ينعكس بشكل مباشر على الموقف من قضية الصحراء حيث توسعت دائرة المعتمدين على مقاربة الحكم الذاتي الموسع التي تتبناها الرباط كأرضية لحل هذا النزاع. في المقابل تراجعت قائمة شركاء الجزائر وخسرت رهانها على ورقة بوليساريو، في تأكيد على التراجع الدبلوماسي للجزائر.
ولاحظ المراقبون أن تنفيذ التمرين العسكري الجزائري في منطقة حدودية مع المغرب وتضم على ترابها مخيمات اللاجئين الصحراويين، يحمل دلالات واضحة على انزعاج جزائري من تطورات ملف الصحراء خاصة مع التحول في الموقف الأوروبي لصالح المغرب دبلوماسيا واقتصاديا، ونجاح الرباط في تعميق حضورها في القارة الأفريقية، بالإضافة إلى نجاحها في لعب الورقة الاقتصادية بإتقان، في الوقت الذي تستمر فيه الجزائر في تحمل عبء الاعتراف ببوليساريو وتمويلها وتدريبها والإنفاق على المخيمات في وضع اقتصادي غير ملائم.
وبحسب بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، فإنه خلال اليوم الثالث والأخير من الزيارة التي تقود قائد أركان الجيش إلى الناحية العسكرية الثالثة ببشّار “أشرف قائد الجيش الفريق سعيد شنقريحة على مجريات تمرين تكتيكي بالذخيرة الحية نفذته وحدات من اللواء 36 للمشاة الآلية مدعمة بوحدات من مختلف الأسلحة”.
وأضاف “هذا التمرين يهدف إلى الرفع من القدرات القتالية والتعاون بين مختلف الأركان، فضلا عن تدريب القادة والأركان على التحضير والتخطيط والتنفيذ وقيادة العمليات في ظروف قريبة من الواقع”.
ويعتقد المراقبون أن إجراء هذا التمرين على الحدود مع المغرب يهدف كذلك إلى الحد من الأضواء التي ستسلط على تمرين “الأسد الأفريقي” الذي ستشارك فيه دول أوروبية وأفريقية بالإضافة إلى الولايات المتحدة، ما يجعله قبلة لاهتمام دولي كبير، ويجعل المغرب مركزا لهذا الاهتمام بصفة خاصة.
وفي يونيو الماضي قال قائد القيادة الأميركية في أفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند عند انتهاء النسخة السابقة من المناورات “إن ‘الأسد الأفريقي’ هو أكبر وأهم تمرين لدينا في أفريقيا، حيث يساعدنا على بناء الاستعداد وتعزيز الشراكات للعمل بشكل أفضل في بيئة معقدة ومتعددة المجالات”، مشددا على “أننا ما زلنا نركز على الحفاظ على علاقات وطيدة مع حلفائنا وشركائنا”.
وتأتي مناورات “الأسد الأفريقي” بعد مدة وجيزة من احتضان المغرب لاجتماع التحالف الدولي ضد داعش الذي ربط بشكل صريح بين الأجندات الانفصالية والتهديدات الإرهابية في القارة الأفريقية، وأرسل إشارة خفية إلى الجزائر، وهو ما زاد من إحراج القيادة الجزائرية من المكاسب التي يحققها المغرب تباعا، ولأجل هذا فهي مضطرة لتنفيذ تمرين من هذا النوع لإظهار أنها موجودة وقادرة على رد الفعل.
وبث التلفزيون الجزائري الرسمي مشاهد من المناورات التي أظهرت أجواء معركة حقيقية كبرى بالمنطقة، شارك فيها الطيران وقوات برية إلى جانب منظومتي الصواريخ والمدفعية.
وجاءت هذه المناورات بعد أيام من مناورات بحرية أجراها الجيش بقاعدة غربي البلاد تغطي سواحل حدودية مع المغرب وإسبانيا، تحت عنوان “إعصار 2022” بمشاركة غواصات، وكانت تحاكي معركة حقيقية ضد هدف في عرض البحر.
وصرح قائد الجيش الجزائري بأن “التحول العميق لأنماط الحروب الحديثة قد أبرز بشكل قطعي أن تحقيق النصر في المعركة لا يتوقف فقط على نوعية السلاح ومنظوماته المتطورة التي تحوزها الجيوش، بل يتوقف أيضا وبالأساس على ذهنية المقاتل ونوعية تكوينه ومستوى تحضيره البدني والنفسي وكذا قدرته على اتخاذ القرارات الصائبة في كافة ظروف المعركة ومراحلها”.
وأضاف في استعراض لقوة وحداته أن “الجيش الجزائري يحوز على مورد بشري متفرد، ويملك من الخصائص النفسية والمعنوية ما يؤهله لأن يكون من أفضل المقاتلين الذين يحسب لهم ألف حساب، وذلك بحكم الرصيد التاريخي للإنسان الجزائري الحافل بالبطولات والأمجاد عبر العصور، وبحكم كذلك ترسخ أفكار العزة والإباء والحرية في ضميره الجمعي”.