الحكومة المغربية تواجه تداعيات خيارات حكومتي حزب العدالة والتنمية
بدأت الحكومة المغربية تستكشف آثار الخيارات التي اتخذتها الحكومتان اللتان قادتا البلاد في العقد الماضي وكانتا بقيادة حزب العدالة والتنمية، حيث انتقد حزب الأصالة والمعاصرة المشارك ضمن الأغلبية الحكومية تلك الخيارات واصفا إياها بالشعبوية.
لا يزال التحالف الحكومي في المغرب يواجه آثار اختيارات حكومتي حزب العدالة والتنمية خلال العقد الماضي، حيث اعتبر حزب الأصالة والمعاصرة أن الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش تواجه تركة التدبير الحكومي الشعبوية لأكثر من عقد من الزمن. ورد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران على هذه الانتقادات المبطنة للسياسات التي انتهجتها حكومتا الحزب باستنكار شديد.
وقال الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي إن “الحكومة تواجه إرثا ثقيلا تركه التدبير الحُكومي الشعبوي لما يزيد عن عقد من الزمن”، في إشارة إلى الحكومتين السابقتين اللتين كان يقودهما حزب العدالة والتنمية.
واعتبر وهبي الذي يشغل منصب وزير العدل في الكلمة الافتتاحية للمجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة أن “الحكومة تواجه أيضاً مشاكل بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، خاصة في ما يتعلق بارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأساسية”، مضيفا أن “لا أحد يحسدنا اليوم على مشاركتنا في الحكومة في هذا السياق المحفوف بالمشاكل والتحديات”.
واستنكر بنكيران رئيس الحكومة الأسبق هذه التصريحات، قائلا “من يتحدث عن المشاكل التي نعيشها على أنها تركة الحكومتين السابقتين، هل هم السبب في ذلك أم نحن؟”، في إشارة إلى أخنوش وفريقه الحكومي.
ورفض بنكيران قرار سحب حكومة أخنوش مشروع القانون المتعلق بالتغطية الصحية للأبوين من البرلمان، متسائلا “لماذا تضايقت الحكومة من توسيع التغطية الصحية لتشمل الوالدين؟”.
واتهم حزب التجمع الوطني للأحرار بنكيران بفشله شخصيا في “تدبير ملف الحوار الاجتماعي خلال ولايته الحكومية والخروج بحصيلة صفر اتفاق وهدر خمس سنوات من الزمن التنموي في البكائيات والمظلومية التي لم تعد تنطلي على يقظة المواطنين والمواطنات”.
وقال محمد غيات عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار إن “السجال السياسي الذي طفا مؤخرا على الساحة السياسية غير مقبول ولا يرقى إلى طموحات المغاربة”.
وأوضح غيات في تصريح لـه أن “المستهدف الأول ليس رموز الحزب ولكن الحزب نفسه ومشروعه السياسي”، مستدركا أن “ردنا على ذلك هو أننا لن ننزل إلى هذا المستوى وسنواجه الافتراء بالعمل اليومي، ولا نكذب، وهمّنا خدمة المغاربة وخطابنا خطاب العمل”.
ولم يستثن بنكيران خلال انتقاده للأحزاب التي تقود الحكومة حزب الأصالة والمعاصرة الذي قال في كلمة أمام مناضلي حزب العدالة والتنمية إن “تهم الاستبداد والفساد ما تزال تلاحق هذا الحزب وأنه لم يغتسل بعد من ماضيه الفاسد”.
وذهب بنكيران بعيدا عندما كشف في كلمته بالمؤتمر الجهوي لحزبه المنعقد الأحد بمدينة مراكش، أنه بعد إعفائه من رئاسة الحكومة سنة 2017 كان يخشى أن تسند إلى حزب الأصالة والمعاصرة.
وفي مواجهة انتقادات بنكيران أكد المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة عن تقديره “العالي للجهود التي تقوم بها الحكومة لمجابهة الأزمة الناتجة عن الإكراهات الخارجية، ومواصلتها بعزم وإصرار الوفاء بمضمون برنامجها الحكومي، بجميع أهدافه ومحاوره الاقتصادية والسياسية والتنموية”.
وقال بنكيران “إن سياستي صعبة لأنه من الصعب أن يتبنى رئيس الحكومة قرارات كرفع الدعم وإصلاح التقاعد وقانون الإضراب”، متحدّيا من يحملون حكومته السابقة مسؤولية الأوضاع في البلاد، مضيفا “تعالوا حاكموني، فأنا موجود وإن اقتضى الحال أن أذهب إلى السجن”.
لكن الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أكد أن حزبه “لا يعتبر الظرفية الصعبة التي يمر بها المغرب من جراء التأثيرات المالية والعالمية التي تعرف ارتفاعا في أسعار كل المواد الأولية والأساسية قدرا سيئا أو سوء حظ في السياسة”، وذلك في رد على الانتقادات التي تطال الحكومة بخصوص تبنيها لخطاب الأزمة واتهام الحكومات السابقة بالمساهمة في التسبب في هذا الوضع.
وقال بنكيران إنه يتحمل مسؤولية رفع الدعم عن المحروقات، مشيرا إلى أن الحكومة التي يقودها أخنوش هي المسؤولة اليوم عن ارتفاع أسعار المواد الطاقية.
وأقر بأنه كان مخطئا لأنه لم يتوقع تداعيات رفع الدعم عن المحروقات، بالنظر إلى أنه كان يعتقد أن فتح المنافسة بين الشركات العاملة في القطاع سيؤدي إلى خفض أسعارها في السوق الوطنية.
وعلق رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، على تصريحات بنكيران بالقول إن “حزب العدالة والتنمية قاد الحكومة السابقة في ولايتين من خلال تكتيك الموازنة بين التمسك بالسلطة والحفاظ على النزعة الاحتجاجية، وكان لا يريد التخلي عنها”.
وأشار لزرق في تصريح لـه إلى أن “الحكومتين السابقتين بقيادة العدالة والتنمية لم تقدما شيئا كثيرا يذكر، فقد عملتا على إرساء سياسات فاشلة في كافة الميادين، وعدم التوفر على القدرة على الاضطلاع بدور اجتماعي وبلورة سياسة اجتماعية ملموسة”.