المغرب يضع خطة لإعادة زخم السياحة إلى ما قبل الوباء

ماموني

صبت الحكومة المغربية تركيزها خلال الآونة الأخيرة على وضع محركات تحفز السياحة بشكل أكبر هذا العام للابتعاد عن الإكراهات التي جعلتها تدخل في خمول طيلة عامين، وسط حالة تفاؤل بين مهنيي القطاع الذين يترقبون بفارغ الصبر تعويض خسائرهم.

كثف المغرب جهوده مؤخرا لتجاوز التداعيات التي خلفتها الأزمة الصحية العالمية على السياحة حتي يعود هذا النشاط المهم إلى طبيعته في أقرب وقت ممكن.

وتسعى الحكومة إلى اعتماد خطة مرحلية تركز في أحد محاورها على تسجيل تدفق شهري للزوار بنهاية 2022 يعادل أو يفوق ما تم تحقيقه قبل الجائحة.

ونظرا لأهمية هذا القطاع الاستراتيجي اجتماعيا واقتصاديا وماليا، ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش مؤخرا اجتماعا تم تخصيصه لاستعراض أبرز ملامح خطة إنعاش السياحة على النحو المطلوب.

وتهدف الحكومة عبر رؤيتها الجديدة التي تأتي من منطلق اهتمامها بتحريك عجلات النمو الاقتصادي مرة أخرى إلى العودة انطلاقا من العام المقبل إلى نفس المستوى المسجل سنة 2019، التي كانت سنة إيجابية.

رشيد ساري: نجاح السياحة الوافدة رهين إنجاح النشاط داخليا

وتظهر البيانات أن البلد استقبل في العام الذي سبق انتشار الوباء 13 مليون سائح وظل الوجهة الأفريقية الأولى طيلة أربع سنوات متتالية، ولهذا فإن الحكومة والمتدخلين في القطاع عازمان على الحفاظ على هذه الرتبة.

وتشمل رؤية الحكومة لإيقاظ السياحة المتعثرة تأمين أكبر عدد من الرحلات مع شركات الطيران، ومن خلال حملات ترويجية واسعة وشراكات مع منظمي الأسفار العالميين والمنصات الرقمية، مع الحرص على ملاءمة العرض السياحي مع الطلب.

وفي هذا الاتجاه، حث أخنوش كافة المتدخلين على النهوض بالموارد البشرية العاملة بالقطاع بغية مواكبة خطط إنعاش القطاع، داعيا مختلف الفاعلين في المجال إلى تأهيل المنشآت الفندقية مع تحسين جودة الخدمات المقدمة للوافدين.

وقال خلال الاجتماع إنه “من الضروري مواكبة القطاع حتى يستعيد عافيته ويساهم في تحقيق الإقلاع الاقتصادي”، مشددا على أهمية تنفيذ مختلف التدابير والإجراءات، التي من شأنها إنعاش السياحة والوصول إلى الأهداف التي تم وضعها.

وفي حملة ترويجية للسياحة المغربية في لندن الأسبوع الماضي، أكد المدير العام لمكتب للسياحة عادل الفقير، أن القطاع استفاد من التوقف الذي فرضه الوباء للاستعداد للمستقبل، سواء عبر حماية إنجازاته أو تطوير عروضه أو إعداد حملة عالمية جديدة تمكن من ضمان تعاف قوي.

وكان المكتب قد أطلق برنامج “نتلقاو في بلادنا”، وفي أبريل الماضي برنامج “أرض الأنوار”، وهي حملة دولية لعلامة “المغرب” تستهدف الترويج في الأسواق الدولية، وتتم عبر وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية.

واعتبر الخبير الاقتصادي رشيد الساري أن كل برامج إنعاش السياحة إلى حد الآن واعدة، إلا أنها تحتاج إلى كفاءات بشرية حتى تحقق أهدافها.

ورأى في تصريحات لـه أن الضرورة تقتضي المواكبة من طرف خبراء يعرفون الخصوصية المغربية، والأكثر من هذا فإن نجاح السياحة الوافدة رهين إنجاح السياحة الداخلية”.

وقال الساري إنه “أمام التحديات الجديدة والإكراهات التي يعيشها العالم فإن السياحة لم تعد مجالا يمكن الاعتماد عليه لوحده لنمو الاقتصاد، فقد لاحظنا كيف أثر الوباء بشكل سلبي على القطاع وكبده خسائر فادحة”.

وأضاف “أصبحنا في حاجة لتطوير آليات السياحة بالمغرب بالاعتماد أكثر على ما هو رقمي من جهة وتشجيع السياحة الداخلية عبر برامج محفزة جدا”.

ولاحظ الساري، أن لجنة النموذج التنموي الجديد لم تعر في تقريرها اهتماما لهذه النقطة الحساسة جدا فيما يخص القطاع.

وتتمحور الركائز الأساسية لاستراتيجية إنعاش الاستثمار السياحي التي أطلقتها الحكومة على تشجيع أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة وفي مجال الترفيه والتنشيط.

ووقفت السلطات على حجم الخسائر الكبيرة التي بلغت نحو 9.54 مليار دولار خلال العامين الماضيين جراء شلل نشاط هذا القطاع، إلى جانب الصناعة والصادرات، بعد أن فقد الكثير من زخمه بسبب الجائحة.

وتبلغ مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي نحو 10 في المئة، وقد تكون أكبر من ذلك. وتأخذ مساهمته بعين الاعتبار السياحة غير التقليدية والاقتصاد غير الرسمي وما يتعلق بنشاط المغتربين وأيضا الصناعة التقليدية.

وبحسب التقديرات يوفر هذا النشاط الحيوي ما يقارب 750 ألف فرصة عمل مباشرة وأكثر من مليون فرصة غير مباشرة.

ولعبت السياحة دورا هيكليا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب منذ العام 2000، وهي فترة تميزت بديناميكية التجديد في القطاع.

ويؤكد مهنيون على حاجة السياحة المحلية لتجديد نفسها بالابتكار لتتماشى مع الوجهات الدولية وبالتالي ضمان توازن معين في اتجاهات السياحة العالمية، خاصة وأن المغرب لديه المؤهلات الكافية لجذب الزوار.

◙ رؤية الحكومة لإيقاظ السياحة المتعثرة تشمل تأمين أكبر عدد من الرحلات مع شركات الطيران

وجددت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور أثناء جلسة عمل عقدتها مؤخرا مع رئيس وممثلي الكونفدرالية الوطنية للسياحة، التأكيد على “التزام الوزارة الراسخ لضمان انتعاش القطاع السياحي”.

وحاليا، يقوم مكتب للسياحة وفاعلون في القطاع بالمرحلة الثانية من جولة “لايت تور” الرامية إلى المواكبة التجارية لحملته التواصلية الجديدة “المغرب، أرض الأنوار”، والتي قادتهم إلى لندن ونيويورك خلال هذه الأيام.

واستهدفت هذه الجولة التعريف بالعرض السياحي للبلاد بشكل أفضل في إطار تعبئة استثنائية لفائدة القطاع بهدف ضمان انتعاش سريع في حصص السوق لوجهة المغرب.

وربطا لقطاع السياحة مع المجال الثقافي، فقد أصبحت مدينة الصويرة، أول وجهة سياحية بالمغرب وأفريقيا تدرج في قائمة “المدن السياحية الإبداعية”.

ويأتي ضم هذه المدينة نتيجة استجابتها لطلب الأجيال الجديدة من المسافرين، الباحثين عن الأصالة والقيم الإنسانية، وتخلق منظومة بين فنانين وصناع تقليديين وصناعات إبداعية وقطاع السياحة والفندقة.

ويستعد قطاع الفنادق لاستقبال السياح المغتربين بعد عامين من قيود الإغلاق إثر قرار إلغاء اختبار الكشف عن الفايروس للمسافرين الراغبين في الدخول للأراضي المغربية.

وعم التفاؤل المهنيين المنضوين تحت الفيدرالية الوطنية للصناعة الفندقية بالقرار الذي يرون أنه سيساهم في انتعاش نشاطهم خصوصا والسياحة عموما. وأكدوا أنهم على استعداد لاستقطاب المزيد من السياح من مختلف أنحاء العالم في ذروة النشاط خلال موسم الصيف.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: