فجرت حركة تطلق على نفسها اسم “حركة تصحيح المسار” أزمة داخل حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش بعد أن دعت الأمين العام للحزب عبداللطيف وهبي الذي يشغل منصب وزير العدل إلى تقديم استقالته من منصبه أو من الأمانة العامة للحزب.
وقالت الحركة في بيان إنها لاحظت “انقلاب وهبي على الخط السياسي للحزب من خلال خرجاته الإعلامية المرتجلة وغير المسؤولة والتي تضر بصورة الحزب ولا تعكس موقعه وتجلب سخط الرأي العام”.
وانتقدت الحركة في البيان الذي لم يتضمن أسماء الأعضاء المنتمين إليها وهبي، محمّلة إياه مسؤولية عدم التوفيق بين الالتزام الحكومي والدفاع عن صورة الحزب وإشعاعه، وحشره في صراعات مع الجمعيات والهيئات النقابية.
وطالبته بتقديم استقالته من منصبه الوزاري، مشيرة إلى أنه “أصبح عاجزا عن تبني مواقف الحزب، بمبرر اختلاف موقع المعارضة عن موقع المشاركة في الحكومة”.
واعتبرت الحركة المذكورة أن “الموقع الحكومي ليس مبررا للانقلاب على مواقف الحزب وبرامجه بدعوى إكراهات التدبير الحكومي، وهو ما يفرض على الأمين العام أن يختار اليوم بين موقعه كأمين عام للحزب أو كوزير للعدل”.
لكن عبداللطيف الغلبزوري الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة وهو أيضا نائب رئيسة المجلس الوطني، نفى في تصريح لـه، أن يكون “الحزب يمر بأزمة تنظيمية تستدعي مثل هذه الحركة التصحيحية”.
وانتقد مراقبون ولادة هذه الحركة خاصة أنه لم يتم ذكر من يتولى قيادتها من أعضاء بخلاف الحركات التصحيحية التي عرفتها بعض الأحزاب السياسية في السابق.
وقال هشام عميري الباحث في العلوم السياسية إن “نموذج هذه الحركة التصحيحية يدخل ضمن حركات نفعية أكثر، هدفها فقط هو التقرب من الزعيم لأجل الانقلاب عليه في أول منعطف سياسي، وكل الحركات فشلت في الإطاحة بزعيم الحزب”.
وأوضح عميري أنه ”بعدما حقق حزب الأصالة والمعاصرة نتائج مهمة في الانتخابات الأخيرة مقارنة مع نتائج 2016، فإن هذه الحركة لن تحقق مرادها السياسي وستكون على نفس خط الحركات السابقة سواء التي عرفتها جميع الأحزاب السياسية في المغرب أو التي عرفها بالأخص حزب الأصالة والمعاصرة”.
وأكدت مصادر من داخل حزب الأصالة والمعاصرة أن هناك الكثير من الأعضاء الذين لا يتوافقون مع سياسة القيادة لا يريدون الكشف عن أسمائهم في الوقت الحالي حتى لا يتم اتهامهم بمحاولة شق صف الحزب، واستبعد هؤلاء أن يكون اجتماع المجلس الوطني نهاية الأسبوع الجاري مناسبة للتعبير عن معارضتهم لأن مصيرهم سيكون الإقصاء.
ودعت الحركة رئيسة المجلس الوطني للحزب فاطمة الزهراء المنصوري إلى التدخل الفوري ووقف ما وصفته بعبث وهبي وتصحيح اختلالاته التدبيرية منذ توليه مسؤولية الأمانة العامة.
وليست هذه المرة الأولى التي تخرج فيها حركة مناوئة لقيادة الحزب، فقد سبق أن خرجت “حركة تصحيحية” مناهضة لوهبي قبل سنتين أطلقت على نفسها اسم “لا محيد” بعدما صرح أنه يخطط لبناء “تحالف تاريخي” مع حزب العدالة والتنمية.
واعتبرت “الحركة التصحيحية” أن “النتائج الباهرة التي حققها الحزب في الانتخابات التشريعية والبلدية تعكس مكانته السياسية ومصداقية مشروعه، وتتناقض مع ما يعيشه الحزب من ركود لا يتناسب وحجمه ومواقعه التدبيرية ضمن الحكومة والبرلمان بغرفتيه ومجالس الجهات والجماعات والغرف المهنية”.
وكان وهبي قد أكد منذ المؤتمر الوطني الرابع للحزب الذي انعقد قبل سنتين قطع أشواط هامة على مستوى التنظيم والتجديد ورص صفوف الأصالة والمعاصرة وأنه تجاوز جراح الماضي، مشيرا إلى النجاحات التي حققها الحزب في الانتخابات الأخيرة بشكل فاجأ الجميع.
ومع ذلك فقد حملت “الحركة التصحيحية” المسؤولية لوهبي في عدم النجاح في تجسيد الرهانات الكبرى للمرحلة من خلال التوفيق بين الالتزام الحكومي والدفاع عن صورة الحزب.
ولم يصدر أي رد رسمي من وهبي حول مطالب هذه الحركة، لكن مصادر أكدت أن “قيادة الحزب غير مهتمة بأشخاص يريدون عرقلة الدينامية التي يعرفها الأصالة والمعاصرة، خصوصا المحطات التنظيمية المتنوعة على المستوى الوطني التي تعرف تشكيل أمانات محلية قوية تعمل على الإنصات لمتطلبات المرحلة”.