دخل رئيس مجلس النواب المغربي والقيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار رشيد الطالبي العلمي في سجالات مع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران ما يعكس نجاح الأخير في جر الحزب الذي يقود الحكومة إلى مربع الجدل خاصة أن بنكيران معروف باستفزازاته.
نجح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران في جر حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الائتلاف الحكومي في المغرب إلى مربع الجدل والسجالات العقيمة مقارنة بالالتزامات التي قطعها الحزب على ناخبيه والمغاربة.
وتفجرت الأحد سجالات جديدة بين الحزبين بعد أن استفز بنكيران قيادات في حزب التجمع الوطني للأحرار سرعان ما انزلقت بدورها إلى مربع الرد على تلك الاستفزازات.
ووصف رئيس مجلس النواب المغربي وعضو المكتب السياسي لحزب الأحرار رشيد الطالبي العلمي بنكيران بـ”الذئب الشارف (العجوز)”، وهو ما رد عليه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بوصف العلمي بـ”الحميّْرْ (صغير الحمار)”.
ورفض بنكيران التراجع عن توصيفه للعلمي، حيث قال خلال مؤتمر جهوي لحزبه في مدينة طنجة الأحد ”إذا سحب العلمي ذئبه سأسحب حماري، وإذا تركه سأتركه”، أي أنه إذا تخلى خصمه عن تلك التوصيفات فسيلتزم هو أيضا.
شريفة لموير: على حزب الأحرار عدم الانجرار وراء تصريحات بنكيران
وكان العلمي قد وجه انتقادات لاذعة لبنكيران، معتبرا أنه بصدد بيع الكلام و”يسب الأشخاص ويشجع على الفوضى بدل طرح البدائل”.
وقال العلمي في كلمة له خلال أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الرباط – سلا – القنيطرة السبت إنه “عوض تقديم بدائل اقتصادية وبدائل لتطور المجتمع، يسب (بنكيران) الأشخاص ويخضعهم للتقييم، لكن العقول الكبيرة تناقش الأفكار، والعقول الصغيرة هي التي تناقش الأشخاص”.
وأكدت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أنه “لا ينبغي الوقوف كثيرا على خرجات بنكيران التي أصبحت مألوفة بشكل هزلي خاصة المواقف التي يصرح بها تجاه قائد الائتلاف الحكومي حزب التجمع الوطني للأحرار، لأنها لا تعدو كونها محاولات لجذب الانتباه الإعلامي”.
وحذرت لموير في تصريح لـه، قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار من الانجرار كل مرة وراء تصريحات بنكيران، وعدم إيجاد سبل لتحقيق الالتزامات المقدمة التي تعنى بقطاعات حساسة وذات أولوية، خاصة وأن أحزاب الأغلبية وعلى رأسها حزبهم رفعت سقف التزاماتها الاقتصادية والاجتماعية تجاه المواطنين من خلال البرنامج الانتخابي.
وانتقد العلمي مواقف بنكيران التي اعتبرها متناقضة، قائلا إنه “في 2013 كان (بنكيران) يقول إن عزيز أخنوش رجل طيب وصادق وأريد أن يكون معي في الحكومة، ثم تم اتهامه بأنه تسبب في عرقلة تشكيل حكومته في العام 2016، وحاليا أخنوش لم يعد في المستوى اللائق ويتم اتهامه في ملف الزيادة في أسعار المحروقات”، متسائلا “ما هذا التحول في المواقف؟”.
ورد عبدالعلي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المقرب من بنكيران الأحد بأن حديث العلمي “سفاهة، ليس هو ما ننتظر ولكن نريد تفسيرا”. ورغم أن العلمي تحدث من موقعه الحزبي، إلا أن حامي الدين أقحم صفة رئيس مجلس النواب للعلمي، مؤكدا أنه “لا يحترم المؤسسة التي يرأسها ورد علينا دون تقديم الشروحات اللازمة”.
وأكد بنكيران أنه “إذا اقتضت السياسة سأواجه أخنوش”، مشيرا إلى أنه لا يسعى من خلال كلامه للإطاحة به وتولي رئاسة الحكومة، أو أن يتولاها شخص آخر.
وقالت لموير إن هذا التناقض الصارخ في مواقف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية يعكس مدى التيه الذي أصبح يعرفه الحزب خاصة أنه في موقف غير قادر معه على تزعم المعارضة داخل وخارج البرلمان.
وعكس ما ذهب إليه بنكيران في كلمته الأحد بأنه ندم لأنه لم يحذف السكر والدقيق والغاز من صندوق المقاصة (صندوق دعم أسعار عدة مواد استهلاكية) الذي يخنق الدولة، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المنتمي لحزب الأحرار مصطفى بايتاس استمرار دعم الحكومة لهذا الصندوق، مشددا على تحمل ارتفاع أسعار الغاز والسكر والدقيق على المستوى الدولي كي تبقى هذه الأسعار مستقرة وفي متناول المواطنين.
ووجهت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الأحد انتقادات شديدة اللهجة لحزب التجمع الوطني للأحرار والحكومة التي يرأسها، مؤكدة أنه خلال الانتخابات تم الترويج لوعود كبيرة، إلا أنه ومع بداية العمل الحكومي بقيادة حزب الأحرار تم تسجيل موجة غلاء غير مسبوقة، وأسعار قياسية للمحروقات أثرت على قطاع النقل.
وقال الحزب إن ذلك ناجم عن “عجز وانسحاب للحكومة من المبادرة لمواجهة شركات المحروقات ومراقبة الأسعار”.
لكن عضو المكتب السياسي لحزب الأحرار محمد أوجار رد بالقول إنه “بعد خمس سنوات سنكون في الموعد بتنفيذ مختلف الطموحات التي وعدنا بها المغاربة”، مشددا على أن الحكومة ستحقق النجاح، وأن الحزب سيكون في الموعد سنة 2026.
وأكد تمسك الحزب بالتزاماته التي قدمها للمواطنين على مستوى العمل الحكومي وأيضا على مستوى المجالس البلدية المنتخبة.
واعتبرت لموير أن الوفاء بالالتزامات هو الرد الصحيح على تصريحات بنكيران وقيادات حزبه، وهي بحاجة إلى جهود وإرادة كبرى ما سيجعل الحكومة برئاسة التجمع الوطني للأحرار معرضة للعديد من الانتقادات في حالة عدم الالتزام التام بأهدافها خاصة تفعيل الحماية الاجتماعية.
ولفتت لموير إلى أن المغاربة يعقدون آمالا كبيرة على هذه الحكومة التي جاءت بعد حكومتين برئاسة بنكيران والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية سعدالدين العثماني عرفتا العديد من التراجعات والأزمات التي رافقتهما مما زاد من تكريس خيبة الأمل لدى المغاربة.