قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، السبت، إن قطع بلاده علاقاتها مع المغرب لا يحتمل وساطات “لا بالأمس ولا اليوم ولا غدا”، وذلك بعد أن فجرت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان للجزائر، لغطا إعلاميا وإشاعات لا أساس لها حول وساطة سعودية للمصالحة بين البلدين.
وقطعت الجزائر في أغسطس الماضي علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، بسبب ما أسمته “حملة عدائية متواصلة ضدها”، وحظرت بعدها تحليق الطيران المغربي فوق أجوائها، ولم يتم تجديد عقد خط أنابيب الغاز المار عبر أراضيها وصولا إلى إسبانيا.
ورفضت الرباط حينها الاتهامات الجزائرية واعتبرتها “مبررات زائفة وعبثية”، تسعى من خلالها إلى التأثير على الشعب الجزائري بعد انتهاجها منطق التصعيد على خلفية تزايد الاعتراف الدولي بخطة الحكم الذاتي المغربية على إقليم الصحراء وفتح سلسلة من القنصليات في الأقاليم الجنوبية.
ونزاع الصحراء المغربية سبب رئيسي في توتر علاقات الجارين منذ عقود، بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الإقليم، الذي يعتبره المغرب جزءا لا يتجزأ من أرضه ويعرض منحه حكما ذاتيا تحت سيادته.
وأكد لعمامرة في تصريحات نقلها التلفزيون الجزائري الرسمي، أن “الموضوع (قطع العلاقات مع المغرب) لا يحتمل وساطات وليس فيه وساطة، بغض النظر عن الجهة التي ربطت بها أجهزة إعلامية هذه الفكرة”.
وأضاف “ليست هناك أي وساطة لا بالأمس ولا اليوم ولا غدا لأن الموقف الجزائري واضح وهو أن قطع العلاقات الدبلوماسية جاء لأسباب قوية، وليُحمّل الطرف الذي أوصل العلاقات لهذا المستوى السيئ المسؤولية كاملة غير منقوصة”.
تبجّح العمامرة بعلاقات بلاده و”مصالحها المشتركة وتوافقاتها مع السعودية والدول الأخرى العربية أو أفريقية أو غيرها” مضيفا “هذا ما يجعلنا نلتقي مع زملائنا ونتحاور ونعقد الاتفاقات ونركز على مصالحنا واهتماماتنا دون أن يتدخل موضوع من هذا النوع في جدول أعمالنا”.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية الجزائري كرد على ما أوردته بعض وسائل إعلام بينها موقع “مغرب انتيليجنس” نقلت عن مصادر لم تسمها قولها إن زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان للجزائر الأربعاء والخميس، تناولت خارطة طريق للمصالحة بين الرباط والجزائر من خلال السماح بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين المغاربيين.
وجاءت زيارة الوزير السعودي بمناسبة انعقاد لجنة التشاور السياسي بين البلدين، الخميس، بالعاصمة الجزائرية والتي ترأسها مناصفة مع لعمامرة.
وقال الأمير فيصل بن فرحان بعد استقباله من قبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، إن بلاده تدعم ترشح الجزائر لعضوية مجلس الأمن بين 2024 و2025.
ويحشد المغرب الدعم لخطة الحكم الذاتي من الدول الغربية، منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على الإقليم في 2020.
وفي 18 مارس الماضي، أعلنت الحكومة الإسبانية دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي الذي يقترحها المغرب كحل للنزاع على إقليم الصحراء المغربية، معتبرة المبادرة بمثابة “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.
وأثار موقف إسبانيا بشأن إقليم الصحراء غضب الجزائر التي استدعت سفيرها لدى مدريد سعيد موسى للتشاور احتجاجا على ما اعتبرته “انقلابا مفاجئا” في موقف الحكومة الإسبانية إزاء ملف الصحراء.
ولم تكتف الجزائر بذلك بل هددت بقطع إمدادات الغاز عن إسبانيا، في حال إخلالها ببنود الاتفاق المبرم بين الطرفين، لاسيما فيما يتعلق بتوريد الإنتاج إلى طرف ثالث، في إشارة إلى المغرب.
وفي 11 مايو الجاري، انضمت هولندا إلى صفوف عدد متزايد من الدول الغربية والعربية والأفريقية في التعبير عن دعمها للاقتراح الذي قدمه المغرب في 2007 بخصوص الحكم الذاتي كمخرج لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود حول المنطقة المتنازع عليها والتي تسعى جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر لإقامة دولة مستقلة فيها.