تشهد مخيمات تندوف التي تضم لاجئين من الصحراء المغربية وهي تحت سيطرة جبهة بوليساريو الانفصالية فوضى أمنية كبيرة، بسبب صدامات وصفت بالعنيفة بين عصابات تنشط في مجال تهريب المخدرات والبشر.
وقال منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف، المعروف اختصارا بـ”فورستاين”، إن جبهة بوليساريو فشلت في كبح جماح صراعات بينية خطيرة داخل المخيمات، ولم تستطع على هامش تلك الصراعات حماية أفرادها ممن يشتغلون في ما يسمى بالشرطة من الانتقام والاختطاف وحرق السيارات، فلجأت إلى سلاح القبلية التي تدعي محاربتها.
ونشرت قيادات الجبهة ميليشيات تابعة لما يسمى بـ”لواء التدخل السريع” التابع للقوات المسلحة للانفصاليين المدعومين من الجزائر، لوضع حد لهذه الاشتباكات، بعدما امتنعت عناصر ما يسمى بـ”الشرطة الوطنية” في معسكر العيون، عن التدخل خلال تبادل إطلاق النار في هذا الحادث بسبب الإضراب عن العمل الذي تخوضه منذ مدة.
وأكدت مصادر من داخل مخيمات تندوف، انتشار السرقات والجرائم، واختطاف النساء، والسطو على المحلات التجارية، وغيرها من مظاهر الانفلات الأمني.
واعتبر محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لـه، أن هذه التطورات تشير بشكل واضح إلى عجز بوليساريو عن ضبط الوضع الأمني في المخيمات، ما سيكرس مخاطر أمنية سبق وأن تم التحذير منها من قبل عدد من الفاعلين.
وشدد عبدالفتاح على أن “هذه التطورات الخطيرة تعزز دور بوليساريو الإقليمي كعامل تقويض للأمن والاستقرار باتت تهدد السلم في كافة دول المنطقة، لكنها ستعزز الخلاصات التي يؤكدها العديد من المتدخلين الدوليين بضرورة العمل على تفكيك مخيمات تندوف”.
ونظرا للأوضاع التي تشهدها المخيمات، أكد منتدى فورستاين بوادر انهيار ما يسمى بجهاز شرطة بوليساريو وتأثير ذلك على الوضع الأمني بالمخيمات، في ظل تكرر حوادث إطلاق النار وإحراق السيارات وسرقة ممتلكات الناس.
وأشار خبراء في العلاقات الدولية إلى أن معدل الفقر والحرمان من الحرية والحقوق الأساسية، واليأس السائد لدى شباب يعيشون أوضاعا صعبة بمخيمات تندوف، يجعلهم فريسة سهلة للتجنيد من قبل مجموعات إرهابية تنشط في منطقة الساحل، لافتين إلى أن التداخل بين أنشطة المنظمات الإجرامية والإرهابية والانفصالية يطرح تهديدات جسيمة، تؤثر بشكل مباشر على أمن المنطقة وعلى أوروبا ككل.
ونبه المغرب والعديد من الدول إلى الخطر الذي يمثله غياب الاستقرار والأمن في المنطقة، وإلى استفادة الجماعات المتطرفة النشطة في الساحل والصحراء منه.
مصادر من داخل مخيمات تندوف تؤكد انتشار السرقات والجرائم، واختطاف النساء، والسطو على المحلات التجارية، وغيرها من مظاهر الانفلات الأمني
وأكد منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف أن قيادة الجبهة توسلت لشيوخ القبائل وأعيانها التدخل لإيقاف أبنائهم، وسمحت علنيا بتنظيم لقاءات قبلية غير مسبوقة، طلبا لمساعدتها في تهدئة الوضع.
وتحدث المنتدى عن “ثورة رجال الشرطة على القيادة من جهة، بسبب توقيف الكثير منهم عن العمل خلال الصراعات القبلية جراء انتمائهم إلى أحد الأطراف، ومن جهة ثانية بسبب توقف صرف رواتبهم، وتركهم دون رواتب، بعدما انشغلت القيادة في تنظيم الولائم القبلية وما صاحبها من هبات وعطايا، لم تجد معه السيولة الكافية لسد مصاريف باقي مؤسساتها، وهو ما زاد الطين بلة”.
ونتيجة الوضع داخل مخيمات تندوف، حسب منتدى فورستاين، الذي يتفاقم بشكل يومي، بدأ الناس في التفكير في الهروب من المخيمات إلى المناطق المجاورة.
ويمنع الحظر وظروف الطوارئ ذلك، إضافة إلى فرض الجزائر شرط الحصول على رخصة للخروج من المخيمات.
وأكد عبدالفتاح أنه “لا يزال هناك رفض تبديه الجزائر لإشراف الهيئات الأممية المعنية على المساعدات الإنسانية للمخيمات، ما يعكس تملصها من مسؤولياتها القانونية والإنسانية إزاء اللاجئين المتواجدين داخل ترابها الإقليمي، إضافة إلى رفضها إحصاء اللاجئين ومعرفة خلفيات انتماءاتهم المناطقية”.