بدأت شركة “إنكاس” الإسبانية العمل على نظام جديد يسمح بإظهار منشأ الغاز الذي يصل إلى إسبانيا، بناء على أوامر جديدة من وزارة التحول البيئي الإسبانية، وذلك في خطوة لقطع الطريق أمام الجزائر التي حذرت من إرسال غازها إلى المغرب.
ونقلت صحيفة “إلبيريديكو ذي انرخيا” أن الوزارة تريد بذلك التأكيد على مصدر الغاز الذي يدخل البلاد، وذلك من أجل توفير الشفافية وضمان منشأ ووجهة الغاز الطبيعي المسال الذي يتعاقد عليه المغرب في الأسواق الدولية.
بموجب اتفاق مع إسبانيا، سيبدأ المغرب شراء الغاز المسال من السوق الدولية، ونقله إلى إسبانيا قبل أن ينقله إلى أراضيه عبر الأنبوب المغاربي.
ويسمح نظام “المنشأ” الإسباني الجديد بمعرفة مصدر الغاز الذي يشتريه المغرب قبل نقله عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، من قِبل الشركة الإسبانية المشرفة على قطاع الغاز في البلاد.
وقررت الجزائر العام الماضي عدم تمديد اتفاق لتصدير الغاز عبر خط أنابيب يمر عبر المغرب إلى إسبانيا يشكل تقريبا كل إمدادات الغاز المغربية. لكن إسبانيا قررت السماح للمغرب بالتزود عكسيا بالغاز، من خلال الأنبوب نفسه الذي يمتد من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب.
وستكون الرباط قادرة على شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية وتسليمه إلى إسبانيا، حيث تتم إعادة تحويله إلى غاز قبل نقله إلى المغرب عبر خط الأنابيب.
وكانت الجزائر هدّدت مدريد بفسخ العقد المبرم بينهما لتصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا إذا ما أعادت الدولة الأوروبية تصدير أي شحنة من هذا الغاز إلى طرف ثالث، في إشارة إلى المغرب.
ورأى مراقبون أن الخطاب التصعيدي الجزائري موجه إلى الداخل أكثر منه إلى إسبانيا، وأن النظام يريد أن يحافظ على صورته كطرف حازم في التوتر مع المغرب.
واعتبر هؤلاء أن النظام الجزائري لا يريد أن يشعر الرأي العام الداخلي بضعفه وافتقاده إلى أوراق التأثير خاصة بعد المكاسب التي حققها المغرب على حسابه وخاصة بعد أن نجح في استمالة إسبانيا إلى مقاربته للحكم الذاتي، وهو أمر لم تستوعبه الجزائر إلى الآن ولم تجد طريقة للرد عليه سوى بتصريحات فضفاضة عن وقف مدّ مدريد بالغاز، وهي مغامرة غير ممكنة.
وأشاروا إلى أن الجزائر تدرك أن توتير العلاقة مع إسبانيا من خلال لعب ورقة الغاز سيثير غضب أوروبا كلها، التي تبحث الآن عن زيادة إمدادات الغاز تحسبا لوقف الغاز الروسي، وأنها لا تقبل بأيّ مناورات أو مغامرات من الجزائر أو غيرها.
وسبق أن قالت الجزائر إنها ستلتزم بعقدها مع إسبانيا، رغم سحب سفيرها بسبب النزاع بين البلدين حول الصحراء المغربية.
ورغم تراجع اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري في الأشهر الأخيرة، لا يزال نحو ربع الغاز الذي تستورده إسبانيا يأتي من الجزائر في الربع الأول من هذا العام مقارنة بأكثر من 40 في المئة عام 2021، بحسب مشغل شبكة الغاز الإسبانية. ويتم تسليم هذا الغاز إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز تحت البحر ميدغاز الذي يربط بين البلدين مباشرة.
وازدادت أهمية إمدادات الغاز من شمال أفريقيا إلى أوروبا هذا العام، في ظل الأزمة الأوكرانية التي ألقت بظلال من الشك على صادرات الطاقة الروسية. ووافقت الجزائر على زيادة إمداداتها إلى إيطاليا.
وتسعى الجزائر إلى الاستفادة من ارتفاع الطلب على إنتاجها من الغاز بعد سنوات من تراجع مبيعات الطاقة، الذي تسبب في انخفاض احتياطياتها من العملات الأجنبية.