ألمانيا تُعوّل على السفير الجديد لتدشين صفحة جديدة مع المغرب

ماموني

يعكس تعيين ألمانيا لروبرت دولغر سفيرا لدى المغرب تحسن العلاقات بين الرباط وبرلين بعد أشهر من التوترات الدبلوماسية بسبب عدة ملفات في مقدمتها الصحراء المغربية التي تم فض الخلاف حولها بإعلان برلين دعم مبادرة الرباط للحكم الذاتي.

وأعلنت وزارة الخارجية المغربية مساء الجمعة، أن الوزير ناصر بوريطة، استقبل الدبلوماسي الألماني دولغر، الذي قدم نسخا من أوراق اعتماده بصفته سفيرا مفوضا فوق العادة لجمهورية ألمانيا الاتحادية لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وقالت مصادر سياسية ، إن السفير دولغر، كان له دور حيوي في تغيير الحكومة الألمانية لموقفها في موضوع الصحراء وساهم في تبديد غيوم الشك في العلاقات بين بلده والرباط، و”سيكون مخاطبا موثوقا من طرف المملكة، كونه يحمل رؤية متكاملة عن مجالات التعاون بين البلدين”.

وأكد محمد لكريني، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، أن “وصول السفير الألماني الجديد دولغر إلى الرباط، بمثابة إعلان عن انطلاق علاقات مغربية – ألمانية جديدة تحفظ مصالح البلدين في إطار رابح – رابح، كأرضية محددة للعلاقات بين البلدين بعدما استوعبت ألمانيا الأخطاء التي ارتكبتها دبلوماسيتها الرسمية إثر رصد عدد من المواقف التي مسّت مصالح وسيادة المغرب إقليميا ودوليا”.

محمد لكريني: وصول السفير إعلان عن انطلاق علاقات مغربية – ألمانية جديدة

وتراهن برلين على سفيرها دولغر، باعتباره أحد المخضرمين في السلك الدبلوماسي الألماني حيث راكم تجربة طويلة في عمله الدبلوماسي، منذ العام 1991، خاصة أنه مطلع على عدد من الملفات السياسية والاقتصادية بشكل خاص كونه كان يرأس مكتب منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في جمعية الصناعة الألمانية.

كما يحظى السفير الجديد باتصالات عديدة في المنطقة ولديه خبرة في العديد من البلدان بأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، ومن خلال عمله السابق سكرتيرا أول في حلف “الناتو”.

وبعد مراجعة موقفها من سيادة المغرب على صحرائه لفت لكريني، أن استئناف العلاقات المغربية – الألمانية مشروط باحترام الوحدة الترابية للمغرب، وهو ما تبين من خلال الرسالة الألمانية الأخيرة التي وجهها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينمير، إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس وعلى أساسها ستُعزَّز العلاقات بين البلدين في مجالات متعددة.

وأشاد شتاينماير، في يناير الماضي، بمبادرة الحكم الذاتي التي اعتبر أنها “أساس جيد” لتسوية قضية الصحراء.

وقبل عام من الآن، استدعى المغرب سفيرته لدى برلين زهور العلوي، للتشاور بسبب ما وصفه بموقف ألمانيا “السلبي” بشأن قضية الصحراء المغربية و”محاولة استبعاد الرباط من الاجتماعات الإقليمية حول ليبيا”.

وسبق لوزير الخارجية المغربي، وأكد أن اتصالات المملكة مع الشركاء الأوروبيين خلال العام الماضي، مكنت من إعادة تقييم شامل للعلاقات الثنائية مع جل الدول الأوروبية، على أن علاقة بلاده مع ألمانيا، يجب أن تراعي الوضوح والمعاملة بالمثل.

واعتبرت السفارة الألمانية في الرباط، بتدوينة لها على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في يناير الماضي، أن “المملكة المغربية شريك محوري لألمانيا، من وجهة نظر الحكومة الاتحادية”، موضحة أن “ألمانيا مستعدة لشراكة تتطلع إلى المستقبل على قدم المساواة”.

ومن المنتظر بعد تعيين السفير الجديد، أن يستأنف التعاون في المجالات الاستخبارية والأمنية، إلى جانب تفعيل بنود الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وألمانيا تتعلق بشراكة تعزيز الهيدروجين الأخضر، التي دشنها البلدان قبل عامين.

وفي الإطار ذاته التقى بوريطة بوزيرة التعاون الاقتصادي الألمانية سفينيا شولتز، في مارس الماضي، حيث ناقش الجانبان طيفا واسعا من مجالات التعاون، بما في ذلك الطاقات المتجددة والتوظيف والتنمية المستدامة.

ويرتبط المغرب وألمانيا بتعاون تنموي طويل الأمد ومطبوع بالثقة في مجالات التنمية الاقتصادية والتشغيل والتنمية المستدامة والمناخ والطاقات المتجددة والمياه.

من المنتظر بعد تعيين السفير الجديد، أن يستأنف التعاون في المجالات الاستخبارية والأمنية، إلى جانب تفعيل بنود الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

وفي هذا الصدد، تدعم ألمانيا الإصلاحات التي قام المغرب على مدى العقدين الماضيين، وهو ما ساهم في إحراز تقدم كبير في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وكان دولغر قد حل في الأيام الأخيرة بالعاصمة المغربية الرباط، استعدادا لبدء مهامه على رأس السفارة الألمانية، بعد محادثات جرت بين وزير الخارجية المغربي، ونظيرته الألمانية في فبراير الماضي، تركزت على انطلاقة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد تجاوز الخلافات حول قضية الصحراء.

وكانت الرباط قررت في مايو 2021 قطع جميع علاقاتها مع السفارة الألمانية في المملكة المغربية، بسبب مواقف برلين المعادية لسيادة المغرب على الصحراء، وقد ظلت العلاقات جامدة عدة شهور، قبل أن تتشكل الحكومة الجديدة في ألمانيا وتُعلن عن تغيير مواقفها في دجنبر من نفس السنة.

وبعد تشكيل الحكومة الجديدة بألمانيا، أقدمت عليها وزارة الخارجية على نشر بلاغ حول العلاقات مع المغرب على الموقع الرسمي للوزارة برئاسة أنالينا بايربوك، أشادت فيه لأول مرة بمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لحل نزاع الصحراء تحت سيادته، وهو الأمر الذي رحبت به الرباط، وأعلنت استئناف العلاقات من جديد مع السفارة الألمانية في المغرب.

واتفق البلدان على إطلاق حوار جديد، يهدف إلى “تجاوز سوء الفهم الطارئ” وكذا تعميق العلاقات الثنائية متعددة الأوجه، كما اتفق وزيرا الخارجية المغربية والألمانية، على ضرورة استئناف التعاون ليشمل جميع المجالات بانخراط جميع الفاعلين.

ونظرا للأدوار التي يلعبها المغرب كشريك مهم في المنطقتين الأفريقية والعربية، يرى خبراء في العلاقات الدولية، أن من مصلحة ألمانيا الحفاظ على العلاقات مع الرباط في إطار من الاحترام والتشاور في القضايا ذات الطابع المشترك.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: