“دبلوماسية الهاتف” لم تحرك العلاقات الجزائرية– الفرنسية المتعثرة

بليدي

تبادل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون التحية وبحثا ملفات مهمة بين البلدين عبر اتصال هاتفي، في واحد من العديد من الاتصالات الهاتفية التي باتت تشكل تقليدا دبلوماسيا بين الرجلين، لكن رغم ذلك تبقى علاقات البلدين متعثرة خاصة في السنوات الأخيرة.

وأفادت الرئاسة الجزائرية بأن الرئيس تبون أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره ماكرون، هو الأول من نوعه منذ إعادة انتخاب الأخير لولاية رئاسية ثانية، وقد “تناولا فيه العلاقات الثنائية والملفات المشتركة، كما تبادلا التحايا بمناسبة عيد الفطر وإعادة الانتخاب”.
وكانت الجزائر قد أبدت تأييدا لماكرون خلال جولة الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وكانت وراء اللقاء الذي جمعه بعدد من الأئمة ورجال الدين المسلمين وبعض الوجوه البارزة في الجالية المهاجرة، خلال شهر رمضان المنقضي بمسجد باريس.

وكثيرا ما أعلنت الرئاسة الجزائرية عن اتصالات هاتفية بين تبون ونظيره الفرنسي، وتناولتها بشيء من التفصيل كالتوقيت والمواضيع والملفات التي تمت مناقشتها، لكن رغم ذلك لم يستطع الرجلان إخراج علاقات بلديهما من المأزق الذي دخلته خلال السنوات الأخيرة.

وكانت مفردات الإطراء اللغة المهيمنة في الغالب على التواصل بين الرجلين، لكن الفجوة لم تتقلص بين البلدين، خاصة بعد التطورات التي شهدتها المنطقة ونقاط التماس بين مصالحهما في مالي ثم الأزمة الأوكرانية. ففي الأولى شكل التقارب الجزائري – الروسي تهديدا مباشرا للنفوذ التاريخي الفرنسي في الساحل الأفريقي، وامتدّ إلى الأزمة الثانية بعد نزوع الجزائر إلى موقف محايد في النزاع الروسي – الأوروبي في أوكرانيا وعدم إزعاج ما يوصف بـ”الشريك التاريخي والاستراتيجي” (روسيا).

ويبدو أن ماكرون اختار التحرك بأقصى سرعة في مواطن النفوذ التاريخي الفرنسي، لصياغة موقف متقارب تجاه الأزمة الأوكرانية، التي هيمنت على اتصالاته الهاتفية مع رؤساء كل من مصر وموريتانيا وجنوب أفريقيا والسنغال وجزر القمر والجزائر.

وكان تبون من أوائل الرؤساء المهنئين لنظيره الفرنسي بعد فوزه في انتخابات الجولة الثانية، ووجه له دعوة لزيارة بلاده، كما وضعت الرسالة التي وجهها له حينها تصورا لعلاقات البلدين في إطار ما أسمته بـ”الندية والاحترام والمصالح المشتركة”.

وكثيرا ما حاول تبون تبرئة ماكرون من التوترات التي عرفتها علاقة الجزائر مع فرنسا، وأرجع المسألة في تصريحات صحافية له إلى ما وصفه بـ”اللوبيات” التي تحاول الإبقاء على علاقات نمطية بين مستعمَر ومستعمِرٍ، بينما ظل يشدد على أن ماكرون “رجل نزيه وصاحب تصورات بناءة”.

Thumbnail
لكن ذلك لم يمنع من أن تشهد علاقات البلدين حالة توتر قصوى في السنوات الأخيرة، لاسيما بعد التصريحات المثيرة لماكرون حول التاريخ والذاكرة المشتركة، الصيف الماضي، والتي قابلتها الجزائر بسحب سفيرها واتخاذ العديد من الإجراءات كغلق المجال الجوي أمام الطيران العسكري الفرنسي العامل في مالي، وفسخ اتفاقيات تعاون اقتصادي وتجاري بين البلدين، وإرجاء عقد اجتماع اللجنة المشتركة العليا بين البلدين التي كانت مقررة في شهر مارس الماضي إلى أجل غير محدد.

وخلطت الأزمة الأوكرانية أوراق المجموعة الدولية والإقليمية، لاسيما الدول المصدرة للطاقة كالجزائر، ولذلك جاءت الأزمة كمحور مضمون الاتصالات التي أجراها ماكرون مع نظرائه في أفريقيا، حيث شملت “الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لتجنب تداعيات الحرب في أوكرانيا وتخفيفها عن الأمن الغذائي العالمي بما يشمل مبادرة فارم التي تهدف إلى تهدئة التوتر في الأسواق الزراعية وتعزيز التضامن حيال أكثر الدول تضررا والاستمرار بالاستثمار في الإنتاج الزراعي المحلي”، بحسب ما أوردته الرئاسة الفرنسية.

ولفت بيان الإليزيه إلى أن “ماكرون وتبون أعادا تأكيد عزمهما على مواصلة الديناميكية الإيجابية في العلاقات الثنائية بين فرنسا والجزائر، فضلا عن الأزمات الإقليمية ولاسيما مالي واتفقا على تعزيز التنسيق بين البلدين حول هذه المسائل”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: