تصاعد القلق بشأن الوضع الحقوقي لمساجين الرأي في الجزائر

La rédaction

تتفاقم حالة الغضب والقلق داخل الأوساط الحقوقية والسياسية في الجزائر بسبب وضع مساجين الرأي وذلك بعد أن أحيت رسالة بعثت بها زوجة السجين إسماعيل رياحي الجدل الحقوقي بشأن هؤلاء وأيضا على خلفية وفاة الناشط حكيم دبازي في السجن مؤخرا.

تتصاعد حالة القلق في الجزائر بشأن الوضع الحقوقي لمساجين الرأي خاصة بعد الرسالة التي توجهت بها زوجة السجين إسماعيل رياحي إلى الرئيس عبدالمجيد تبون من أجل الإفراج عنه.

ويأتي ذلك في وقت تنتظر فيه الأوساط الحقوقية والسياسية في البلاد توضيحات من السلطة حول ملابسات وظروف وفاة السجين حكيم دبازي داخل السجن.

ورفعت زوجة رياحي نداء إلى الرئيس تبون حضته فيه على إطلاق سراحه من السجن المؤقت، ودعته إلى استغلال المناسبة الدينية في إشارة إلى عيد الفطر المبارك لجبر خواطر عائلات جزائرية ظُلمت بسجن أبنائها لأسباب لا تتعلق بارتكاب جرائم حق عام، وإنما بسبب آرائهم السياسية، كما هو الشأن بالنسبة إلى زوجها الذي كان يرفع صورة شقيقه الموقوف هو الآخر.

وتعتبر رسالة زوجة رياحي واحدة من الحالات الإنسانية التي أثارت تعاطف وتجاوب الجزائريين معها، قياسا بالكلمات المعبرة عن الحالة النفسية والاجتماعية لأبناء السجين، خاصة وأنهم على صغر سنهم صاروا يميزون بين سجناء الحق العام وسجناء الرأي الذين يعتبر والدهم واحدا منهم.

زوجة السجين إسماعيل رياحي وجهت نداء إلى الرئيس تبون حضته فيه على إطلاق سراح زوجها من السجن المؤقت

وتحدثت تدوينات لحقوقيين ومحامين عن تسجيل حالات فقدان مساجين لقواهم الصحية والعقلية داخل السجن، ورغم ذلك لم يتم الإفراج عنهم أو تحويلهم إلى مصحات مختصة، ويرى هؤلاء، أن الأسباب تعود في الغالب إلى انهيارات نفسية وعصبية بسبب طول مدة السجن المؤقت، فضلا عن الظروف الإنسانية داخل المؤسسات العقابية.

ولم يصدر أي موقف أو تعليق إلى حد الآن من طرف السلطة المختصة حول الظروف والملابسات التي أحاطت بوفاة السجين حكيم دبازي داخل سجن ضاحية القليعة بالعاصمة، رغم مرور عدة أيام على دفن الضحية في مدينة حجوط بمحافظة تيبازة (غرب العاصمة).

وفيما وجهت أصابع الاتهام إلى السلطات الأمنية والقضائية بعدم مراعاة وضع الضحية والتكفل به في الظروف التي كان يمر بها، خاصة وأن شهادات عيان لفتت إلى أن الفقيد لم يكن يعاني من أي مرض في السابق، وأن المرجح هو إصابته داخل السجن، فإنه لم يصدر أي تعليق من القضاء أو إدارة السجون الجزائرية لتقديم توضيحات أكثر حول المسألة التي حملت قلقا كبيرا حول وضعية حقوق الانسان وحقوق سجناء الرأي.

ونفت السلطات الجزائرية في تصريحات متباينة منها تصريح أدلى به الرئيس تبون أن يكون هناك “سجناء رأي” أصلاً في الجزائر، وأن من يشار إليهم من طرف دوائر سياسية وحقوقية هم سجناء حق عام تمادوا في استغلال منصات التواصل الاجتماعي للمساس بأمن واستقرار البلاد وإهانة الهيئات النظامية وتهديد وحدة وسلامة الوطن.

وكان نحو 70 سجينا قد أطلق سراحهم بالموازاة مع الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما سُوّق له على أنه رسالة طمأنة من السلطات الجزائرية للأميركيين حول احترام ومراعاة ملف حقوق الإنسان، بينما نفته الجزائر بعد ذلك وقالت إنه عفو رئاسي من الرئيس تبون.

وكان نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي قد جدد مطالبته بفتح تحقيق محايد وإتاحته للرأي العام حول ملابسات وفاة معتقل الرأي عبدالحكيم دبازي في المؤسسة العقابية بالقليعة.

واعتبر صالحي أن “قضية وفاة حكيم دبازي ستبقى في السجل الأسود للسلطة، وتضاف إلى قضيتي وفاة كمال الدين فخار ومحمد تامالت في السجن، إلى جانب قضايا التعذيب في المؤسسات العقابية التي لم تكشف بعد تفاصيل تحقيقاتها للرأي العام”.

وقال إن “كثيرا من المواطنين يدعون الرابطة إلى عدم مطالبة السلطات بفتح تحقيق نظرا إلى التحقيقات في القضايا السابقة المماثلة التي لم تعرف النور أبدًا، لكنه من واجبنا كمنظمة تذكير السلطات بالتزاماتها التي تبقى على عاتقها، وتبقى في سجلها الأسود”.

واستغرب صالحي صمت السلطة تجاه قضية وفاة حكيم دبازي في السجن، وعدم إطلاع الرأي العام والمحامين وعائلته حول ملابسات القضية التي باتت قضية رأي عام.

أصوات تنادي بحقوق الإنسان
أصوات تنادي بحقوق الإنسان

وأبرز أن “رابطة حقوق الإنسان تسجل يوميا استفسارات عائلات سجناء الرأي عن ذويهم، كما تسجل العائلة الحقوقية قلقا شرعيا حول مصير المعتقلين في السجون، خاصة وأن التعتيم الإعلامي حول قضية دبازي لا يدعو للطمأنينة، لاسيما وأنها أعادت وضعية سجناء الرأي والسجناء بصفة عامة إلى الواجهة، فرابطة حقوق الإنسان وثقت العديد من الشهادات على غرار نقص الرعاية الصحية والاجتماعية وسوء المعاملة إلى جانب الاكتظاظ داخل المؤسسات العقابية. السجن هو وسيلة لسلب الحرية، وليس لسلب الإنسانية أو سلب الحياة”.

ولفت المتحدث إلى أن الرابطة الحقوقية طلبت عدة مرات زيارة السجون الذي تدخل ضمن مهامها، إلا أن السجون الجزائرية تبقى فضاء مغلقا أمام الرأي العام والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية.

ومن جهته دعا رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة الرئيس تبون إلى اتخاذ إجراءات جذرية من أجل “غلق الملف نهائيا”، لأنه بات مصدر “إزعاج ومآس حقيقية للعشرات من الأسر الجزائرية”، ويعتبر الحزب السياسي الوحيد المقرب من السلطة الذي أصدر موقفا بشأن وفاة السجين حكيم دبازي.

ويأتي ذلك في وقت تم فيه اعتقال الناشط المعارض في الحراك الشعبي مساء الجمعة كريم طابو، الذي أوقف مرارا في وقت سابق قبل أن يتم إطلاق سراحه.

وأعلن المحامي توفيق بلعلى، عن إطلاق سراح طابو، على أن يمثل مجددا الأربعاء القادم للتحقيق.

وكان فريق من إذاعة “راديو أم” الخاصة التي تبث على الإنترنت، قد تعرض للتوقيف من طرف أمن مدينة حجوط مساء الخميس، بعدما كان في مهمة لتغطية الأجواء التي تعيشها المدينة والعائلة بعد وفاة السجين حكيم دبازي، داخل المؤسسة العقابية بالعاصمة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: