قلل مراقبون للشأن الجزائري من المدى الذي يمكن أن يصل إليه تلويح الجزائر بوقف تزويد إسبانيا بالغاز كرد على تزويد المغرب بكميات من الغاز ترى فيها الجزائر خرقا للاتفاق بينها وبين إسبانيا.
وقال المراقبون إن ما يجري بين إسبانيا والجزائر من تصريحات وتصريحات مضادة ليس سوى معركة كلامية لن يكون لها أيّ تأثير على إمدادات الغاز الجزائري إلى إسبانيا، لافتين إلى أن الخطاب التصعيدي الجزائري موجه إلى الداخل أكثر منه إلى إسبانيا، وأن النظام يريد أن يحافظ على صورته كطرف حازم في التوتر مع المغرب.
واعتبر هؤلاء أن النظام الجزائري لا يريد أن يشعر الرأي العام الداخلي بضعفه وافتقاده إلى أوراق التأثير خاصة بعد المكاسب التي حققها المغرب على حسابه وخاصة بعد أن نجح في استمالة إسبانيا إلى مقاربته للحكم الذاتي، وهو أمر لم تستوعبه الجزائر إلى الآن ولم تجد طريقة للرد عليه سوى بتصريحات فضفاضة عن وقف مدّ مدريد بالغاز، وهي مغامرة غير ممكنة.
وأشاروا إلى أن الجزائر تدرك أن توتير العلاقة مع إسبانيا من خلال لعب ورقة الغاز سيثير غضب أوروبا كلها، التي تبحث الآن عن زيادة إمدادات الغاز تحسبا لوقف الغاز الروسي، وأنها لا تقبل بأيّ مناورات أو مغامرات من الجزائر أو غيرها.
وحذّرت الجزائر الأربعاء من أنها ستوقف إمدادات الغاز إلى إسبانيا إذا باعت مدريد أيّ غاز جزائري إلى دول أخرى، وعزت ذلك إلى ما قالت إنه قرار إسباني لتصدير الغاز إلى المغرب عبر خط أنابيب.
الجزائر تدرك أن توتير العلاقة مع إسبانيا من خلال لعب ورقة الغاز سيثير غضب أوروبا كلها
وسبق أن قالت الجزائر إنها ستلتزم بعقدها مع إسبانيا عقب دعم مدريد مقاربة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء ووصفها بأنها مقاربة واقعية.
وأكدت إسبانيا أن الغاز الذي ستنقله إلى المغرب لن يأتي من الجزائر التي هددت بفسخ عقدها مع مدريد إذا حولت الغاز المستورد منها إلى وجهة “غير تلك المنصوص عليها في العقود”.
وقالت وزارة التحول البيئي الإسبانية مساء الأربعاء “لن يكون الغاز الذي يحصل عليه المغرب تحت أيّ ظرف من الظروف من أصل جزائري”. وأضافت أن “تفعيل هذه الآلية نوقش مع الجزائر في الأشهر الأخيرة وتم إبلاغه اليوم (الأربعاء) لوزير الطاقة الجزائري”.
وأضافت الوزارة “المغرب سيكون قادرا على شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية وتفريغه في مصنع لإعادة تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي في البر الرئيسي الإسباني واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي لإيصاله إلى أراضيه”.
وازدادت أهمية إمدادات الغاز من شمال أفريقيا إلى أوروبا هذا العام في ظل الأزمة الأوكرانية التي ألقت بظلال من الشك على صادرات الطاقة الروسية. ووافقت الجزائر على زيادة إمداداتها إلى إيطاليا.
وتسعى الجزائر للاستفادة من ارتفاع الطلب على إنتاجها من الغاز بعد سنوات من تراجع مبيعات الطاقة الذي تسبب في انخفاض احتياطياتها من العملات الأجنبية.
الرباط قادرة على شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية وتسليمه إلى إسبانيا حيث يتم إعادة تحويله إلى غاز قبل نقله إلى المغرب عبر خط الأنابيب
في الوقت نفسه، تدهورت العلاقات بين الجزائر والمغرب خلال العامين الماضيين، وفي العام الماضي قطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
كما قررت الجزائر العام الماضي عدم تمديد اتفاق لتصدير الغاز عبر خط أنابيب يمر عبر المغرب إلى إسبانيا يشكل تقريبا كل إمدادات الغاز المغربية. وتزود الجزائر إسبانيا من خلال خط أنابيب مباشر تحت البحر وعن طريق السفن.
وقال التلفزيون الجزائري إن وزير الطاقة محمد عرقاب تلقى رسالة إلكترونية من نظيرته الإسبانية تخطره بقرار إسبانيا السماح “بالتدفق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي”.
وأوضحت وزارة الطاقة أن “أيّ كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستعتبر إخلالا بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان”.
وتوقفت الجزائر عن إمداد إسبانيا بالغاز عن طريق المغرب في نهاية أكتوبر عبر خط أنابيب الغاز المغاربي – الأوروبي على خلفية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين بشأن قضية الصحراء المغربية.
ويقول خبراء إن الرباط قادرة على شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية وتسليمه إلى إسبانيا حيث يتم إعادة تحويله إلى غاز قبل نقله إلى المغرب عبر خط الأنابيب.
وقال مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، الخميس، إن بلاده تعمل بجد على ضمان التزود بالغاز الطبيعي.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي، عقب اجتماع للحكومة عقد بالرباط، ردا على سؤال بشأن بدء ضخ الغاز من إسبانيا عبر أنبوب الغاز المغاربي، من عدمه.
وأوضح بايتاس أن “الحكومة لها رؤية شمولية تجاه الطاقة، وتعمل على أن تكون البلاد في منأى عن أيّ تقلب”.
ولفت المتحدث إلى أن المغرب “أطلق طلبات اهتمام وهو عازم على الدخول إلى السوق الدولي للغاز المسال”.
وكانت الجزائر استدعت سفيرها لدى إسبانيا بينما لم تستبعد شركة سوناطراك زيادة سعر الغاز المصدر إليها.
ووصف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون السبت تغيّر موقف مدريد بشأن الصحراء بأنه “غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا”، لكنه أكد أن الجزائر “لن تتخلّى عن التزامها بتزويد إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف”.