قانون في المغرب يتيح للمواطنين الطعن في دستورية القوانين

ماموني

صادق مجلس النواب المغربي بالإجماع على مشروع قانون هو الأول من نوعه في البلاد يسمح للمواطنين بالاعتراض على عدم دستورية القوانين التي يحاكمون بها أمام المحاكم.

ويخول هذا القانون للمحكمة الدستورية البت في الاعتراض على عدم دستورية قانون يثار من قبل أحد الأطراف، أثناء النظر في قضية معروضة أمام القضاء، والذي من شأنه أن يؤدي إلى خرق أو انتهاك أو حرمانه من حق من الحقوق أو حرية من الحريات التي يضمنها له الدستور.

وأكدت النائبة البرلمانية قلوب فيطح، عن فريق الأغلبية الحكومية، أن “لهذا النص أثرا واضحا على ترسيخ الضمانات الدستورية التشريعية لحماية الحقوق والحريات، ومن شأن ضمان تطبيقه أن يوفر بيئة حاضنة لترسيخ الحماية الدستورية لحقوق المواطن المغربي وحريته، وتعزيز الولوج الفردي للقضاء الدستوري كأداة قانونية فائقة الأهمية لضمان الحقوق الفردية على الصعيد الدستوري”.

ويمكن أن يقدم اعتراضا على عدم دستورية قانون كل مدع أو مدعى عليه في قضية معروضة على المحكمة، وكل متهم أو مطالب بالحق المدني أو مسؤول مدني أو النيابة العامة في الدعوى العمومية، ويمكن أن يثار هذا الاعتراض أمام مختلف محاكم المملكة وأمام المحكمة الدستورية مباشرة بمناسبة البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان.

كما يمكن إثارة الاعتراض بعدم دستورية قانون لأول مرة أمام محكمة ثاني درجة أو أمام محكمة النقض، ويجب في جميع الحالات أن يثار قبل اعتبار القضية المعروضة على المحكمة جاهزة للحكم.

حمزة أندلوسي: الآلية الجديدة من شأنها تعزيز ضمانات الحقوق والحريات

وأكد حمزة أندلوسي الباحث في العلوم السياسية، في تصريح لـ”العرب”، أنه “بعد المصادقة على مشروع القانون، يكون مجلس النواب قد استجاب لملاحظات المحكمة الدستورية عند مراجعة مشروعها”.

وأشار أندلوسي إلى أن “هذه الآلية الجديدة في المجال الدستوري والقضائي المغربي من شأنها تعزيز ضمانات الحقوق والحريات من خلال فسح المجال للمتقاضين أمام آلية جديدة كانت منعدمة سابقا وهي مكسب حقوقي بنفس ديمقراطي”.

وكان وزير العدل عبداللطيف وهبي قد ذكر خلال جلسة عامة في مجلس النواب، الإثنين، أن المشروع يهدف إلى فتح آفاق مشرقة في مجال الحقوق والحريات بالمغرب، كما يمنح حقا دستوريا جديدا من خلال تخويل المحكمة الدستورية الدفع بعدم دستورية قانون يثار من قبل أحد الأطراف.

وقال وهبي إن “هذا القانون سيعطي للمواطن الحق في مراقبة القوانين التي تصدر عن المجلس التشريعي”، مبرزا أنه في هذه الحالة سيصبح المواطن يراقب التشريع ويراقب القانون في مسألة واحدة ألا تمس بالحقوق والحريات وهي مسألة حقوقية جدا.

وأثناء تقديمه لمشروع القانون توجه وزير العدل إلى البرلمانيين قائلا “ستصبح أعمالكم أمام مراقبة من طرف القضاء الدستوري من خلال المواطنين”.

وفي المقابل، دعا عدد من البرلمانيين إلى التعامل بالكثير من الحذر مع هذا النص التشريعي حتى لا يتم استثماره في “طلبات كيدية تهدف إلى تعليق حقوق وحريات الغير وهدر الزمن القضائي”، وطالبوا بالحد من “تعسف بعض المتقاضين في استعمال حق الاعتراض على عدم الدستورية والحفاظ على فاعلية النظام القضائي بضمان صدور الأحكام القضائية في آجال معقولة”.

وقد أحيل المشروع على المحكمة الدستورية للبت في مطابقته للدستور، بعدما صادق عليه مجلس وزاري في العام 2016.

وبعد أن صادق عليه مجلس النواب بالأغلبية في العام 2018، أصدرت المحكمة بتاريخ السادس من مارس 2018 قراراً بعدم مطابقة عدد من مواده للدستور، فقامت وزارة العدل بتعديله وعرضه من جديد على المصادقة.

قلوب فيطح: القانون سيرسخ الضمانات الدستورية لحماية الحقوق والحريات

واعتبرت فيطح أن “الصيغة الجديدة أضحت أكثر دقة ووضوحا حيث تضمن مشروع القانون التنظيمي جملة من المقتضيات ذات الأهمية القصوى التي يمكن أن تشكل دعامة مثلى لتعميم الطابع الفعلي للحريات والحقوق كما أنه سيساهم في بناء وتعزيز دولة الحق والقانون”.

وأشار بيان مجلس النواب إلى أن القانون سيساهم في تنقيح المنظومة القانونية مما قد يشوبها من مقتضيات غير دستورية، وتكريس الوعي الفردي والجماعي بالحقوق والحريات وتعزيز الديمقراطية والمواطنة، وتكريس سمو الدستور بجعل القاعدة الأدنى تتطابق مع القاعدة الأعلى.

وتساءلت البرلمانية فاطمة ياسين، باسم فريق ومجموعة المعارضة، خلال المصادقة بالإجماع على مشروع القانون التنظيمي، عن مدى جاهزية المحكمة الدستورية للإدماج السلس لهذه الآلية الرقابية الجديدة في القضاء الدستوري، في ظل غياب دراسة للأثر التوقعي لتنفيذ هذا المقتضى التشريعي.

ونص المشروع الجديد على إحداث هيئة أو هيئات بالمحكمة الدستورية، لا يقل عدد أعضاء الواحدة منها عن ثلاثة قضاة، تختص بتصفية الدفوع بعدم دستورية القوانين.

وقال أندلوسي “لطالما طالبت بهذا القانون كل الأحزاب المشاركة في اللقاءات التشاورية معية اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، وكذا الجمعيات الحقوقية الوطنية فضلا عن الهيئات الناشطة في المجال القضائي ببلانا”، مشيرا إلى أن “تنفيذ هذه الآلية سيثبت حدود تفعيلها ومدى فائدة الضمانات المتوخاة منها خصوصا وأن النص القانوني يبرز عند التطبيق وليس النشر فقط”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: