وجهت النقابات المستقلة في الوظيفة العمومية في الجزائر إنذارا إلى السلطة الجزائرية مفاده أن الجبهة الاجتماعية قد تتفجر في أي لحظة في ظل حالة الاحتقان إزاء تدهور المقدرة الشرائية وغيرها، لكن رد الحكومة كان من خلال التشكيك في شرعية هذه النقابات لإجهاض الإضراب الذي شنته الثلاثاء والأربعاء.
نفذت نقابات الوظيفة العمومية المستقلة في الجزائر الأربعاء اليوم الثاني من الإضراب الذي أقرته في وقت سابق ما أدى إلى شلل في دوائر القطاع العام، وهو ما يشكل إنذارا أول من الجبهة الاجتماعية للحكومة الجزائرية.
ولم تقنع الزيادات المعلنة مؤخرا في الرواتب الشركاء الاجتماعيين الباحثين عن إيجاد توازنات اقتصادية واجتماعية حقيقية لضمان استقرار الجبهة الاجتماعية.
وكانت 29 نقابة مستقلة من نقابات الوظيفة العمومية قد دعت إلى الإضراب الذي شهدته الجزائر الثلاثاء والأربعاء والذي أنهى هدنة فرضتها جائحة كوفيد – 19.
وأكد رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين الصادق دزيري، في تصريح لوسائل إعلام محلية، بأن “الإضراب في يومه الثاني عرف التحاق عدد من المؤسسات ليرتفع عدد المضربين الذي شمل جل المحافظات وشل عدة قطاعات على رأسها قطاع التربية الوطنية والصحة العمومية والضرائب، وعدة فئات بقطاع الصحة انضمت وتضامنت مع زملائها المضربين وهم ممارسو الصحة العمومية”.
النقابات التي دعت إلى الإضراب تعتزم عقد اجتماع لتقييم نتائجه ودراسة الخطوات المقبلة إما بإقرار التصعيد أو المهادنة
وتعتزم النقابات التي دعت إلى الإضراب، عقد اجتماع تقييمي لنتائج الخطوة عقب عيد الفطر المبارك، للنظر في نتائجه ودراسة الخطوات المقبلة إما بإقرار التصعيد أو المهادنة، لكن ضرورة مراجعة تقييم ما عرف بالنقطة الاستدلالية لتقييم الرواتب من طرف الحكومة بقيت مسألة غير قابلة للنقاش بالنسبة إلى النقابات المذكورة.
والقطاعات التي شملها الإضراب تتمثل في التربية والصحة والضرائب والشؤون الدينية حيث عبر المضربون في هذه القطاعات عن غضبهم المتصاعد من تدهور القدرة الشرائية وموجة الغلاء وانهيار العملة الوطنية وتوسع دائرة الفقر.
وحذر التحالف النقابي من خطورة الوضع الاجتماعي للطبقة الشغيلة في البلاد، ومن نذر انفجار يهدد السلم الاجتماعي.
واتهم الحكومة بـ”الوقوف عاجزة عن ضبط الارتفاع في الأسعار وتدني مستوى الخدمات العمومية والتضييق عن الحماية الاجتماعية، الناتج عن انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع نسبة التضخم منذ سنوات”.
واعتبر التحالف النقابي القرارات الأخيرة الصادرة عن الحكومة، والقاضية بتخفيض نسب الضريبة على الدخل، وتعديل الشبكة الاستدلالية لمرتبات الموظفين، غائبة الأثر على القدرة الشرائية للموظفين والعمال.
ودعا إلى الرفع من قيمة “النقطة الاستدلالية”، وإنشاء مرصد وطني لحماية القدرة الشرائية، وفتح ملف الأنظمة التعويضية لمراجعة المنح والعلاوات، وتحيين منح المناطق على الأجر الرئيسي الجديد بدل الأجر القاعدي للعام 1989.
لكن السلطة صعدت مع النقابات حيث حاولت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الضغط عليها لثنيها عن قرار الإضراب، من خلال التشكيك في شرعيتها.
ولفتت الوزارة إلى أن ما يعرف بـ”كنفدرالية النقابات الجزائرية لم تستلم إلى يومنا هذا وصل تسجيل التصريح بتأسيسها والذي يسمح لها بممارسة نشاطها بصفة قانونية، وهذا لعدم مطابقة ملفها لأحكام القانون المتعلق بممارسة الحق النقابي”.
وأوضحت في بيان لها “سجلت في الأيام الأخيرة نشر بيانات عن طريق الصحافة وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، صادرة عن بعض المنظمات النقابية الناشطة أساسا في الوظيفة العمومية والمجتمعة باسم تنسيقية المسماة (النقابات الجزائرية لقطاع الوظيفة العمومية)، والمنظمة المسماة (كنفدرالية النقابات الجزائرية)، وأن هذه المنظمات النقابية تعتزم تنظيم حركة احتجاجية بهدف المطالبة، بتحسين القدرة الشرائية”.
السلطة صعّدت مع النقابات حيث حاولت وزارة العمل والتشغيل الضغط عليها لثنيها عن قرار الإضراب من خلال التشكيك في شرعيتها
كما أشار البيان إلى أن “التنسيقية المسماة النقابات الجزائرية لقطاع الوظيفة العمومية ليست منظمة نقابية معترفا بها، وبالتالي فإن أي حركة تباشرها هذه التنسيقية هي انتهاك للأحكام القانونية السارية المفعول في ما يتعلق بممارسة الحق النقابي”.
وأكد على أن “الدعوة إلى ما يسمى إضراب وطني (تضامني)، الذي ينطوي عليه حتما تباطؤ في النشاط الاقتصادي وأيضا يمكن أن يضر بالاحتياجات الأساسية للمجتمع، لا يمكنها أن تكون مواتية للبحث عن توطيد وتعزيز الحفاظ على مناخ اجتماعي هادئ وحوار اجتماعي مندمج فعليا يتم فيه تنفيذ واجبات والتزامات الأطراف في علاقة العمل وفقا للأحكام التشريعية والتنظيمية التي تنظم هذه العلاقة”.
وذكرت بأن ممارسة حق الإضراب، مكرس دستوريا ومؤطر بأحكام القانون، المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب، غير أن هذا الحق يجب أن يمارس وفقا للإجراءات القانونية بعد استنفاد الإجراءات المسبقة للوقاية من النزاعات الجماعية (الاجتماعات الدورية، المصالحة واحتمالا الوساطة)، مضيفة أنه يجب أن تكون المنظمات النقابية التي تدعو إلى الإضراب مسجلة قانونا وتستوفي شروط التمثيلية النقابية.
وحملت وزارة العمل، التنظيمات النقابية المسؤولية عن تطور الأوضاع داخل قطاع الوظيفة العمومية، سواء من خلال دعوة العمال والموظفين إلى إضراب تضامني وطني مخالف لأحكام القانون، أو بالقيام بأعمال احتجاجية تؤدي إلى اعتداء على حرية العمل وعلى استمرارية الخدمة العمومية، وهذه التصرفات يمكن أن تؤدي إلى اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها قانونا.