عبدالمجيد تبون محبط من أداء حكومة يتحمّل وزرها ولا يعين أعضاءها

بليدي

كشف الظهور الإعلامي للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في حوار بثه التلفزيون الرسمي مساء السبت عن مدى استيائه من أداء حكومته، مُرجعا ذلك إلى الطريقة التي تم اختيار أعضائها بها، ما فتح الباب واسعا أمام التكهنات بإجرائه تعديلا حكوميا ثالثا منذ وصوله إلى الحكم في 2019 لإنقاذ صورته في ما تبقى من عهدته الرئاسية.

تعكس تصريحات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون حول بعض الوزراء انتكاسته من أداء حكومته بعد أن خيبت آماله في الوصول إلى حدّ أدنى من تنفيذ برنامجه السياسي، الذي تعهد به أمام الجزائريين في انتخابات العام 2019.

ورغم أنه أجرى تعديلين حكوميين، إلا أن الرئيس تبون يتوجه إلى إجراء تعديل ثالث عميق لإنقاذ صورته أمام الرأي العام في المدة المتبقية من ولايته الرئاسية الجارية.

وألمح الرئيس تبون في تصريح لوسائل إعلام محلية، إلى إجراء تعديل حكومي عميق، لضخ دماء جديدة في أوصال الحكومة التي فشلت في العديد من القطاعات، ولم تستطع تنفيذ البرنامج الذي تعهد به الرجل أمام الجزائريين، ليكون بذلك التعديل الثالث من نوعه منذ انتخابه رئيسا للبلاد في أواخر العام 2019.

واعترف الرئيس تبون لأول مرة، بأن التعيين في الحكومة لم يكن يخضع للمعايير اللازمة، وأن هناك من الوجوه الوزارية من تم اختيارها من البلاتوهات التلفزية التي كانت تنظر لها في بعض المجالات، كما أعطى الانطباع بأن التعيين في الحكومة يخضع لقدرة جماعات الضغط على فرض مرشحيها، وليس لرغبات رئيس الجمهورية.

تبون اعتبر أن التعديل الحكومي، إذا تم، سيكون وفقا لنتائج كل قطاع، حيث يبقى المقياس هو تطبيق قرارات مجلس الوزراء

وكان الرئيس الجزائري قد ابتكر تقليدا جديدا في تعيين وإزاحة الوزراء من مناصبهم، الأمر الذي أثار جدلا لدى الدوائر المختصة، حيث تم تبرير تنحية وزير النقل السابق عيسى بكاي، بـ”الخطأ الفادح”، دون تقديم توضيحات بشأن ذلك.

كما أقيلت وزيرة الثقافة في تعديل طفيف دون تقديم أسباب الإقالة، وانسحب الأمر مؤخرا على المستشار الرئاسي المكلف بملف الزوايا والجمعيات الدينية عيسى بلخضر، الذي أعلن عن تنحيته بدعوى “خرق واجب التحفظ”، دون أي توضيحات إضافية.

وذكر في هذا الشأن، بأن “أي تعديل حكومي يجب أن يكون فعالا حتى تتحقق السرعة في تطبيق القرارات المتخذة على مستوى مجلس الوزراء، وأن الهدف منه هو أن يكون فعالا بغرض التوصل إلى السرعة في تجسيد قرارات مجلس الوزراء واجتماعات الحكومة، وأن أغلب الوزراء في الحكومة تتوفر لديهم الإرادة، غير أن التجربة هي أمر يكتسب بالممارسة والمثابرة”.

واعترف الرئيس تبون لأول مرة، بأن “بعض الوزراء أخفقوا في أداء مهامهم، وأن التعديل الحكومي، إذا تم، سيكون وفقا لنتائج كل قطاع، حيث يبقى المقياس هو مدى تطبيق قرارات مجلس الوزراء”.

ولدى استدلاله على القطاعات التي أبانت عن نجاح في تجسيد قرارات مجلس الوزراء، خص الرئيس تبون، وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي التي أثبتت، “بعد أسبوعين فقط من عقد مجلس الوزراء، أنها جاهزة لتنفيذ الإجراءات المتعلقة بمنحة البطالة، ليتم الشروع بعدها في توزيع بطاقات الشفاء (تعويض الدواء) على البطالين، وهي العملية التي تتواصل في الوقت الحالي”.

وأكد على “التزامه بمواصلة الإجراءات التي تصب في خانة دعم الطبقات الهشة، وضمان وصوله إلى مستحقيه، فضلا عن مختلف التدابير الاقتصادية الرامية إلى توفير المواد الاستهلاكية الأولية ومحاربة المضاربة، ولفت إلى أن بلاده تواجه الأزمة العالمية اعتمادا على جملة من القرارات، على غرار إسناد عملية الاستيراد إلى مؤسسات الدولة، وأن المشكلة بالنسبة إلى الجزائر هي عدم كفاية الإنتاج، وهو ما نلجأ إلى تعويضه بالاستيراد، الأمر الذي أصبح اليوم صعبا نتيجة الندرة على المستوى العالمي”.

ولفت إلى أن مخزون القمح في الجزائر كاف لمدة ثمانية أشهر، فضلا عن كون الجزائر على أبواب الحصاد في الجنوب، وهي العملية التي ستتم في الشمال بعد شهرين، وأن الحكومة اتخذت حزمة من التدابير لتشجيع الإنتاج الفلاحي وفي مقدمتها رفع سعر شراء الحبوب والبقول من الفلاحين عوض شرائه من الخارج، وهو ما شجع  الكثير منهم على العودة إلى إنتاج هذا النوع من المواد  الفلاحية، ويبقى الحل الوحيد والجذري لمواجهة ارتفاع أسعار الحبوب وندرتها في السوق الدولية هو الرفع من الإنتاج ومن المردودية حسب الرئيس تبون.

الرئيس تبون صرح لوسائل إعلام محلية، عن نيته إجراء تعديل حكومي عميق لضخ دماء جديدة في أوصال الحكومة التي فشلت في العديد من القطاعات

وعما أثارته بعض الدوائر السياسية والإعلامية، حول التعسف في حق بعض الناشطين بعد الإقرار بتجريم التصدير للمواد المستوردة، في تلميح لمالك مجمع “سيفيتال” المحتكر لنشاطي الزيت والسكر، ذكر الرئيس تبون في تصريحه: “أنادي منذ سنتين إلى إنتاج الزيت والسكر محليا ورفع مردودية الحبوب إلى 40 قنطارا في الهكتار، وهذا حتى قبل بدء الأزمة الأوكرانية”.

وأضاف: “تم رفع العراقيل عن أكثر من 800 مشروع من بين 900 مشروع استثماري كانت مجمدة، ما سيسمح بتوفير 52 ألف منصب شغل، وأن 2022 ستكون سنة المراجعة الهيكلية للنفقات، خاصة وأنه لا يمكننا الاستمرار في نفس المنوال عندما يتعلق الأمر بهذه المسألة”، وهو ما يمهد إلى أن الحكومة ماضية خلال الأشهر القادمة في طريق سحب الدعم الشامل للمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.

وذكر في هذا الشأن بأن “دعم الطبقات الهشة من مبادئ الجزائر المستقلة، لكن هذا الدعم يجب أن يتوجه إلى مستحقيه، وقد تم إنشاء لجنة وطنية مختصة ستنصب مع نهاية ماي المقبل، وتضطلع بمراجعة هذا الدعم وتضم ممثلين عن البرلمان بغرفتيه والنقابات والأحزاب السياسية وكل الطاقات الوطنية الحية للبلاد”.

وأعلن الرئيس تبون، عن زيادة في منحة البطالة والرواتب ستدخل حيز التطبيق مطلع العام القادم، لكن تبقى مراجعة الدعم هو الحاجز النفسي والاجتماعي والاقتصادي القوي، في ظل الاختلالات المستفحلة حتى في أداء الحكومة نفسها باعتراف الرجل الأول في الدولة، وهو ما ينسحب مضاعفا على الهيئات والمؤسسات المحلية التي تضطلع بمراجعة الدعم وإعداد الخرائط الاجتماعية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: