ندد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مساء السبت بإعلان الحكومة الإسبانيّة في 18 مارس عن دعمها لخطّة الحكم الذاتي المغربيّة، معتبرا أن موقفها “غير كل شيء” في العلاقات الجزائرية الإسبانية.
وكانت مدريد قد غيرت موقفها الرسمي إزاء نزاع الصحراء المغربية لصالح الرباط، بتأييدها مشروع الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب لحل هذا النزاع، وهو ما تسبب في توتر العلاقات بين إسبانيا والجزائر التي استدعت سفيرها لدى مدريد واشترطت عودته بتقديم الحكومة الإسبانية “توضيحات مسبقة” بشأن الأسباب التي جعلتها تغيّر موقفها.
وفي مقابلة مع وسائل الإعلام الوطنيّة قال الرئيس الجزائري مساء السبت إنّ التحوّل في موقف إسبانيا تجاه قضيّة الصحراء المغربيّة “غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا”.
وأضاف “لن نتدخّل في الأمور الداخليّة لإسبانيا، ولكنّ الجزائر كدولة ملاحظة في ملفّ الصحراء المغربيّة، وكذا الأمم المتحدة، تعتبر أنّ إسبانيا القوّة المديرة للإقليم طالما لم يتمّ التوصّل لحلّ” لهذا النزاع.
وأكد تبون أنّ الجزائر “لها علاقات طيّبة مع إسبانيا”، لكنّ الموقف الأخير لرئيس الحكومة الإسبانيّة بيدرو سانشيز من القضيّة الصحراويّة “غيّرَ كل شيء”.
وتابع تبون “نطالب بتطبيق القانون الدولي حتّى تعود العلاقات إلى طبيعتها مع إسبانيا التي يجب ألا تتخلّى عن مسؤوليتها التاريخيّة، فهي مطالبة بمراجعة نفسها”.
وتعكس تصريحات الرئيس الجزائري أنه لم يستفق بعد من الصدمة التي خلفها تبني إسبانيا تغييرا جذريا في موقفها من قضية الصحراء، واختيارها المصالحة مع نفسها قبل المصالحة مع المغرب.
وساهم دعم إسبانيا للطرح المغربي لحل النزاع في الصحراء، باعتباره الحل الأكثر جدية وواقعية، وكذلك زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المملكة المغربية بدعوة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، في الخامس من أبريل الحالي في إنهاء أزمة دبلوماسية بين البلدين استمرت قرابة عام.
وعاش البلدان أزمة غير مسبوقة، وذلك بعد إقدام مدريد على استقبال زعيم بوليساريو إبراهيم غالي على ترابها، بهوية واسم غير حقيقيين، دون إخبار الرباط بذلك.
وسمحت إسبانيا آنذاك بدخول زعيم الجبهة الانفصالية بوثائق سفر تحمل اسم محمد بنبطوش، معللة ذلك بـ”دواع إنسانية”، نظرا إلى أن الرجل كان يعاني من مضاعفات صحية بسبب إصابته بفايروس كورونا.
واستمر التوتر بين البلدين نحو عام كامل، حيث قررت الرباط استدعاء سفيرتها لدى مدريد احتجاجا على ذلك، قبل أن تعود قبل حوالي شهر بعد انجلاء الأزمة بين البلدين.
ويشهد إقليم الصحراء منذ 1975 نزاعا بين المغرب وجبهة “البوليساريو”، وذلك بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.
وتحول النزاع إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار، برعاية من الأمم المتحدة.
وتقترح الرباط حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تدعو “البوليساريو” إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر وتدفع باتجاهه.
ومن جانب آخر، شدّد الرئيس الجزائري على أنّ بلاده “لن تتخلّى عن التزامها بتزويد إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف”.
وتعتمد إسبانيا بشدّة على الجزائر في إمدادات الغاز.
وتأتي تصريحات تبون بعد أن كشفت صحيفة “أوكى دياريو” الإسبانية الأسبوع الماضي أن مدريد باتت تعتمد على استيراد الغاز من الولايات المتحدة بشكل أكبر من الغاز الجزائري.
وأضافت أنه رغم تكلفة نقله عبر المحيط الأطلسي، يكلف الغاز الأميركي في نهاية المطاف أقل من نظيره الجزائري.
وأشارت الصحيفة إلى أن استيراد الغاز من الجزائر يواجه صعوبات خاصة بعد إغلاق الأنبوب المغاربي، إضافة إلى نية الجزائر رفع السعر، بعد التوتر مع مدريد إثر تغيير إسبانيا موقفها الرسمي حول الصحراء المغربية.
وبحسب ما قال مصدر قريب من الملف للصحيفة، تنتج الولايات المتحدة الغاز الصخري، وهو غاز تكلفة إنتاجه رخيصة جدا ما يسمح ببيعه بثمن أقل من الغاز المسال، وهو ما يجعل استيراده أرخص لبلد كإسبانيا.
وأوضح التقرير أن هذا ما يفسر ارتفاع استيراد الغاز الأميركي إلى إسبانيا ليصل إلى 43 في المئة في ما كمية الغاز الجزائري المستورد من إسبانيا تمثل 30 في المئة.
وتقول الصحيفة إن بعض المسوقين الإسبان لديهم عقود طويلة الأجل مع المنتجين الأميركيين، فيما قامت الجزائر بإعادة التفاوض مع الشركات الإسبانية وكل المؤشرات تدل على ارتفاع متوقع في الأسعار.
وكانت مجموعة النفط والغاز الجزائريّة العامّة “سوناطراك” أعلنت بداية أبريل أنها لا تستبعد “مراجعة حساب” سعر الغاز المصدّر إلى إسبانيا، وذلك في سياق التوتّر الدبلوماسي بين الجزائر ومدريد.
وصرّح الرئيس المدير العام لـ”سوناطراك” توفيق حكار لوكالة الأنباء الجزائريّة أنّه “منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، انفجرت أسعار الغاز والبترول. وقد قرّرت الجزائر الإبقاء على الأسعار التعاقديّة الملائمة نسبيا مع جميع زبائنها. غير أنّه لا يُستبعَد إجراء عمليّة مراجعة حساب للأسعار مع زبوننا الإسباني”.