تبون يكتفي بالتصعيد اللفظي: الغاز مستمر نحو إسبانيا

حنان الفاتحي

أنهى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الجدل الذي رافق استدعاء سفير بلاده في مدريد وما إذا كان سيقود إلى تصعيد نحو قطع إمداد إسبانيا بالغاز، على خلفية تغيير موقفها من قضية الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب.

ورغم الانتقادات الشديدة التي وجهها تبون إلى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلا أنه أكد أن إمداد إسبانيا بالغاز سيستمر مهما كانت الظروف.

وتعد ورقة الغاز الورقة الوحيدة التي كان بإمكان الجزائر استخدامها ليكون لاحتجاجها على القرار الإسباني وقع ملموس على الأرض، لكن يبدو أنها فهمت أن هذه الورقة خاسرة وقد تنقلب عليها بعد أن قررت إسبانيا استيراد الغاز من الولايات المتحدة.

وكانت صحيفة “أوكي دياريو” أكدت قبل نحو أسبوع أنه رغم نقل الغاز الأميركي عبر المحيط الأطلسي فإن كلفته في نهاية المطاف أرخص من كلفة نظيره الجزائري.

وأشارت الصحيفة إلى أن استيراد الغاز من الجزائر يواجه صعوبات، خاصة بعد إغلاق الأنبوب المغاربي، إضافة إلى نية الجزائر رفع السعر بعد توتر العلاقات بينها وبين مدريد إثر تغيير إسبانيا موقفها الرسمي المتعلق بالصحراء المغربية.

تكلفة إنتاج الغاز الصخري الأميركي رخيصة جدا مقارنة بالغاز المسال، لذلك فإن استيراده سيكون أرخص لبلد كإسبانيا

ونقلت الصحيفة عن مصدر قريب من الملف قوله “تنتج الولايات المتحدة الغاز الصخري، وهو غاز تكلفة إنتاجه رخيصة جدا ما يسمح ببيعه بثمن أقل من ثمن الغاز المسال، وهو ما يجعل استيراده أرخص لبلد كإسبانيا”.

وفي الشهر الماضي قالت مجموعة النفط والغاز الجزائرية العامة “سوناطراك” إنها لا تستبعد “مراجعة حساب” سعر الغاز المصدر إلى إسبانيا، وهو ما اعتبر ردا على الموقف الإسباني من قضية الصحراء.

وبلغت شحنات الغاز الطبيعي المسال، القادمة من أميركا باتجاه إسبانيا، مستوى قياسيا؛ إذ تناهز 43 في المئة من استهلاك البلاد للغاز الطبيعي في الشهر، مما جعل الولايات المتحدة المصدر الرئيسي للغاز إلى البلاد قبل الجزائر، وفقًا للبيانات المنشورة في 8 أبريل من قبل Enagas مشغل شبكة الغاز في البلاد.

وأكد محمد الطيار، الخبير في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن تصريحات تبون تؤكد أن الجزائر فشلت في استخدام ورقة الغاز وانتبهت متأخرا إلى أنها ليست في موقع قوة يسمح لها بفرض مواقفها على إسبانيا، بالإضافة إلى أنها غير مستعدة لفقدان ما تبقى لها من سوق الغاز الإسبانية، في وقت يمر فيه اقتصادها بأزمة غير مسبوقة.

وأوضح الطيار أن “من بين تجليات ذلك تراجع نسبة الاستثمار في حقول الغاز، مع ارتفاع نسبة استهلاك الغاز محليا، حيث أصبحت الجزائر تحرق الغاز أكثر مما تصدره، كما ترتبط شحنات الغاز المعدة للتصدير باتفاقيات طويلة الأمد مع المشترين، مما يجعلها تفقد تدريجيا موقعها في سوق الغاز الدولية”.

Thumbnail

وبدوره قال سمير بنيس، الخبير في العلاقات الدولية والمقيم في واشنطن، إن “إسبانيا اعتمدت سياسة استباقية بشأن استيراد الغاز من الجزائر، بعدما قامت ببناء بنية تحتية متطورة في تخزين وتحويل الغاز المسال، مما جعلها من بين أكثر الدول الأوروبية تطوراً في هذا المجال”.

وجاءت تصريحات تبون خلال مقابلة له مع وسائل إعلام محلية بثها التلفزيون الرسمي في وقت متأخر السبت. وأشار الرئيس الجزائري  إلى أن “علاقات بلاده مع الدولة الإسبانية جيدة بل متينة جدا”.

وأضاف “ما قام به رئيس الحكومة الإسبانية غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا”، مشددا على أن إسبانيا يجب ألّا تنسى أن مسؤوليتها التاريخية مازالت قائمة في الصحراء، بالنظر إلى كونها هي القوة التي استعمرت المنطقة سابقا.

وشدد على أن الجزائر -رغم الخلاف الدبلوماسي مع مدريد- تطمئن “إسبانيا والشعب الإسباني بأن الجزائر لن تتخلى أبدا عن إمدادها بالغاز”.

وبخصوص سؤال عن تاريخ عودة السفير الجزائري إلى مدريد بعد استدعائه على خلفية الأزمة الدبلوماسية، رد تبون بالقول “السفير في وضع جيد في بلاده الجزائر”.

وفي التاسع عشر من مارس الماضي أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها لدى مدريد للتشاور، احتجاجا على ما اعتبرته “الانقلاب المفاجئ” في موقف الحكومة الإسبانية من ملف الصحراء.

وجاءت الخطوة الجزائرية حينها بعد أن وصفت الحكومة الإسبانية، في رسالة بعث بها بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء بـ”الأكثر جدية” في السعي لتحقيق التسوية في الإقليم المتنازع عليه، بحسب بيان للديوان الملكي المغربي.

واعتبر مراقبون ذلك “تحولا تاريخيا” في موقف إسبانيا من القضية باعتبارها المستعمر السابق للإقليم، لاسيما وأنها كانت تتبنى موقفا محايدا في السابق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: