أظهرت ردود فعل الجالية المسلمة في السويد على حرق بعض المتشددين اليمينيين نُسخًا من القرآن سيطرة ردود الفعل العنيفة التي تجعل المسلمين أقرب إلى الظهور بمظهر المتشددين بدلا من إظهار التسامح وتجنب السقوط في الانفعال تجاه حوادث معزولة.
وقال متابعون لاحتجاجات السويد إن عملية حرق نسخ من القرآن كانت عملا متوقعا لمجموعة صغيرة من أنصار السويدي راسموس بالودان المعروف بمواقفه المناهضة للمسلمين، ما يجعل ردة الفعل العنيفة لمجموعات من الجالية أمرا مبالغا فيه ومن شأنه أن يوفر فرصة لا تقدر بثمن لليمين السويدي الذي يناهض وجود المهاجرين، ويضغط على الحكومة من أجل الحد من الأنشطة التي تتعارض مع هوية السويد.
وأشار المتابعون إلى أن الاحتجاجات خرجت عن هدفها؛ إذ كان يمكن أن يرفع المشاركون لافتات تحث الحكومة على منع تكرار هذا الحادث، لكن جهات غير معروفة حولت التظاهرات إلى استهداف للشرطة واعتداء عليها، وهو أمر قد يجعل السويد تراجع سياسة التسامح مع الجالية بشأن الأنشطة الدينية أو ارتداء الحجاب، خاصة أن الأمر ليس معزولا، فأغلب أوروبا تشهد دعوات من اليمين إلى التضييق على هذه الأنشطة وإلزام الجالية بمراعاة قيم القارة وتقاليدها.
وحذر هؤلاء المتابعون من خطة لمجموعات إسلامية متطرفة تهدف إلى جر الجالية في السويد إلى معركة لا مصلحة لها فيها.
وأعلنت الشرطة السويدية الاثنين عن إصابة 26 من عناصرها و14 مدنيا في الأيام الأخيرة خلال صدامات عنيفة مع متظاهرين احتجوا على حرق القرآن.
وقال قائد الشرطة السويدية أندرس ثورنبرغ خلال مؤتمر صحافي “يصل الأمر في بعض الحالات إلى محاولة القتل، وشهدت كل الحالات اعتداء جسيما على سلطات إنفاذ القانون”.
ووقعت الصدامات الأولى الخميس في لينشوبينغ ونوركوبينغ في الجنوب، وهما المحطتان الأوليان في جولة حركة “سترام كورس” المناهضة للهجرة والإسلام بقيادة بالودان الحامل للجنسيتين الدنماركية والسويدية.
وتوجه بالودان إثر ذلك إلى أوربرو في الوسط، ثم إلى ضواحي ستوكهولم وأخيرا إلى مالمو في الجنوب قبل الإعلان عن تجمعات جديدة الأحد في لينشوبينغ ونوركوبينغ ألغاها في وقت لاحق.
وأضاف قائد الشرطة في المؤتمر الصحافي “استغلت عناصر إجرامية الموقف لممارسة العنف” وهذا “لا علاقة له بالتظاهرات”، مطالبا بتوفير المزيد من الإمكانيات لقوات الأمن.
وأردف “عددنا قليل جدا. أعدادنا تتزايد ولكن ليس بنفس معدل المشاكل داخل المجتمع”.
واندلعت الأحد اشتباكات مع الشرطة تخللها رشق بالحجارة وإحراق سيارات، ما أدى إلى اعتقال 26 شخصا في نوركوبينغ ولينشوبينغ.
وقال مسؤول العمليات الخاصة يوناس هايسينغ خلال المؤتمر الصحافي إن “حوالي 200 مشارك مارسوا العنف واضطرت الشرطة إلى التدخل بالسلاح دفاعا عن النفس”.
وفي مالمو، حيث أحرق راسموس بالودان مصحفا السبت، شهدت ليلة الأحد – الاثنين اضطرابات هي الثانية على التوالي بالتزامن مع اندلاع حريق في إحدى المدارس.
ويعتزم راسموس بالودان الترشح للانتخابات التشريعية السويدية في سبتمبر، لكنه لم ينجح بعد في جمع التوقيعات اللازمة، ويقوم حاليا بـ”جولة” في السويد حيث يزور الأحياء التي تقطنها نسبة عالية من المسلمين ليحرق فيها نسخا من المصحف.
وسبق للمحامي الذي أُدين بتهمة الإهانات العنصرية أن ترشح للانتخابات التشريعية في بلد المولد الدنمارك عام 2019، لكنه حصل بشقّ الأنفس على 10 آلاف صوت.
كما سبق للناشط الذي ينشر تسجيلات على موقع يوتيوب أن أثار الجدل في عدة مناسبات خلال السنوات الأخيرة؛ ففي عام 2019 أحرق مصحفا ملفوفا في لحم خنزير مقدد وحظر فيسبوك حسابه لمدة شهر بعد أن نشر صورة تربط بين الهجرة والجريمة.