طلبت هيئات رقابية من إدارة البرلمان بغرفتيه مباشرة إجراءات رفع الحصانة في حق 19 نائبا، تحسّبا لإحالتهم على القضاء بعد ثبوت تورطهم في ملفات مختلفة، وهي الخطوة التي ستثير جدلا حول شرعية المؤسسة التي لم يمر على انتخابها سوى أشهر، وسط مخاوف من أن تكون قد تحولت إلى غطاء من أجل الإفلات من العقاب.
وأصدرت الأمانة العامة للمجلس الشعبي الوطني الأربعاء الماضي تعليمة مُنع بموجبها النائب عن الجالية بالمنطقة الثانية جنوب فرنسا بوخضرة محمد من دخول مبنى البرلمان، وهو القرار الذي فجر جدلا داخل مجلس النواب، خاصة وأنه يحدث لأول مرة في تاريخه.
وذكرت تقارير محلية أن “قرار المنع جاء على خلفية ملف تسلمه مكتب المجلس يخص وجود علاقة بين النائب الذي ترشح في صفوف الجبهة الوطنية الجزائرية والمؤسسة العسكرية الفرنسية حيث أدى فترة الخدمة العسكرية في سلك الممرضين الذي يعد سلاحا مثل الرماة السنغاليين والفرقة المتخصصة (لاصاص) والقوات الخاصة”.
الإخطارات توزعت على غرفتي البرلمان معا، حيث استقبل مكتب الغرفة السفلى للبرلمان 12 طلبا لرفع الحصانة بينما تلقت الغرفة العليا 7 طلبات
غير أن الإخطارات التي قدمت إلى إدارة البرلمان من أجل مباشرة عملية رفع الحصانة مست 18 نائبا آخر، وهو عدد غير مسبوق، خاصة وأن المجلس لم يمض على انتخابه سوى بضعة أشهر فقط، ولذلك ينتظر أن تثير الخطوة جدلا حادا حول جدوى وشرعية الانتخابات التي جاءت ببرلمان تسلل إليه الفساد مبكرا، وسط توقعات بارتفاع العدد خلال الأيام القادمة.
واستمعت اللجنة القانونية -الموكل إليها استقبال آراء النواب بخصوص حالات رفع الحصانة والتنافي- إلى توضيح من محمد عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد، حيث أكد أنه يرفض الاستجابة لطلب رفع الحصانة عنه، وهو ما سيعطل عمل الهيئة الرقابية إلى غاية تنظيم جلسة انتخابية للبرلمان من أجل التصويت.
وكانت السلطات القضائية قد أرسلت قبل أسبوع إلى مكتبي مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني إخطارات تخص طلبات رفع الحصانة عن نواب غرفتي البرلمان المتابعين قضائيا والذين يفوق عددهم 10 نواب.
وشهدت العهدة التشريعية السابقة رفع الحصانة عن عدد من النواب وأعضاء مجلس الأمة المتهمين في قضايا فساد، وذلك من خلال اللجوء إلى التصويت في جلسة عامة بعد رفضهم التنازل عن الحصانة أمام لجنة الشؤون القانونية وفق الإجراءات التي كان معمولا بها في وقت سابق.
وفيما لم تتسن معرفة انتمائهم الحزبي أكد مصدر من داخل البرلمان أنهم “ينتمون إلى مختلف التوجهات والأحزاب الكبرى والصغيرة، ويجمعهم في الغالب دعم السلطة، وفيهم من انتخب لأول مرة، في حين هناك من سبق له شغل فترة نيابية”.
وتوزعت الإخطارات على غرفتي البرلمان معا (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، حيث استقبل مكتب الغرفة السفلى للبرلمان 12 طلبا لرفع الحصانة بينما تلقت الغرفة العليا 7 طلبات لرفع الحصانة منها 3 أعضاء جدد تم انتخابهم في آخر عملية للتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، و4 من العهدات السابقة بينهم سيناتورة سبق أن طالبت العدالة برفع الحصانة عنها، غير أن ملفها جمد ليتم فتحه هذه المرة من جديد.
وتذكر تقارير محلية أن “من بين الأعضاء المعنيين برفع الحصانة منتخبا عن ولاية في الوسط له متابعات قضائية، حيث لا يزال ملفه على مستوى المحكمة العليا، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حول كيفية تمكن ‘السيناتور’ من افتكاك مقعد نيابي في وقت كانت فيه التحقيقات على أوجها بالسلطة الوطنية المستقلة، وتم حينها إسقاط العديد من الملفات بسبب المتابعات القضائية”.
وفي المقابل تفيد بأنه على عكس مجلس الأمة، فإن المعنيين من المجلس الشعبي الوطني -وهم 12 نائبا الذين وردت أسماؤهم في قائمة المعنيين برفع الحصانة- كلهم منتخبون لأول مرة، وينتمون إلى مختلف التشكيلات السياسية، كما أن القضايا التي يتابعون بمقتضاها قديمة ومعظمها تعود إلى 3 أو 4 سنوات، ولا صلة لها بالإرهاب أو الفساد.
وفي أول رد فعل لها سارعت التشكيلات السياسية الممثلة للنواب المعنيين إلى مراسلة وزير العدل عبدالرشيد طبي لطلب إمهال هؤلاء إلى غاية انتهاء عهدتهم البرلمانية، لاسيما أن القضايا التي يتابعون بمقتضاها ليست خطيرة.
وتنص المادة 130 من الدستور الجديد المعدل في نوفمبر على أنه يمكن أن “يكون عضو البرلمان محل متابعة قضائية عن الأعمال غير المرتبطة بمهامه البرلمانية بعد تنازل صريح من المعني عن حصانته”، ونصت المادة نفسها على أنه في حال عدم التنازل عن الحصانة، يمكن لجهات الإخطار إخطار المحكمة الدستورية لاستصدار قرار بشأن رفع الحصانة من عدمه.