اعتبرت أوساط سياحية مغربية أن عودة الرحلات البحرية مع إسبانيا ستمنح القطاع الذي عاني كثيرا في العامين الماضيين فرصة كبيرة لاستعادة زخم نشاطه خاصة في ظل حزم الدعم التي قدمتها الحكومة مؤخرا وأعطت أصحاب الأعمال جرعة تفاؤل لإنهاء حالة الركود.
تترقب أوساط السياحة المغربية انعكاسات قرار عودة الرحلات البحرية مع إسبانيا، والتي يعتقدون أنها ستعمل على إنجاح الموسم الحالي وتدارك ما فاتهم بعدما قطعت السلطات شوطا مهما في تحصين البلاد أمام الوباء.
وشكل استئناف حركة نقل الأفراد عبر المتوسط من الخطوات التي كانت يترقبها أصحاب الأعمال في القطاع بعدما أثّر توقفها على النشاط السياحي بين البلدين.
واستعادت الرحلات البحرية للركاب حركتها الاعتيادية بفضل تطبيع البلدين مؤخرا علاقاتهما الدبلوماسية، حيث رست في وقت سابق هذا الأسبوع في طنجة أولى السفن الآتية من إسبانيا بعد عامين من التوقف.
بوشعيب البازي : الحكومة المغربية ساهمت في ابعاد الجالية المغربية عن وطنها ..
حيث وجهت الجالية المغربية وجهتها السياحية في السنتين الاخيرتين و ذلك راجع للقرارات المجحفة التي اتخذتها لولوج التراب الوطني ، حيث منعت الاحياء و الاموات بقرارات كانت غير صائبة و لم تخدم لا المغرب و لا الجالية .
محمد وعناية: الخطوة جاءت في وقت مناسب وستدعم عملية “مرحبا”
وتتيح خطوط الملاحة تنقل مئات آلاف السياح من البلدين في الاتجاهين بين مينائي طنجة المدينة وطنجة المتوسط المغربيين، واللذين يعتبران من بين أكبر مرافئ الحوض المتوسط، ومينائي طريفة والجزيرة الخضراء الإسبانيين.
ويستقل الملايين من المسافرين سنويا هذه الخطوط، خصوصا خلال عودة المغاربة المقيمين في أوروبا إلى بلادهم لتمضية عطلة الصيف. ولم يعلن البلدان عن عدد الرحلات المقررة أسبوعيا.
ووصلت الثلاثاء الماضي السفينة “طريفة جيت” إلى ميناء طنجة المدينة وعلى متنها 35 راكبا. وقال عبدالحميد الخديري أحد ركاب الرحلة لوكالة الصحافة الفرنسية “هذا يوم عظيم، نحن جد سعداء بالعودة إلى بلادنا بعد عامين من الغياب”.
ويبلغ عدد المغاربة المقيمين في الخارج نحو 5 ملايين، أغلبهم في أوروبا، وهو ما يجعلها ثاني أكبر جالية لبلد أفريقي. ويقوم حوالي 42 في المئة منهم بتحويل ملايين الدولارات سنويا. وقدرت وزارة الهجرة الإسبانية عدد المغاربة بالبلاد بأكثر من 811 ألف شخص.
وتراهن الفنادق على عودة المغتربين لإنعاش الموسم السياحي خلال الصيف، بعد ركود سببه انتشار فايروس كورونا، حيث اضطرت العديد من مرافق القطاع إلى التوقف عن النشاط والتخلي عن العاملين فيها.
وكانت الرباط قد علقت حركة نقل الركاب عبر البحر المتوسط مع إسبانيا منذ ظهور الجائحة مطلع العام 2020، من دون أن يستأنفها عندما أعاد فتح حدوده للرحلات الجوية، بسبب أزمة دبلوماسية اندلعت ربيع العام الماضي.
وفي سياق هذه الأزمة استثنت الرباط الموانئ الإسبانية من عملية عبور المهاجرين المغاربة المقيمين في أوروبا الصيف الماضي.
لكن البلدين أعلنا الجمعة الماضية فتح مرحلة جديدة في علاقاتهما على أساس خارطة طريق تشمل العديد من النقاط من أبرزها “إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين”، خلال زيارة لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الرباط لتأكيد المصالحة بين البلدين.
واستعاد ميناء طنجة المدينة، الذي تترآى منه مشارف مدينة طريفة الإسبانية عندما تكون الأجواء صافية، حيويته مع وصول أولى السفن إليه.
ويتوقع أن تنشط الحركة فيه بشكل أكبر عندما يستأنف عبور الركاب على متن سيارات ابتداء من الثامن عشر من أبريل الجاري، بحسب ما أعلنت وزارة النقل المغربية الاثنين الماضي.
لكن هذه الحركة يتوقع أن تشهد أوجها مع بدء عملية “مرحبا” لاستقبال المغتربين المغاربة المقيمين بأوروبا، الذين يعودون لتمضية عطلة الصيف. وبحسب السلطات الإسبانية فإن هذه العملية ستنطلق بين منتصف يونيو وحتى منتصف سبتمبر المقبلين.
وقال المدير العام الشركة المسيّرة لميناء طنجة المدينة محمد وعناية لوكالة الصحافة الفرنسية إن استئناف النقل البحري للركاب “جاء في الوقت المناسب، على بعد شهرين فقط على انطلاق عملية ‘مرحبا’ ما يتيح فرصة مناسبة لوضع التدابير الضرورية لإنجاحها”.
وتؤكد الحكومة الإسبانية أن “مرحبا” مكنت من عبور أكثر من 3.3 ملايين مسافر وأكثر من 760 ألف سيارة باتجاه المغرب عبر الموانئ الإسبانية في 2019، ما مثّل “واحدة من أهم تدفقات المسافرين بين القارات في مثل هذه المدة الوجيزة”.
وكان استئناف الملاحة البحرية للركاب منتظرا أيضا من قبل السياح المغاربة الذين تشكل اسبانيا إحدى وجهاتهم المفضلة، خصوصا بعد إعادة فتح المجال الجوي في فبراير الماضي. وفي العام 2018 تجاوز عدد السياح المغاربة الذين وصلوا إسبانيا للمرة الأولى عدد الإسبان الذين زاروا المغرب، وفق أرقام إسبانية رسمية نشرتها وسائل إعلام مغربية.
ووقف المغرب على حجم الخسائر الكبيرة جراء شلل نشاط قطاع السياحة الاستراتيجي إلى جانب الصناعة والصادرات، بعد أن فقد الكثير من زخمه بسبب قيود الإغلاق منذ تفشي فايروس كورنا قبل عامين.
3.3مليون مسافر وأكثر من 760 ألف سيارة قدموا إلى المغرب عبر الموانئ الإسبانية في 2019
وذكرت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور في فبراير الماضي أن بلادها تكبدت خسارة بنحو 90 مليار درهم (9.54 مليار دولار) من إيرادات السياحة الخارجية بالعملة الصعبة، خلال العامين الماضيين جراء الجائحة.
وأكدت أن تأثر القطاع كان كبيرا من أزمة كورونا، إذ انخفض عدد السياح الوافدين بنسبة 79 في المئة في 2020 و71 في المئة خلال 2021 مقارنة مع 2019.
وقبل الجائحة أثبت قطاع السياحة على مدى سنوات قدرته على التأقلم مع الظروف الاقتصادية العالمية المضطربة، وتمكن من تحقيق نمو كبير في أعداد السياح، بفضل الاستقرار السياسي والاقتصادي وجهود تطوير المنتجات السياحية. ويرتبط البلدان عموما بعلاقات اقتصادية قوية، حيث تعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب منذ العديد من السنوات.
ووفق خارطة الطريق التي اتفق عليها البلدان لبدء مرحلة جديدة في علاقاتهما ينتظر أيضا “استئناف حركة نقل البضائع بشكل طبيعي في المعابر الحدودية لسبتة ومليلية” اللتين تعتبرهما الرباط جزءا من الأراضي المغربية.
وكان المغرب أوقف منذ 2019 تدفق البضائع من هذين الجيبين الإسبانيين، الواقعين على ساحله الشمالي، إذ تعتبر هذه التجارة غير قانونية والتي تُغرق السوق المحلية بالبضائع المهربة. واستمر الإغلاق مع جائحة كوفيد ليشمل أيضا تنقل الأشخاص.
وتشير بعض التقديرات إلى أن التهريب عبر جيبي سبتة ومليلية يكبد خزينة الدولة المغربية خسائر سنوية تتراوح بين 500 و700 مليون دولار سنويا.