المغرب: انتقادات لـ«عصا» أخنوش السحرية… و«إفلاس» بايتاس… واستعانة وزيرة السياحة بـ«مؤثرين»
اردان ماجدة
تحولت الحكومة المغربية إلى مرمى سهام عدد من كتاب الافتتاحيات في الصحف المطبوعة ومقالات رأي في مواقع إلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، حيث أوخذت على عدم تفاعلها الإيجابي مع مطالب شريحة واسعة من المواطنين التي اكتوت بنيران الزيادات المهولة في المواد الاستهلاكية.
وهكذا وجه الكاتب صلاح بوسريف انتقاداً إلى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، حيث كتب في افتتاحيته أمس في صحيفة “المساء”: “تصريح رئيس الوزراء أمام وسائل الإعلام المختلفة، بأن الحكومة ليست عندها عصا سحرية لحل كل المشاكل هو حق. الباطل فيه أن هذه الحكومة في وعودها الانتخابية وعدت بالكثير، وصبغت الأسود بالأبيض، والليل ألبسته ثوب النهار، وقالت ما لم يقله مالك في الخمرة”.
وأضاف: “بعد فترة وجيزة من عمر هذه الحكومة، تفاقمت المشاكل وتراكمت في كل المجالات وفي كل القطاعات ما ظهر من حلول في بعض القطاعات ليست حلولاً جذرية، بل هي حلول آنية تكفي لإخفاء الجمر تحت الرماد، لا إطفاء الجمر ليصير رماداً”.
في السياق نفسه، كتب حميد جماهري، مدير صحيفة “الاتحاد الاشتراكي” في افتتاحية أمس: “منذ دخول المغرب إلى نادي الدول المتأثرة بالأزمة الناتجة عن الحرب الأوكرانية الروسية، ونحن لا نسمع سوى روايات الحكومة عن هذه الحرب وعن ما يقع.. بدون أن تقدم رؤية الحرب في أسواق المواد الغذائية ومحطات الوقود!”.
وتابع: “ولعل كثيرين منّا يشبهون أبناء تلك الأرملة في قصة الفاروق عمر، والتي كانت تضع الحصى في القِدر الذي تشعله ريثما ينامون. الحكومة تضع في القِدر الذي يغلي قرارات العقوبات الاقتصادية على موسكو، ودبابات الفتى الشيشاني قاديروف، المؤمن بفلاديمير بوتين حتى الموت، جنباً إلى جنب مع قصاصات وكالتي الأنباء الروسيتين سبوتنيك وروسيا اليوم، ريثما تجد حلاً! وهي في نظر المغاربة لا تبحث عن الحل أصلاً!”.
وأوضح أنه يتابع ما تقوله الحكومة في قضية الغلاء، حيث ثبت له “أن كل الوزراء يرددون، ما قد يردده أبسط مواطن من مواقف: كما هو حال وزير الفلاحة، الذي يقول لنا بعظمة لسانه “نحن أمام أزمة متعددة العوامل وغير متحكم فيها”. ويبرئ الحكومة بالإفصاح عن نواياها… قائلاً: “والحكومة تبذل قصارى جهودها من أجل مواكبة هذه الوضعية!”.
ومن باب السخرية، قال كاتب الافتتاحية إن الحكومة تدعو المواطنين إلى أن “يتحملوا مسؤولياتهم في كل ما يستعملونه”، فيكون عليهم تحمل مسؤولية السيارات التي يسوقونها كما قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، ولا يلقون باللائمة على وزرائنا الذين يتنقلون على الدراجات الهوائية من باب إعطاء النموذج… ونحن فقط لا نراهم لأننا نتعمد أن نكون عمياناً!”.
وختم جماهري مقاله بالقول: “اليوم، ضروري أن نتحمل مسؤولية السيارة وغداً مسؤولية استعمال البطن، وبعدها استعمال الحلقوم، وهكذا حتى نتخلص من كل ما يمتد فينا كمسارات للاستهلاك! ونعفي الحكومة من مشاكلنا، ونعفي رئيسها بالأساس من التناقض بين أن يطلب منه إيجاد حل وأن يعمل من أجل إيجاد الأرباح الضرورية من الأزمة… في نفس الوقت!”.
وفي الصحيفة نفسها نقرأ مقال رأي ينتقد مصطفى بايتاس، الوزير الناطق باسم الحكومة المغربية، تحت عنوان “بايتاس على درب الإفلاس”، إذ آخذه على بعض تصريحاته “التي لا تليق بشخص في منصب المسؤولية، ولا سيما أنه مكلف بمهمة التواصل والاتصال التي تقتضي من صاحبها التحلي بنوع من الحكمة واللباقة”.
وقال إسماعيل الحلوتي كاتب المقال: “كان عليه بدل أن يطلق الكلام على عواهنه واستفزاز المغاربة بتلك اللغة الاستعلائية، أن يتعلم من نظرائه في بعض بلدان العالم، الذين لم يتجرأ أي أحد منهم على دعوة المواطنين إلى تحمل تكاليف التنقل بسياراتهم، إذ خلافاً لذلك أعلنت حكوماتهم عن توجيه دعم استثنائي لعموم مستعملي السيارات الخاصة، في إطار دعم القدرة الشرائية والتخفيف من أعباء الغلاء القائم”. ودعا الكاتبُ الوزيرَ الشاب “إلى ضرورة تجنب العجرفة والتحلي ما أمكن بما يلزم من الحكمة والرصانة والارتقاء بالخطاب السياسي، عوض السير على نهج سابقيه من “السياسيين” الفاشلين، الذين لا يحسنون سوى إثارة غضب المواطنين وإهانتهم في تصريحاتهم الإعلامية”.
على صعيد آخر، وجهت انتقادات إلى وزيرة السياحة المغربية، فاطمة الزهراء عمور، بسبب استعانتها بعدد من “المؤثرين” في وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للبرنامج الحكومي “فرصة” الذي يهدف إلى خلق مناصب شغل للشباب.
وكتب الباحث محمد بودن تدوينة اعتبر فيها أن منح “المؤثرين” شيكاً على بياض غير مناسب تماماً للعمل المؤسسي، ولم يكن سبباً في تطور اليابان وسنغافورة وروندا وغيرها. وأوضح أن الارتكاز على “المؤثرين” يعني الافتقاد لرؤية، لأن أربعة مؤثرين فقط قد يكون تأثيرهم مختلفاً بشأن نفس المشروع، وخلص إلى القول إن “مشاريع السيادة الوطنية ينبغي أن تكون محصنة وقائمة على حس سليم وعميق”.
في الاتجاه نفسه، دوّن الإعلامي رضوان الرمضاني على “فيسبوك” ما يلي: “من باب التمهيد لاستقطاب الشباب، ولخلق جو من الثقة والتفاعل الإيجابي مع “الفرصة”، حبذا لو راعى المشرفون على البرنامج، وعلى الشق التواصلي فيه خصوصاً، قليلاً، السياق السياسي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد”. وأردف قائلاً: “ليس مقبولاً أبداً، ونحن نحاول إقناع المغاربة بأن بلادهم تعيش الأزمة، وندعو المواطنين إلى تزيار الصمطة (أي التقشف)، وفي الوقت نفسه نُبذِّر الكثير من المال العام في “الشكليات”. هذا ليس شعبوية، إنما مراعاة للنفسية الجماعية المغربية التي تتريّب من مظاهر البَذَخ الرسمي”.
ولاحظ أن “فرصة” ليس برنامجاً لتسويق صورة المغرب، حتى نجتهد في التجميل، بل برنامج لإنقاذ شباب عاطل، وبما أنه كذلك فالمفروض مراعاة تفاصيل التفاصيل في التسويق له… هذه “فرصة” للشباب ولا ينبغي أن تتحول إلى “فرصة” للكسب عند بعض “الكبار” المحظوظين؛ على حد تعبيره.
الإعلامي يونس دافقير اعتبر أن هذا الصدام بين “الصحافيين” و”المؤثرين” بدأ يتكاثر، لاحظناه في قطاع التعليم والسياحة مؤخراً، وقبل ذلك رأيناه في الدبلوماسية ولجنة “النموذج التنموي”. واعتبر أنه من غير السليم خلق نوع من المنافسة بين الصحافيين والمؤثرين، ويسيء أكثر للصحافة. وتابع أن السياسي أو المسؤول يتعامل مع “المؤثرين” من باب أنهم آلية تسويق وتواصل، وليس من باب أنهم صحافة.
وذهب صاحب التعليق إلى القول: “السياسي أو المسؤول براغماتي بطبيعته، يبحث عن أكبر عدد من الجمهور لتبليغ رسالته أو مشروعه، والحقيقة المرّة اليوم أن الجمهور الكبير موجود لدى المؤثرين وليس عند الصحافيين”، وفق تقديره.