الجزائر ترد عبر بوليساريو على دعم إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي

ماموني

اختارت الجزائر الرد على قرار إسبانيا دعم مبادرة الحكم الذاتي كحل لإنهاء النزاع على الصحراء المغربية من خلال إيقاف التواصل بين مدريد وجبهة بوليساريو الانفصالية.

وأكدت بوليساريو في بيان أن الأمانة العامة للجبهة قررت “تعليق اتصالاتها بالحكومة الإسبانية بالنظر إلى الخطوات الملموسة التي اتخذتها حكومة بيدرو سانشيز في هذا الاتجاه، حتى تنأى بنفسها عن استعمال القضية في إطار المقايضات البائسة وحتى تلتزم بقرارات الشرعية الدولية”.

وقال محمد الطيار الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية إن “إعلان بوليساريو عن تعليق اتصالاتها مع الحكومة الإسبانية الحالية، هو في العمق إجراء جديد من حاضنتها الجزائر بعدما تأكدت أن استدعاء سفيرها من مدريد لم يؤثر على مسار إسبانيا الجديد في علاقاتها مع المغرب، كما لم يثنها عن الاستمرار في تأكيد صواب وقوة موقفها الجديد من قضية الصحراء المغربية”.

وأوضح الطيار أن “صدور بيان بوليساريو تزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسباني إلى المغرب وقيام وزارة الخارجية الإسبانية بإزالة الخط الفاصل بين المغرب وأقاليمه الجنوبية من على الخارطة الرسمية المعتمدة، مما يعكس قوة تأثير الحدث وخطورته على مشروع الجزائر وبوليساريو”.

محمد الطيار: الجزائر تجد نفسها عالقة وحدها في مستنقع المشروع الانفصالي

وأزالت وزارة الخارجية الإسبانية الخط الفاصل بين الصحراء والمغرب في الخارطة الرسمية المعتمدة، وذلك بعد تغيير مدريد موقفها الرسمي وإعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط لحل النزاع حول الصحراء.

وقالت صحيفة “ملينيو”  الإسبانية إن التغيير في الخارطة لا يمثل دعم حكومة بيدرو سانشيز لاقتراح “الحكم الذاتي” فحسب بل يفترض أيضا سيادة مغربية على الإقليم.

وزار سانشيز الخميس المغرب وعقد قمة مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، حيث جدد دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي.

وأكدت الحكومة الإسبانية أنها تعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة إلى المغرب، وبجهود الرباط الجادة وذات المصداقية في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق عليه بشأن هذه القضية.

وكانت الجزائر قد استدعت سفيرها بمدريد للتشاور، على خلفية قرار إسبانيا. وهو ما عكس صدمتها من الموقف الإسباني الذي لم تكن تتوقعه. ووصفت خيار إسبانيا دعم المبادرة المغربية بـ”خيانة إسبانيا التاريخية الثانية للشعب الصحراوي”.

ولدى بوليساريو مكتب مسجل في مدريد كمنظمة وليس كجهة رسمية خارجية، كما أن كل الاتصالات الرسمية لإسبانيا حول وضع مخيمات تيندوف على الأراضي الجزائرية تتم عبر سفارة الجزائر في مدريد باعتبار أن الجزائر هي المسؤولة قانونيا عن تلك المخيمات.

واعتبر  محمد الطيار أنه “طيلة أكثر من أربعة عقود ارتبط مصير بقاء بوليساريو بالنظام الجزائري من جهة، كما ارتبط من جهة أخرى بإسبانيا التي كانت تغذي الانفصال بالأقاليم الجنوبية المغربية بشتى الطرق، وقد جندت من أجل ذلك مجتمعها المدني ومخابراتها، لذلك فتغيير موقفها وتخليها عن بوليساريو أصابا الأخيرة في مقتل، لتجد الجزائر نفسها عالقة وحدها في مستنقع المشروع الانفصالي”.

وأضاف أن “بوليساريو وهي تعلن تعليق اتصالاتها بالحكومة الإسبانية الحالية، تمني النفس بصعود حكومة جديدة تعود إلى الموقف السابق، وهذا وحده دليل على عجز الجزائر وبوليساريو عن قراءة التوازنات والتطورات الحاصلة في قضية الصحراء المغربية وكيف حسم المغرب المشكلة المفتعلة بشكل نهائي”.

ويرجح مراقبون أن تصعّد الجزائر ضد إسبانيا خلال الفترة المقبلة للضغط من أجل إجبارها على التراجع عن قرارها.

وقال الدبلوماسي والوزير السابق الجزائري عبدالعزيز رحابي إن قرار سانشيز يعتبر مقامرة، متوقعا استعمال الجزائر ورقة الهجرة كونها تتقاسم الحدود مع سبع دول في أفريقيا بالإضافة إلى ورقة الغاز، للضغط على الحكومة الإسبانية كي تتراجع عن موقفها.

ودافع سانشيز عن قراره بدعم مبادرة الحكم الذاتي، معتبرا أنه يتماشى مع قرارات دول أخرى كفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، وشدّد على أن قراره سمح بإعادة العلاقات مع المغرب إلى طبيعتها.

Thumbnail

وعلق محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، على قرار بوليساريو إيقاف الاتصالات مع إسبانيا بالقول “إذا كانت بوليساريو تنوي عرقلة الدعم الإنساني الذي تخصصه جهات رسمية ومدنية إسبانية لمخيمات تيندوف، في مقدمتها الوكالة الإسبانية للتعاون، فسيكون المتضررون من ذلك هم قاطنو تلك المخيمات وليس إسبانيا، رغم أنها لا تتعامل سوى مع الجهات الجزائرية بخصوص إدارة المخيمات، وفي مقدمتها الهلال الأحمر الجزائري الذي يعكف على تحويل المساعدات إلى بوليساريو”.

وتلعب الجزائر منذ عقود دورا كبيرا في الصراع على  الصحراء المغربية من خلال دعمها لجبهة بوليساريو، وهو الأمر الذي يتعامل معه المجتمع الدولي كأمر واقع رغم رفض الجزائر لذلك، حيث اعتبرها مجلس الأمن في قراراته الأخيرة بشأن الصحراء طرفا رئيسيا وألزمها بالمشاركة في الموائد المستديرة وذكرها خمس مرات أسوة بالمغرب.

وطلب مجلس الأمن من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا استئناف الموائد المستديرة مع الأطراف الأربعة، وهي المغرب والجزائر وموريتانيا وبوليساريو، لكن الجزائر رفضت المشاركة.

ومن المتوقع أن يعقد مجلس الأمن في العشرين من أبريل الجاري جلسة بخصوص ملف الصحراء يقدم خلالها دي ميستورا لأول مرة تقريرا عن الوضع الحالي للملف بعد جولته الميدانية الأخيرة في المنطقة.

وبحسب الطيار فإن المجتمع الدولي قرر إنهاء النزاع المفتعل في إطار السيادة المغربية الكاملة، مشيرا إلى أن بيان بوليساريو ينبئ بنهاية جبهة بوليساريو، بعد تراجع إسبانيا عن المشروع الانفصالي وتخليها عن قادة الجبهة الذين يحمل أغلبهم الجنسية الإسبانية وعلى رأسهم زعيمها إبراهيم غالي.

وكانت أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد قد اندلعت قبل نحو سنة بسبب استقبال إسبانيا لغالي من أجل العلاج، وهو ما أثار حفيظة المغرب الذي استدعى سفيرته قبل أن تستأنف العلاقات بعد قرار إسبانيا دعم مبادرة الحكم الذاتي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: