شذرات من سيرة شخصيات قنيطرية الفنان التشكيلي المبدع محمد البوكيلي

عبد العزيز الناوي


إنه فنان تشكيلي ونحات وحروفي ولد بمدينة فاس سنة 1950، يعتبر من أبناء مدينة القنيطرة البررة ، تخرج من معهد تطوان للفنون الجميلة في سبعينيات القرن الماضي ، أسس مطبعة بمدينة القنيطرة ، ومؤسسة محمد البوكيلي إبداع وتواصل ، والملتقى الدولي للفنون التشكيلية الذي وصل إلى الدورة العاشرة .
شارك منذ سنة 1971 في عدة معارض جماعية للفن التشكيلي ،كما نظم معارض شخصية في عدد من المدن المغربية و في الخارج وحصل على عدة جوائز ، وتم تكريمه في عدة مناسبات إعترافا بإبداعه في الفن التشكيلي وخاصة في مجال الخط العربي .

يعتبر الفنان محمد البوكيلي من رواد الحركة ” الحروفية العربية ” التي ترتكز على الخط العربي ،إذ عرف بمساهمته في إبراز جمالية الخط العربي الذي إحتل مكانة متميزة في الحضارة والفنون الإسلامية، موظفا في ذلك التراث الديني والحضاري العربي الإسلامي .

وصف عمله الفني الراحل الإعلامي والأديب والناقد والفنان التشكيلي “أديب السلاوي” ب “التعاشق بين الحرف والتشكيل” ، حيث إعتبر الفنان محمد البوكيلي ملما ومدركا بالحرف العربي أبرز مظاهر العبقرية الفنية عند العرب، وأنه كان وما يزال وسيلة للمعرفة وللإبداع وللتشكيل.
وأعتبره مدرك في وقت مبكر خلال سيرته الإبداعية، أن الحرف العربي هو تشكيلي إبداعي في أصوله وقيمه ومقوماته وعناصره الجمالية، يجدب بصيرة المتلقي قبل بصره.

وأضاف أديب السلاوي ، أن الفنان البوكيلي وجد نفسه، بعد تخرجه من معهد تطوان “سبعينيات القرن الماضي”، يطوف بالحرف العربي، يناوشه، يشاغبه، يخاطبه من حين لآخر إلى أن وجد نفسه منساقا إلى حمولته، يخط بأصنافه الجمالية لوحات صامتة، قبل أن يتفرغ إلى الأعمال الناطقة بأسماء الله الحسنى وبآيات الرحمان.
في سلسلة لوحاته التي تحمل هذا العنوان ” الرحمان” إشتغل على أصناف الحروف العربية، من الكوفي إلى الرقعي، ومن الديواني إلى الثلث والفارس، ليعطي للرحمان صيغتها التراثية والجمالية.

ومن أجل تأكيدهو، على أهمية الحضور الجمالي للكلمة المقدسة في التراث الإسلامي، أنجز موسوعة حروفية نادرة المثال، من خلال رسم سورة الرحمان ، بدلالاتها اللغوية والروحية والتربوية.
حيث نقل الخط العربي بزخاريفه وتداويره وحركاته الموسيقية إلى فن روحي دقيق الدلالة ، ينقل العواطف الكامنة في النفس، ويفصح عنها للمتلقي بجاذبية روحية وإبداع تشكيلي.

وبعيدا عن لوحات الرحمان، سنجد أعماله الإبداعية الأخرى التي تسبح في الذات الإلهية، تؤكد أن الحرف العربي، هو فن تشكيلي في أصوله وقيمه ومقوماته وعناصره الجمالية، حيث يعطي المتلقي لوحات كتابية متعددة الألوان والمضامين الفكرية والجمالية والروحية، من ذات الحرف، ومن حمولته التشكيلية.

الفنان محمد البوكيلي في مسيرته التشكيلية، أصر على إستخدام السمة الروحية الكامنة في الحرف العربي، إذ إستطاع أن يعكس تماما حسه الفني المرهف، من مكونات الحرف العربي الصارمة في بنائها الهندسي وقدرتها على التشكيل، والتي تستطيع أن تتضمن معنى باطنيا يسمو على معناه اللغوي.

لاشك أن ما أنجزه الفنان البوكيلي خلال العقود الأربعة الماضية في المجال الحروفي، يعد إنجازا إبداعيا متميزا بكل المواصفات، من أجل حفظه وصيانته في متحف وطني ،ويوضع أمام النقاد والباحثين وطلبة الفنون التشكيلية لقراءته ودراسته ووضعه في الموضع الفكري ، الثقافي ، الإبداعي الذي يستحقه.

إن إنجازات الفنان محمد البوكيلي، التي تحتضنها اليوم “مؤسسة محمد البوكيلي إبداع وتواصل” بضواحي مدينة القنيطرة،
والتي نقل بواسطتها تجربة معارض الفن التشكيلي إلى العالم القروي ، والتي يجب أن تخرج إلى الوجود وأن تضعها وزارة الثقافة أمام الجمهور الواسع ، لكي تستفيد من حمولتها الفنية والجمالية والروحية الأجيال التشكيلية الصاعدة بصفتها تراث أصيل .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: