رئاسيات فرنسا.. تنافس على “الأكثر عداء” للمسلمين والمهاجرين

حنان الفاتحي

يتوجه الناخبون الفرنسيون، الأحد 10 أبريل 2022، إلى مراكز الاقتراع في جولة أولى منانتخابات رئاسية لاختيار رئيس يقود البلاد لمدة خمس سنوات.

وعلى المقعد الرئاسي يتنافس 12 مرشحا، هم 8 رجال و4 نساء، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن ستة منهم فقط هم الأبرز في السباق.

وبين المتنافسين الستة الرئيسيين، ثلاثة ينتمون لليمين السياسي واثنان من اليسار المتطرف، أما السادس فهو الرئيس إيمانويل ماكرون الموجود بقصر الإليزيه منذ مايو 2017.

وخرج ماكرون (44 عاما) من عباءة الحزب الاشتراكي (يسار)، وأسس حزب “الجمهورية إلى الأمام”.

ويُنظر إلى ماكرون على أنه ينتمي إلى “تيار الوسط”، ويجتذب ناخبين من اليمين واليسار.

وبجانب ماكرون، المرشحون البارزون هم مرشحة اليمين الجمهوري فاليري بيكرس، ومرشحة الحزب الاشتراكي (يسار) آن هيدالغو، ومرشح “فرنسا الأبية” (يسار متطرف) جان لوك ميلنشون.

وكذلك مرشحة “التجمع الوطني” اليمينية مارين لوبان، ومرشح حزب “استعادة فرنسا” اليميني إيريك

زمور.

ويغيب اليسار التقليدي عن هذه الانتخابات بعد سلسلة انتكاسات كبرى، بينما تشهد حضورا بارزا لأنصار التيار اليميني المعادي للمسلمين والمهاجرين.

ويبلغ عدد المسلمين في فرنسا نحو 5.7 ملايين حتى منتصف 2016، ويمثلون 8.8 بالمئة من مجموع السكان.

ووفق متابعين للحملات الانتخابية، يتنافس زعماء التيار اليميني، وهم إريك زمور ومارين لوبان وفاليري بيكرس، على مَن منهم سيكون “الأكثر عداءً وتطرفا ضد المسلمين والمهاجرين”.

ولم يكن ماكرون بأقل منهم تجاه المسلمين، فخلال رئاسته صدر قانون “مكافحة الانفصالية الإسلامية” في يوليو 2021.

ويواجه هذا القانون اتهامات باستهدافه المسلمين في فرنسا عبر فرضه قيودا على كافة مناحي حياتهم.

وينص القانون على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين.

كما يفرض قيودا على حرية تقديم الأسر المسلمة التعليم لأطفالها في المنازل.

وكثيرا ما استفز ماكرون المسلمين بتصريحات معادية للإسلام، على غرار قوله إن “الإسلام في أزمة”.

وكذلك عدم رفضه للصور المسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، وحل جمعيات لمسلمين بينها “التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا”.

إريك زمور

تغذت الحملات الانتخابية لمرشحي اليمين المتطرف على تصريحات ودعوات معادية للمسلمين والمهاجرين تؤجج “الإسلاموفوبيا” (الخوف من الإسلام)، بحسب متابعين.

وفي مقدمة هؤلاء المرشحين، مؤسس حزب “استعادة فرنسا” إريك زمور (63 عاما)، الذي تميل خطاباته إلى اليمين المتطرف أكثر من منافسته مارين لو بان.

ويذهب زمور بخطاباته بعيدا إلى مسألة “الهوية” ومحاربة الإسلام، وأُدين مرتين بالتحريض على الكراهية.

وكشف عن سياسته المرتقبة تجاه المسلمين، في حال فوزه بالرئاسة، قائلا في تصريحات متكررة: “سأمنع الحجاب وأوقف الأذان وأغلق المساجد الكبرى، فهي تعني غزو فرنسا”.

كما توعد زمور المسلمين بأنه سيمنعهم من تسمية أبنائهم باسم “محمد”، بقوله في سبتمبر 2021: “إذا أصبحت رئيسا لفرنسا سيُحظر اسم محمد على الفرنسيين”.

وتابع أنه سيُفعل “القانون 1803 في فرنسا”، الذي يحظر على الفرنسيين تسمية أسماء غير فرنسية.

كما ألمح، في تصريحات صحافية، إلى اعتزامه منع متاجر “الجزارة الحلال” التي تخدم المسلمين.

وفي فبراير الماضي، قال زمور إن فرنسا “ستستغني عن الأطباء الجزائريين” في حال فوزه بالرئاسة.

وجاء هذا التصريح بعد نجاح 1200 طبيب جزائري من أصل 2000 مرشح في مسابقة تمكنهم من ممارسة مهنتهم في فرنسا.

وتوعد زمور بوضع حد لهذه المسابقة التي تهدف إلى جلب أطباء أجانب.

وقال: “نذهب منذ 30 عاما لاستقدام أطباء من الجزائر، بينما نمنع الشباب الفرنسي من التخصص في هذا المجال بسبب ربع نقطة (أقل في درجات اختبارات الدراسة)”.

واعتبر زمور أن الهجرة “أضعفت فرنسا وأفقرتها وأحدثت نوعا من الفوضى”.

وبرنامجه الانتخابي يتضمن بنودا ضد المسلمين والمهاجرين، أبرزها الحد من سياسة الهجرة إلى فرنسا ووقف المساعدات الاجتماعية المقدمة للمهاجرين.

وهو يخطط لطرد المهاجرين غير النظاميين من فرنسا، لاسيما المتورطين في قضايا جنح وغيرها، بالإضافة إلى نزع الجنسية مِمن يعاودون ارتكاب جرائم.

مارين لوبان

يتبنى كل من إريك زمور ومارين لوبان (53 عاما) زعيمة حزب “التجمع الوطني” اليميني نظرية “الاستبدال العظيم”.

وفكرة هذه النظرية هي أن شعوبا أجنبية (المسلمون مثلا) ستحل محل الشعب الفرنسي، وهو السبب وراء خوفهم ومعاداتهم للمسلمين.

وتركز لوبان، كما زمور، على المسلمين لكسب شعبية أكبر، ولو بإثارة التفرقة والعنصرية ضد ثاني أكبر ديانة انتشارا في فرنسا بعد المسيحية.

وكثيرا، تعول لوبان هذه المرة على تعبئة مناصريها لتقلب الطاولة على ماكرون الذي تتوقع جميع استطلاعات الرأي أن يُعاد انتخابه رئيسا.

ومنذ بدء إعلانها الترشح لانتخابات الرئاسة، قبل 10 أعوام، تثير لوبان مشاعر كراهية ضد المسلمين.

وتُعرف لوبان بأنها سليلة “عائلة عنصرية فاشية” تحلم بـ”فرنسا بيضاء مسيحية” لا مكان فيها للأجانب بصفة عامة، والمسلمين خاصة.

فمارين هي حفيدة جون ماري لوبان، الجد المعروف بآرائه العنصرية والفاشية، وتحيط نفسها بفكرة أن الإسلام هو العدو الأول للأمة الفرنسية.

وألمحت لوبان، نهاية مارس الماضي، إلى أنه في حال خسارتها الانتخابات “فربما لن تخوض سباق الرئاسة مرة أخرى”، بحسب حوار مع صحيفة “لوجورنال دو ديمانش”.

فاليري بيكرس

في فبراير الماضي، وصف مدونون تصريحات فاليري بيكرس (54 عاما)، المرشحة عن حزب الجمهوريين، بأنها تنافس زمور في سباق من هو الأكثر تطرفا وعنصرية ضد المسلمين.

وهاجمت فاليري، خلال ظهور إعلامي، خصمها اليميني المتطرف زمور.

وقالت إنها خاضت صراعا ضد “الإسلاموية” ووقفت وراء قوانين منع البرقع والتضييق على المحجبات منذ أكثر من 12 عاما، بينما كان زمور مجرد مقدم برامج تلفزيونية.

وضمن دفاعها عن العلمانية، وعدت بيكرس بـ”القضاء على كل مظاهر الإسلام في فرنسا”.

وقالت في تجمع انتخابي بالعاصمة باريس إن “الحجاب ليس قطعة ملابس مثل غيرها وليس فريضة دينية، إنه دليل على خضوع المرأة”.

وتابعت: “إذا أصبحت رئيسة الجمهورية فلن تكون أي امرأة خاضعة”.

وتقترح بيكرس “ترحيل الأجانب الذين يمثلون تهديدا للأمن العام، خصوصا من يتبنون خطابا إسلاميا متشددا”.

واتهمت ماكرون بالتغاضي عن “الإسلاموية والهجرة غير الخاضعة للرقابة وزيادة انعدام الأمن”.

وإذا لم يفز أي مرشح بالأغلبية المطلقة في الجولة الأولى من انتخابات الأحد، تُجرى جولة ثانية في 24 أبريل 2022، بين صاحبي المرتبة الأولى والثانية في عدد الأصوات.

وهذه الانتخابات هي الـ12 منذ قيام ما يُعرف بـ”الجمهورية الخامسة”، وهي تشير إلى الدستور الجمهوري الخامس والحالي في فرنسا، والذي دخل حيز التنفيذ في 4 أكتوبر الأول 1958.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: