تنديد إبراهيم غالي بدعم إسبانيا لمغربية الصحراء يعكس عزلة بوليساريو

بوشعيب البازي

بعد انقضاء أكثر من أسبوعين على إعلان إسبانيا دعمها لمغربية الصّحراء خرج زعيم جبهة بوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي عن صمته ليشكو في مقابلة مع صحيفة “إل موندو” الإسبانية من تحول موقف مدريد من النزاع حول الصحراء المغربية، في خطوة تعكس عجز وعزلة جبهته التي منيت في السنوات الأخيرة بخسائر دبلوماسية وميدانية كبيرة.

يعكس تنديد زعيم جبهة بوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر بدعم إسبانيا لمقترح المغرب منح إقليم الصحراء المغربية حكماً ذاتياً تحت سيادته العزلة التي باتت تعيشها الجبهة.

وبعد انقضاء أكثر من أسبوعين على إعلان مدريد عن دعمها لمغربية الصحراء اشتكى غالي في مقابلة مع صحيفة “إل موندو” الإسبانية من “التحول الجذري” في الموقف الإسباني، مشيرا إلى أن جبهة بوليساريو التي تلقت خسائر فادحة دبلوماسيا وميدانيا في السنوات الأخيرة لم تكن تتوقع موقفا كهذا.

ويرى مراقبون أن بوليساريو كانت تراهن على ما تبقى من غطاء توفره بعض الدول إما بذريعة الحياد أو بحجة دعم ما يسمى حركات التحرر، لكن مع توالي الاعترافات الإقليمية والدولية بمغربية الصحراء باتت الجبهة تشعر بأن عزلتها تتفاقم.

وندد غالي بـ”التحول الجذري” في موقف إسبانيا بعد الدعم الذي قدمته مدريد لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، في خطوة بددت رهانات جبهة بوليساريو وكشفت عن محدودية خياراتها في مواجهة مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط.

وقال غالي في المقابلة “من الواضح أنه تحول جذري لم نتوقعه”. وأضاف غالي الذي لم يكن قد تحدث علنا بشأن تغيّر موقف الحكومة الإسبانية “أشعر أنني كأي صحراوي يواجه هذا القرار الخطير للغاية”، فإسبانيا “تركتنا لمصيرنا في 1975 وبعد 47 عاما تفعل الشيء نفسه”.

مدريد لطالما أبدت حيادها قبل أن تعلن دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية التي تعتبرها حاليا “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”

وتابع “لطالما دافعت إسبانيا عن حل في إطار الأمم المتحدة على أساس قرارات” الأمم المتحدة، “ما يعني الدفاع عن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي لإكمال عملية نزع الاستعمار. ولهذا السبب لا نفهم تحول الحكومة الإسبانية الجذري”.

ولطالما أبدت مدريد حيادها قبل أن تعلن في الثامن عشر من مارس الماضي دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية التي تعتبرها حاليا “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”.

ومهد هذا التحول الذي كانت الرباط تنتظره لوضع حد لأزمة دبلوماسية كبرى مع مدريد مستمرة منذ عام تقريبا والتي نجمت عن استقبال إبراهيم غالي في إسبانيا خلال أبريل من العام الماضي للعلاج من كوفيد – 19.

ومن المقرر أن يتوجه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الرباط الخميس لتكريس المصالحة. وأكدت الحكومة الإسبانية التي تعرضت لانتقادات من أطراف مختلفة في إسبانيا، وأيضا من الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو، أنها لم تغير موقفها ولكنها اتخذت فقط “خطوة إضافية” من أجل المساهمة في حل النزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو منذ رحيل الإسبان عام 1975.

وأدت الأزمة بين الرباط ومدريد في ذروتها إلى وصول أكثر من عشرة آلاف مهاجر في منتصف شهر مايو من العام الماضي إلى جيب سبتة المغربي المحتل.

ثم استنكرت إسبانيا حصول ما وصفته بـ”ابتزاز” و”عدوان” من جانب الرباط، التي استدعت سفيرتها لدى إسبانيا. ولم تعد السفيرة إلى مدريد إلا في العشرين من مارس. لكن مدريد تراجعت عن موقفها وأقرت بواقعية المقترح المغربي وأعلنت ذلك في رسالة من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس.

غالي اشتكى في تصريحات صحافية من “التحول الجذري” في موقف مدريد، مشيرا إلى أن بوليساريو لم تكن تتوقع موقفا كهذا

وكشف صحيفة “الأحداث” المغربية أن غالي الذي لم يخف شعوره بخيبة أمل من الموقف الإسباني، تهرب خلال المقابلة مع الصحيفة الاسبانية من الردّ على أسئلة تتعلق بالتهم التي تلاحقه ومنها اتهامات بالاغتصاب والتعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها والتي أدت به إلى المثول أمام العدالة الإسبانية.

وكان من المتوقع أن تلقي السلطات الإسبانية القبض على غالي حين زار مدريد سرّا بوثائق دبلوماسية جزائرية مزورة لمحاكمته أو التحقيق معه في تلك الاتهامات لكن ترتيبات غامضة سمحت له بالمغادرة حيث أقلته طائرة جزائرية، بينما يحقق القضاء الإسباني حاليا في كيفية دخوله وخروجه ويتعقب حلقة الوصل التي سهلت له إجراءات الدخول والمغادرة.

وامتنع غالي في المقابلة عن الرد على ثلاثة أسئلة تعلقت بما هو منسوب إليه من اتهامات ذات طابع جنائي وأيضا بشأن هجمات مفترضة نفذتها جبهة بوليساريو على المصالح الإسبانية كما كان الحال مع البحارة الإسبان الذين قتلوا في سبعينات القرن الماضي.

وسئل غالي عما إذا كانت الجبهة الانفصالية التي يقودها ستتعرض للمصالح الإسبانية على غرار ما فعلت في سبعينات القرن الماضي كرد على التحول في الموقف الإسباني، لكنه امتنع عن الإجابة تاركا الباب مفتوحا لكل السيناريوهات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: