العاهل المغربي يدشن المرحلة الجديدة في العلاقات بين الرباط ومدريد

رئيس الوزراء الإسباني يزور المغرب في إطار إعادة تشكيل العلاقات بين البلدين

دشن العاهل المغربي الملك محمد السادس مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين الرباط ومدريد، وهو ما سيرسم خارطة الطريق المستقبلية للعلاقات بين البلدين التي اتسمت بالتوتر خلال الأشهر الماضية بسبب استضافة إسبانيا لزعيم جبهة بوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي.

وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس الخميس دعوة رسمية لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لزيارة المغرب لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين التي شهدت توترا خلال الأشهر الماضية سرعان ما تبدد بعد إعلان مدريد تأييدها لمقترح الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب كحل للصراع على الصحراء المغربية.

وحسب بيان للديوان الملكي، دعا الملك محمد السادس مختلف الوزراء والمسؤولين في البلدين إلى تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق طموحة تغطي جميع قطاعات الشراكة، وتشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وسيقود سانشيز وفدا رفيع المستوى يضم وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، الذي أجل زيارة إلى الرباط كانت مبرمجة الجمعة ما يشير إلى أن مكالمة العاهل المغربي دفعت الحكومة الإسبانية إلى إعادة برمجة الزيارة مع رئيس الحكومة.

نبيل أندلوسي: حسم قضية الصحراء سيساهم في تعزيز الثقة بين البلدين

ويرى محمد لكريني أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي أن إلغاء ألباريس للزيارة التي كانت مرتقبة الجمعة للمغرب يعود إلى ضرورة حضور وزير الخارجية ورئيس الحكومة ضمن وفد واحد وتأكيد ما سبق وأقره رئيس الحكومة باعتباره يأتي في مرتبة أسمى من وزير الخارجية حينما دعّم مبادرة الحكم الذاتي، رغم أن حضور وزير الخارجية لوحده كاف كممثل لدولته بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 سواء عند عملية التفاوض أو إبرام معاهدة معينة.

وأوضح لكريني “في الأمور المتعلقة بالقضايا الخارجية غالبا ما يكون هناك تنسيق على أعلى مستوى قبل اتخاذ قرار مثل دعم مشروع الحكم الذاتي المغربي، خصوصا وأن الإسبان استوعبوا التأثيرات الكبيرة للأزمة على العلاقات بين البلدين على المستوى الأمني والاقتصادي”.

وتابع “حضور رئيس الحكومة ووزير الخارجية الإسبانيين مسألة مهمة لتأكيد دعم الطرح المغربي المتصل بقضية الصحراء المغربية والاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، كما سبق وأن وقع مع العديد من الدول التي أكدت اعترافها بالوحدة الترابية للمغرب، لأن الأمر يتعلق بمصالح حيوية للمغرب، ومن ثمة عدم تكرار التوتر الذي طبع الخارجية الإسبانية في الأزمة السابقة بين البلدين”.

وتندرج الزيارة التي سيقوم بها رئيس الحكومة الإسبانية ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما في إطار إعادة تشكيل العلاقات بين البلدين، حيث أوضح بيان الديوان الملكي أن “الشراكة بين البلدين أضحت تندرج في إطار مرحلة جديدة، قائمة على الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق”.

ويرى نبيل أندلوسي الباحث في العلاقات الدولية أن الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية يشير إلى أن العلاقات المغربية – الإسبانية عرفت منعطفا حاسما في سياق توجه لتعزيز الثقة وخدمة المصالح المشتركة بين البلدين الجارين على أساس من الوضوح واحترام سيادة الدولتين.

عهد جديد من العلاقات
عهد جديد من العلاقات

وأكد سانشيز في كلمة أمام مجلس النواب الإسباني الأربعاء أن علاقات بلاده مع المغرب تشكل “شأنا للدولة يتطلب سياسة دولة”، واصفا المغرب بـ”الجار والشريك الاستراتيجي”، مؤكدا على أن حكومة بلاده “مصممة بشكل راسخ على تدشين مرحلة جديدة في العلاقات القائمة بين البلدين، بخارطة طريق واضحة وطموحة”.

ونظرا للوزن السياسي للقرار الذي اتخذته الحكومة الإسبانية بخصوص مقترح الحكم الذاتي باعتباره الأساس الأكثر واقعية لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء، أوضحت إيزابيل رودريغيز المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية أن مدريد راضية عن الاتفاق مع الرباط فهو ضروري للغاية، مضيفة أنه عند الحديث عن لحظات غير عادية وتغيرات في النظام الدولي “لا شك أن العلاقة الجيدة مع المغرب مهمة للغاية بالنسبة إلى إسبانيا”.

ولفت أندلوسي، إلى أن ما يجمع إسبانيا والمغرب أكبر مما يفرق بينهما، وحسم قضية الصحراء المغربية سيساهم في تعزيز الثقة بين البلدين، وهذا هو التوجه المعلن بعد المنعطف الدبلوماسي الحالي ما بعد الأزمة التي مرت بها العلاقات الثنائية المغربية – الإسبانية.

وأشار إلى أن أهم الملفات التي تستأثر باهتمام البلدين في الوقت الحالي هي: موضوع الهجرة، الأمن الطاقي وطريقة تدبير العلاقة ما بين المغرب والمدن المحتلة من طرف إسبانيا (سبتة ومليلية) خاصة على مستوى حركة العبور والتبادلات التجارية.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: