حزب العدالة و التنمية يحاول ترتيب البيت الداخلي للخروج من أزمته
يسعى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي عبدالإله بنكيران لترتيب البيت الداخلي لحزبه عبر تجديد هياكله بالمؤتمرات الجهوية، لكن ذلك لم ينه الانقسامات بل زاد في تعميقها؛ حيث يستمر التراشق بالتهم بين قيادات الحزب، وهو ما يزيد من الشكوك حيال قدرة بنكيران على إعادة الحزب إلى موقعه الذي كان عليه قبل انتخابات الثامن من سبتمبر الماضي.
سرّع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في المغرب عبدالإله بنكيران وتيرة تحركاته في سياق محاولاته الرامية إلى إخراج الحزب من الوضعية التي وجد نفسه فيها بعد انتخابات الثامن من سبتمبر 2021.
وبدأ الحزب الذي تذيل نتائج الانتخابات العامة الأخيرة ينظم مؤتمراته الجهوية في محاولة لترتيب البيت الداخلي، حيث حددت الأمانة العامة للعدالة والتنمية مايو المقبل موعدا للانتهاء من تلك المؤتمرات، لكن قيادات داخل الحزب تؤكد على أن أزمته تتفاقم.
وكشفت البرلمانية السابقة والقيادية بحزب العدالة والتنمية أمينة ماء العينين أن حزبها يعاني من أزمة خانقة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة التي وضعته في أسفل الترتيب، مشيرة إلى أن “مناضلي البيجيدي يدفعون مصاريف كراء مقرات الحزب من جيوبهم، في حين أن هناك أعضاء من الحزب ملاحقون في مساراتهم المهنية”.
وكان الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران قال إن حزبه من الناحية السياسية والانتخابية نزل إلى آخر مرحلة، وكذلك من الناحية الاعتبارية والمادية، مؤكدا أن الانتماء إلى الحزب بعد النتائج التي حصدها خلال اقتراع الثامن من سبتمبر الماضي أصبح مكلفا؛ لأن الحزب لم يعد كما في السابق عندما كان في مرحلة صعود، حيث انتقل من 9 مقاعد إلى 125 مقعدا، فضلا عن رئاسته لأبرز المدن الكبرى.
واعتبر الصحفي بوشعيب البازي ، أن “المؤتمرات الجهوية لحزب العدالة والتنمية لن تعيد إلى الحزب الروح التي فقدها مع الانتخابات الأخيرة، ما دام المواطنون فقدوا ثقتهم في الحزب انطلاقا من تجربته في تدبير الشأن العام”.
وأشار البازي في تصريح لـه إلى أن كل الأحزاب التي كانت لها تجربة في تدبير الشأن الحكومي بالمغرب مرت بنفس تجربة حزب العدالة والتنمية، موضحا “رغم عقد تلك الأحزاب لمؤتمرات جهوية ومحاولة الانفتاح على المواطن عبر عقد لقاءات مع هيئات المجتمع المدني، إلا أنها لم تعد إلى تجربتها السياسية الأولى، ما دامت الهيكلة التنظيمية للحزب تواصل التشبث بمكانتها داخل الحزب”.
ويشهد الحزب سجالات داخلية بسبب عوائق تنظيمية على ما يبدو، حيث اتهم أعضاء بحزب العدالة والتنمية، في جهات فاس والدار البيضاء وبعض المدن الأخرى، قيادات في الحزب بإقصائهم من الجموع الانتدابية التي سبقت انعقاد المؤتمرات.
وفي رد له على هؤلاء اعتبر بنكيران أنه “ليس ضد الطموح الشخصي لأعضاء الحزب في تولي المهام الانتدابية العامة، لكن ضد أن يتدخل الإنسان بأي شكل من الأشكال في القوانين بغية الوصول إلى هذه الغايات”.
وطالب قياديو الحزب الجهويون رئيس الحزب بالإنصات لمطالبهم وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها كل قادة الصف الأول، بدل الإغراق في نظرية المؤامرة بادعاء إضعاف الحزب وإبعاده عن المشهد السياسي، خصوصا بعدما طالب عبدالإله بنكيران بالمساهمة بشكل أكبر في تمويل الحزب بسبب افتقاده للموارد المالية بعد هزيمة الثامن من سبتمبر.
وأكدت القيادية ماء العينين أن “جزءا من بنية العدالة والتنمية ارتبط بشخص الزعيم بنكيران، بالرغم من تأثير ذلك على تماسك التنظيم، والذي قاد الحزب بإيقاع أكثر شدة مما تحتمله بنيته التنظيمية”، وأقرت بميلاد تيارين مختلفين داخل العدالة والتنمية، بعد إعفاء بنكيران وعقب المؤتمر الذي انتخب فيه سعدالدين العثماني أمينا عاما للحزب، حيث ظل كل طرف يُعبر عن انتقاداته للطرف الآخر، على غرار ما عليه الأمر اليوم في ظل عودة بنكيران إلى قيادة الحزب من جديد.
وفي محاولة لاسترضاء القواعد أكد رضا بوكمازي عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أن الحزب من خلال هذه الدينامية المتواصلة يؤكد أن الذات التنظيمية للحزب بقوة التنظيم قادرة على أن تتجاوز كل الصعاب وأن تستعد للقيام بوظيفتها الأساسية في تأطير المواطنين والمواطنات وفي حضورها إلى جانب المواطنين والمواطنات والانشغال بقضاياهم من خلال الجاهزية التنظيمية.
وبعدما أكد بنكيران، في المؤتمر الجهوي لجهة بني ملال اخنيفرة قبل أيام، أنه لا تهمه انتخابات 2026 ثم انتخابات 2027، ذهب هشام عميري في تفسيره إلى أن “عودة بنكيران اليوم إلى قيادة الحزب لن تساهم في إعادة الأخير إلى مكانته الطبيعية، خاصة أنه دخل في عدة مناوشات مع إخوانه داخل الحزب، وبالتالي يجب إعادة الهيكلة التنظيمية للحزب وليس الانفتاح على المجتمع بنفس الشخصيات التي فشلت في تدبيرها للشأن الحزبي والحكومي”.