شهدت قمة النقب التي عقدت جنوب إسرائيل الاثنين مشاركة المغرب بأجندة غلب عليها منطق رابح – رابح، ما من شأنه أن يعزز موقع المغرب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة تواجه تحديات متصاعدة.
شارك المغرب في قمة النقب التي اختتمت الاثنين وشهدت أيضا مشاركة وزراء خارجية إسرائيل يائير لبيد ونظرائه من الإمارات والبحرين ومصر.
وذهب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى هذه القمة بأجندة يغلب عليها منطق رابح – رابح، بناء على ثلاثة مستويات أمنية ودبلوماسية واقتصادية، والتي من شأنها أن تعزز موقع المغرب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تواجه تحديات متصاعدة.
وغطت المناقشات بين الأطراف المجتمعة ملفات الأمن والاستقرار بالمنطقة، حيث اعتبر بوريطة أن مشاركة المغرب في القمة تحقق المساعي الرامية إلى إرساء السلام في المنطقة، مؤكدا “أننا نؤمن بالسّلام المرتكز على القيم والمصالح المشتركة، وهو سلام يبعدنا عن الحرب”.
وتابع وزير الخارجية المغربي “إننا هنا من أجل بناء دينامية إيجابية في مسار القضية الفلسطينية، والدفاع عن قيمنا ومصالحنا المشتركة”، معلنا إدانة المملكة للهجوم الإرهابي الذي استهدف إسرائيل مساء الأحد.
وفي إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية والعسكرية والتجارية والسياسية والدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، أبدت تل أبيب دعمها الاثنين لاقتراح الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
جاء ذلك بعد لقاء جمع وزيري خارجية البلدين خلال اجتماع النقب، حيث أكد لبيد أنّ “الموقف الإسباني الدّاعم لخطة الحكم الذاتي في الصّحراء يمثّل تطورا إيجابيا في مسار النّزاع”، وأن “قمة النقب تبعث برسالة قوية للقوى المتطرفة التي تحاول زعزعة استقرار المنطقة ومحاولات إضعاف السيادة المغربية ووحدة أراضيها”.
واعتبر خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريح لـه، أن “مشاركة المغرب في قمة النقب تشكل فرصة للدبلوماسية المغربية للعب دور إقليمي جديد، للدفع بعملية السلام بين إسرائيل وفلسطين، وازدهار منطقة الشرق الأوسط وطموحات شعوبها والتصدي لكل المؤامرات التي تهدف إلى تقويض دول المنطقة والتدخل في شؤونها، خاصة التوسع الإيراني الذي صار يهدد استقرارها”.
ويرى مراقبون أن البعد الإنساني كان حاضرا بقوة في العلاقات بين المغرب وإسرائيل، حيث عزز استئناف العلاقات بين البلدين الروابط القوية والتشبث الموصول للجالية اليهودية من أصل مغربي بوطنها الأم وبشخص العاهل المغربي الملك محمد السادس.
ويعكس ذلك قول بوريطة الاثنين إن “كل إسرائيلي ربما فيه دم مغربي.. هذه ليست نكتة إنها واقع”، و”هذا يظهر الروابط القوية بين المملكة والناس هنا”.
بوريطة ذهب للقمة بأجندة يغلب عليها منطق رابح- رابح، بناء على مستويات أمنية واقتصادية من شأنها تعزيز موقع المغرب
وأكد بوريطة أن المشاركة في قمة النقب “ناجمة عن قناعة تستند على علاقة طويلة المدى بين المغرب وإسرائيل والملك والجالية اليهودية في المغرب، وهذا ما سبق التأكيد عليه من طرف القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط ديفيد غوفرين، أن الجالية اليهودية في المغرب لعبت دورا مهما في العلاقات بين الشعبين، لذلك نحن لا نبدأ من الصفر، بل نحن مستمرون ونتوسع في التعاون على كافة المستويات”.
وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير المغربي في العلاقات الدولية، المقيم بكندا، أن هذه “التحولات المهمة تترجم مدى رغبة الإدارة الإسرائيلية في كسب ود المغرب، وحرصها على تعميق أواصر التعاون الاستراتيجي”.
وأضاف معتضد أن “المكانة السياسية التي يحظى بها اليهود الإسرائيليون من أصل مغربي على مستوى صنع القرار السياسي والسيادي في إسرائيل، تجعلهم حريصين على إنجاح العلاقات بين الرباط وتل أبيب في إطار قاعدة رابح – رابح، التي ينهجها المغرب”.
وسلطت قمة النقب أيضا على التعاون المتزايد الذي تعزز فعلا بين المغرب والولايات المتحدة، من خلال الشراكة الاستراتيجية الكبرى التي تشمل مجالات هامة على غرار المجالين الاقتصادي والعسكري.
وجاء ذلك كثمرة للاتفاق الثلاثي، حيث أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن “الشراكة الثنائية العريقة متجذرة في المصالح المشتركة من أجل السلم والأمن والازدهار الإقليمي”، مبرزا الدور الرئيسي للمغرب في النهوض بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ولفت خالد السموني إلى أن “حضور الولايات المتحدة في هذه القمة، الشريك الاستراتيجي للمغرب، سيقوي من الدور المغربي الذي يسعى إلى تعزيز السلام والتعايش بالمنطقة وحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وعودة الطرفين إلى التفاوض ودعم حل الدولتين القائمتين على حدود 1967، مع القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين”.
وتأتي مشاركة المغرب في اجتماع النقب بعد أكثر من عام على توقيع الاتفاق الثلاثي بين المملكة المغربية والولايات المتحدة وإسرائيل يوم الثاني والعشرين من ديسمبر 2020 بالرباط، والذي فتح السبيل أمام تعاون بآفاق واعدة بالنسبة للدول الثلاث، ووثّق لاستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل في مختلف المجالات، السياسية والتجارية والعسكرية منها أو الدبلوماسية والاقتصادية.
ويشدد المغرب على جديته في الدفع بعلاقاته مع إسرائيل لتشمل العديد من مجالات التعاون الطاقي والعلمي والإنمائي، إضافة إلى تبادل المعلومات والتعاون في مجال المواصلات السلكية واللاسلكية، بموجب الاتفاق الموقع بين البلدين.
وعاد وزير الخارجية المغربي إلى الحديث في تصريح صحافي على هامش قمة النقب، عن الاتفاق الثلاثي الذي وقّعه المغرب قبل أزيد من سنة، وقال إنه منذ ذلك الحين، حققنا الكثير في مجال الرحلات المباشرة والاتفاقيات الأخرى، وربط الناس فيما بينهم، وهذا مهم جدا وستكون هناك زيارات ثنائية متبادلة سترفع العلاقات، بما في ذلك الوجود الدبلوماسي للمغرب في إسرائيل.