رئيس الحكومة المغربية يدعو إلى «التقشف»… ورئيس «المستشارين» يقتني سيارات فخمة لأعضاء مكتبه… والحكومة تفوت صفقة «فرصة» إلى شركة خاصة
سومية العلكي
المغاربة لا يفوتون أي تصريح أو قرار لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلا ويخضعونه لميزان التقويم والنقد. المسؤول الحكومي الأول وجّه تعميمًا إلى الوزراء وكبار المسؤولين العموميين يدعوهم فيه إلى “ترشيد الإنفاق المرتبط بتسيير الإدارة وضبط نفقات الموظفين”، كما حثهم على “عقلنة نفقات المعدات خلال إعداد برمجة الميزانيات للسنوات الثلاث المقبلة”، فجاءه الجواب: كيف تطالبون بالتقشف ورئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) يعتزم اقتناء سيارات فخمة لأعضاء مكتب المجلس؟ وكيف تطالبون به والحكومة نفسها تعمل على تفويت صفقة “فرصة” المتعلق بالدعم المالي للمقاولين الشباب إلى شركة خاصة، عوض أن تقوم بها مؤسسة عمومية؟
عزيز أخنوش شدد في المنشور (التعميم) الموجه إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين الساميين والمندوب العام والمندوب الوزاري، على ضرورة أن تأخذ مقترحات القطاعات الوزارية والمؤسسات بالاعتبار ووفق الإمكانيات المالية للدولة، وذلك بالعمل على ترتيب الأولويات. ودعا الوزراء إلى ضبط نفقات الموظفين الخاصة بقطاعاتهم بالتعاون مع مصالح مديرية الميزانية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، وكذا “الحرص على حصر المقترحات بشأن إحداث المناصب المالية في ما هو ضروري”.
منشوراً كهذا، وإن بدت مضامينه معقولة ومنطقية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر منها البلاد، فإنه يكاد يكون نسخة طبق الأصل عن المنشورات التي سبق لجميع رؤساء الحكومات المتعاقبة أن أصدروها في بدايات ولاياتهم التنفيذية. والسؤال الذي يبقى عالقاً ومطروحاً بحدة هو: ما هو السبيل إلى تطبيق منشور عزيز أخنوش؟”.
ولاحظت أن “تزامن صدور هذا المنشور مع قيام مجلس المستشارين بشراء سيارة من نوع مرسيدس بقيمة تفوق نصف مليار، لتوزيعها على أعضاء مكتب المجلس، من شأنه أن يثير الكثير من الجدل، ولا سيما في ظل استمرار أزمة الأسعار، وتصاعد الاحتجاجات جراء ارتفاعها”.
هذا “إن التنزيل الفعلي لهذا المنشور يقتضي الضرب بقوة على أيدي تجار الريع، والبداية بعدم التأشير على جميع النفقات التي تخالف منشور رئيس الحكومة، وترتيب الجزاءات في حق كل مخالف، مع نشر أسماء الجماعات والإدارات المتورطة في هدر المال العام، وملاحقتهم قضائياً”.
في السياق نفسه، كتب الإعلامي مصطفى الفن تدوينة مما جاء فيها: “نفهم أن تكون لمجلس المستشارين سيارات خدمة أو حتى سيارات فاخرة يستقبل بها ضيوفه الأجانب. هذا ربما عادي جداً. لكن، هل يعرف النعم ميارة (رئيس المجلس المذكور) أن شراء سيارات فاخرة لأعضاء مكتب المجلس هو أقرب إلى عملية “اختلاس” للمال العام؟”.
وأوضح أنه “لا يوجد هناك أي قانون يسمح بشراء سيارات فاخرة لأعضاء مكتب مجلس المستشارين”. ولاحظ أنه “الجنون بعينه أن نشتري سيارات فاخرة من المال العام لأثرياء كبار”.
وأعطى أمثلة بأسماء مستشارين، قائلاً: “بعض هؤلاء الأعضاء ينبغي الاستماع إليهم في مصدر ثرواتهم الغامضة. أما أن نشتري لهم سيارات فاخرة فهذا تصرف لا يخلو من استفزاز لملايين المزاليط (الفقراء) من المغاربة الذين يعيشون دون حتى الحد الأدنى من الكرامة الآدمية”. وتحدث عن مستشار “اشترينا له سيارة من المال العام” والحال أن “له أسطولاً كبيراً من وسائل النقل، وقادر لوحده على أن يشتري سيارة من نوع داسيا (سيارة شعبية) لجميع المغاربة”.
وقال مصطفى الفن في تدوينة أخرى “ربما لهذا السبب اشترى سيارة، حسب موقع اليوم24، 11 سيارة “ميرسيدس” بأكثر من نصف مليار سنتيم لأعضاء مكتبه كما لو أننا دولة بترولية”.
وأضاف: “وظني أن ما فعله هذا النقابي (في إشارة إلى رئيس مجلس المستشارين الذي يرأس في الوقت نفسه نقابة الاتحاد العام للشغالين في المغرب) هو أقرب ربما إلى “عمل تحريضي” لآلاف الشباب المعطلين ليس فقط للتظاهر أمام البرلمان وإنما للاعتصام أمامه حتى لا أقول شيئاً آخر”، وفق تعبير مدير موقع “آذار” المغربي.
ووُجّهت انتقادات إلى الحكومة المغربية، بسبب تفويت برنامج “فرصة” الخاص بدعم الشباب حاملي المشروعات الاقتصادية إلى شركة خاصة. ونقل الموقع الرسمي لحزب “العدالة والتنمية” المعارض عن إدريس صقلي عدوي، الرئيس السابق للجنة مراقبة المالية العمومية في مجلس النواب، قوله إن إحالة برنامج “فرصة” للشركة المغربية للهندسة السياحية أمر في غير محله، ويتنافى مع التوصيات التي أصدرها المجلس الأعلى للحسابات، والتي منها ما أكد على ضرورة حلّ الشركة.