الأوروبيون يرفضون انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي

بوشعيب البازي

رفض القادة الأوروبيون الجمعة مطلب أوكرانيا التي تواجه غزوا روسيا بتسريع إجراءات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وهو مطلب إذا قُبل سيمكّنها من الاستفادة من اتفاقية الدفاع الأوروبي المشترك. وتوجد عوائق قانونية كثيرة تعرقل انضمام كييف، لكن الأخيرة راهنت على استثناء أوروبي.

تبددت آمال أوكرانيا الجمعة بتسريع إجراءات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، بعد أن أعلن القادة الأوروبيون رفضهم للمطلب، ما يجهض مساعيها للاستفادة من بند الدفاع المشترك للاتحاد الأوروبي، والذي يلزم الدول الأعضاء بتقديم المساعدة لدولة عضو تتعرض أراضيها للهجوم.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن رد الاتحاد الأوروبي على محاولة أوكرانيا تسريع عملية انضمامها إلى التكتل هو “لا”.

وأضاف ماكرون في قمة قادة دول الاتحاد الأوروبي المنعقدة الجمعة في مدينة فرساي الفرنسية، “يمكنني تفهم رد الفعل العاطفي والتوقعات هناك”.

وتابع “أعلن المجلس الأوروبي الخميس رسالة قوية وواضحة للغاية حول مصير أوكرانيا في أوروبا… هل يمكننا اتخاذ تدابير استثنائية لدولة ما في حالة حرب دون احترام لمعايير الانضمام تلك؟ الإجابة لا”.

ويعد توقيع أوكرانيا على طلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، من العاصمة كييف وهي تحت القصف الروسي، خطوة رمزية إلى حد كبير، وفق خبراء، في حين يرى هؤلاء أن انضمامها سيعزز من فرصها في الانتصار على العدوان الروسي.

إيمانويل ماكرون: لا يمكننا اتخاذ تدابير استثنائية لدولة ما في حالة حرب

ويعني الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي “مساعدة فورية” لأوكرانيا عسكريا. ويضم بند الدفاع المشترك دول الاتحاد الأوروبي، وينص على أنه يجب على الأعضاء الآخرين مساعدة دولة إن “كانت ضحية لاعتداء مسلح على أراضيها”.

والشرط الدفاعي هذا يقع ضمن معاهدة لشبونة، وهي اتفاقية دولية لتعديل معاهدتين سابقتين شكلتا الأساس الدستوري لتأسيس الاتحاد الأوروبي.

ويساهم بند الدفاع المشترك في تعزيز التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي في التعامل مع التهديدات الخارجية، وفقا للمادة 42 من معاهدة الاتحاد الأوروبي.

وذكر موقع الاتحاد الأوروبي أن هذا البند ينص على أنه إذا كانت إحدى دول الاتحاد الأوروبي ضحية لعدوان مسلح على أراضيها، فإن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ملزمة بمساعدتها ومساعدتها بكل الوسائل المتاحة لها، وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

و”هذا الالتزام بالدفاع المتبادل ملزم لجميع دول الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإنه لا يؤثر على حياد بعض دول الاتحاد الأوروبي ويتوافق مع التزامات دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في الناتو”.

ويعتبر التوجه نحو الغرب من أكبر المشاكل التي سببت توترات بين موسكو وكييف، وطلب أوكرانيا في هذا التوقيت قد يكون مدفوعا بالرغبة في إظهار التحدي لموسكو، التي تشن غزوا عسكريا على كييف، وأيضا في استغلال العواطف المؤيدة لأوكرانيا في أوروبا لتسريع عملية الانضمام.

ويثير تحول كييف نحو الاتحاد الأوروبي غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وساعد في تأجيج الصراع الذي تورط فيه الانفصاليون المدعومون من روسيا في شرق أوكرانيا.

ومنذ انتخابه رئيسا، طالبت حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي بقبول البلاد في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “الناتو”، ورغم أن القبول في الناتو قد يكون أكثر تعقيدا، إلا أن إجراءات القبول في الاتحاد الأوروبي كانت تجري حتى قبل الطلب الرسمي الأوكراني.

ويقول موقع “جيز” التابع للحكومة الألمانية، التي رعت “شراكة” أوكرانية – أوروبية، إن هناك لجانا تقوم بدراسة وتنفيذ إصلاحات مطلوبة في أوكرانيا لتعزيز العلاقة مع الاتحاد الأوروبي. ويقول الموقع إن “أوكرانيا هي ثاني أكبر بلد أوروبي، وهي أيضا من ضمن الأكثر فقرا”.

الخطوة الرمزية لم تؤتي أكلها
الخطوة الرمزية لم تؤتي أكلها

وبحسب الموقع فإن “اتفاقية الشراكة التي وقعتها أوكرانيا والاتحاد الأوروبي في عام 2014 تتضمن منطقة تجارة حرة عميقة وشاملة، تغطي الوصول الخالي من الرسوم الجمركية إلى السوق الأوكرانية والسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، والتدابير اللازمة لتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الأوكرانية، واعتماد المعايير القانونية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي”.

ويتطلب حصول دولة ما على عضوية الاتحاد الأوروبي موافقة كامل أعضاء التكتل. وفي الثامن والعشرين من فبراير الماضي، وقّع الرئيس الأوكراني طلب تسريع انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي في اليوم الخامس من الهجوم الروسي على بلاده.

والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عملية طويلة الأمد، تشمل مواءمة تشريعات الدولة المرشحة مع القانون الأوروبي، كما تتطلب مفاوضات معقدة حول العديد من الموضوعات والمعايير التي يصعب الوفاء بها بالنسبة إلى دولة في حالة حرب، مثل الاستقرار السياسي.

ويجب على المفوضية الأوروبية إبداء رأي رسمي حول هذه النداءات، ثم يتعين على الدول الـ27 الاتفاق على ما إذا كانت توافق على منح أوكرانيا وضع المرشح اللازم لبدء مفاوضات مطولة وصعبة.

ووفقا للخبراء، فإن أحد شروط النظر في طلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو “الاستقرار السياسي للبلد وقدرة اقتصاده على البقاء”. ويتكون الإجراء من عدة خطوات، ويجب على الدول المرشحة إجراء إصلاحات لتحقيق المعايير الأوروبية.

بند الدفاع المشترك يضم دول الاتحاد الأوروبي، وينص على أنه يجب على الأعضاء الآخرين مساعدة دولة إن “كانت ضحية لاعتداء مسلح على أراضيها”

واستغرقت المفاوضات لانضمام رومانيا عشر سنوات ولانضمام بلغاريا 11 سنة، بعد تقديم كل منهما طلب الانضمام في 1995. ولم تتجاوز ألبانيا التي قدمت ترشحها منذ 2009 وتركيا المرشحة منذ 1987 العقبات بعدُ.

وتبدو أوكرانيا غير قادرة على احترام معايير الاتحاد الأوروبي الأساسية، مثل الاستقرار السياسي واقتصاد السوق الفعال.

وقال سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون إن انضمام أوكرانيا هو “إشارة وأمر محتمل سيستغرق على أي حال سنوات عدة”.

ودعت ثماني دول هي تشيكيا ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا وبلغاريا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا في رسالة مفتوحة، إلى فتح مناقشات حول انضمام أوكرانيا.

وقال مصدر دبلوماسي إن أربع دول أخرى تدعم أوكرانيا، بينها السويد والمجر وكرواتيا. لكن ثلث الدول الأعضاء، بما فيها بلجيكا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا، تبدو أكثر تحفظا وتخشى خصوصا أن يؤدي التوسع الكبير في الاتحاد الأوروبي إلى تراجع فاعليته.

وتساءل مصدر دبلوماسي “لا يمكن قبول انضمام دولة عندما تكون في حالة حرب. إذا أصبح لدينا جنرال روسي في كييف خلال 15 يوما فماذا سنفعل؟”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: