عقوبات مرتبكة: انقطاع الكهرباء في ألمانيا لن يمنع تقدم الدبابات الروسية

البازي

تقود ألمانيا جبهة المعارضين لقيام أوروبا بمقاطعة الغاز الروسي بسبب التدخل في أوكرانيا وتعتبره مغامرة غير محسوبة. وفي أبلغ موقف على عدم فاعلية العقوبات التي تدفع إليها الولايات المتحدة وفرنسا، نبهت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى أن انقطاع الكهرباء في ألمانيا أو في أوروبا لن يوقف الدبابات الروسية عن التقدم في أوكرانيا.

ويعتقد مراقبون أن العقوبات الشاملة التي تلوّح بها بعض الدول الغربية ضد روسيا فكرة غير واقعية وتتناقض مع مصالح الأوروبيين، وهو ما جعل ألمانيا تتزعم قائمة الرافضين للعقوبات التي ستضرب مصالح الألمان قبل أن تضرب مصالح الروس.

وأكدت بيربوك أن فرض العقوبات سيكون “غير مجد إذا اكتشفنا في غضون ثلاثة أسابيع أنه لم يتبق لدينا سوى أيام قليلة من التغذية بالكهرباء في ألمانيا وبأنه سيتعين علينا الرجوع عن هذه العقوبات”.

من جهته، حذر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك من انهيار اقتصادي حاد في حال فرض حظر على واردات النفط والغاز من روسيا.

وقال هابيك في تصريحات لمحطة “آر تي إل” التلفزيونية الألمانية الثلاثاء “سنتحدث بعد ذلك (عقب تطبيق مثل هذا الحظر) عن أزمة اقتصادية خطيرة في ألمانيا وبالتالي في أوروبا”.

أوروبا ستحتاج إلى استخدام إجراءات طارئة مثل إغلاق الصناعات كثيفة الاستخدام للغاز من أجل التعامل مع وقف واردات الغاز الروسي بالكامل

وأشار إلى أن الأمر حينها لن يتعلق بإطفاء الأنوار في وقت مبكّر من الليل، بل “سيدور حول انهيارات في الشركات وبطالة”، محذرا من أننا “لا نتحدث عن ثلاثة أيام ولا نتحدث عن ثلاثة أسابيع، لكن عن ثلاث سنوات”.

ومع تقدم الوقت بدأ الكثير من الدول الأوروبية يعلن عن معارضته للمجازفة بتحدي روسيا وإعلان عقوبات تستهدف توريد الغاز.

واستبعدت الحكومة البلغارية المشاركة في حظر محتمل لواردات النفط والغاز القادمة من روسيا.

وقال رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف أمام صحافيين الثلاثاء “الأشياء التي لا يمكن لنا القيام بها هي وقف استيراد النفط والغاز”.

وظهر الخلاف جليا في اللقاء الأميركي – الأوروبي بشأن العقوبات على قطاع الغاز، وذلك خلال مؤتمر عبر الفيديو جرى الاثنين بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وفيما قدمت واشنطن وباريس رواية تقول بأن الزعماء الأربعة عازمون على مواصلة زيادة الكلفة المفروضة على روسيا، فإن البيان الذي صدر من الجانب الألماني لم يتطرّق إلى موضوع العقوبات، وأشار خصوصاً إلى أنّ الاجتماع ناقش “إمكانات جديدة (لتقديم) مساعدة إنسانية إلى أوكرانيا”.

وأعلن شولتس الاثنين أن واردات الطاقة من روسيا “أساسية” بالنسبة إلى “الحياة اليومية للمواطنين” في أوروبا، مؤكداً أنّ إمدادات القارة لا يمكن تأمينها بطريقة أخرى في المرحلة الراهنة.

ويرى المراقبون أن ألمانيا تتزعم الشق الأغلبي في أوروبا الذي يرى أن أميركا تحارب روسيا بضرب مصالح الأوروبيين، فهي لا تعتمد على الغاز الروسي بالدرجة التي يحتاجها الألمان مثلا، ولذلك فهي ترفض إقرار أيّ خطوات في الوقت الحالي.

Thumbnail

ويؤكد هؤلاء أن الأمر لا يتعلق باتخاذ القرارات بل بقدرة أوروبا على إيجاد البدائل، مشيرين إلى أن التحركات الأولية أثبتت أن البدائل محدودة، وأن دولا مثل قطر والجزائر لا تقدر على توفير الحد الأدنى من النسبة المطلوبة، وأن على أوروبا أن تفكر بعقلانية وهدوء بعيدا عن ضغوط واشنطن.

وقال مسؤول سياسة المناخ بالمفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس إن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن يتوقف عن الاستعانة بالغاز الروسي إلا في غضون سنوات.

وأضاف تيمرمانس أن الخطط “ستقلل بشكل كبير من اعتمادنا على الغاز الروسي بالفعل هذا العام، وفي غضون سنوات ستجعلنا نتوقف عن استيراد الغاز الروسي”. وأضاف أمام لجنة البيئة بالبرلمان الأوروبي الاثنين “الأمر ليس سهلا، لكنه ممكن”.

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن أوروبا يمكن أن تخفض وارداتها من الغاز الروسي بأكثر من النصف في غضون عام، لكن القيام بذلك سيتطلب مجموعة من الإجراءات السريعة، من تبديل غلايات الغاز بمضخات حرارية، إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال.

ولفت محللون إلى أن أوروبا ستحتاج إلى استخدام إجراءات طارئة مثل إغلاق الصناعات كثيفة الاستخدام للغاز من أجل التعامل مع وقف واردات الغاز الروسي بالكامل.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: