حصاد اللقاء الصحفي مع الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف حول : “تدبير الشأن الديني بالمهجر”
La rédaction
عقد موقع أخبارنا الجالية ، لقاءا صحفيا مع الأمين الهام لمجلس الجالية المغربية بالخارج “عبد الله بوصوف”، بمقر المجلس بالرباط .
وتم خلال هذا اللقاء ، طرح مجموعة من الأسئلة المتعلقة بإشكالية الشأن الديني بالخارج ، حيث أجاب الأمين العام بإسهاب وبأريحية تامة، عن جميع الأجوبة الملقاة عليه من طرف صحفيي موقع “أخبارنا الجالية”.
حيث جاءت إجابة الأمين العام عن سؤال يتعلق : ب
-رأيه الخاص في الشأن الديني بأوربا ؟
حيث أوضح أن الشأن الديني يعرف بعض فترات التشنج ، وذلك لظروف موضوعية معروفة ، ونظرا لإنعدام المرافقة الروحية للعديد من الجاليات المسلمة بدول المهجر ، كالجالية المسلمة المغاربية والإفريقية والتركية ، حيث أن أغلب دول الإستقبال كانت ترحب فقط بعضلات المهاجرين العمال في المناجم والبناء والمعامل ، الشيء الذي دفع هذه الجالية المسلمة لممارسة شعائرها الروحية والدينية والعبادة في ظروف صعبة وبإمكانيات قليلة ، وفي إطار ما يسمح به القانون والحريات المدنية بتلك الدول ، كل هذا لم يرافقه إجتهاد فكري وديني يمكن الجاليات من ممارسة شعائرها في أمن وطمأنينة بأوروبا والغرب بصفة عامة ،ولهذا نتجت مجموعة من التشنجات ليست في مصلحة البلد المضيف ولا في مصلحة الجالية ولا المجتمع ، علما أن الإسلام أصبح ضمن النسيج الديني الأوروبي ويحتل المرتبة الثانية من بين الديانات السائدة بأوروبا قبل الديانة البروتستانية واليهودية .
وعليه فالمسلمين أصبحوا مواطنين كاملي المواطنة بتلك الدول ، مما يطرح بقوة إيجاد حلول لمشاكلها ، وتطبيع العلاقات بين الإسلام والمجتمع الذي يعيشون فيه ، والإستفادة من الترسانة القانونية وحريات المعتقد ، التي تتمتع بها الفضاءات الأوربية ، لأن الإسلام وبكل بساطة لا يشكل أي تعارض مع هذه المبادئ القانونية والإنسانية الكبرى ، وبذلك يمكن نزع فتيل الصراع لأنه لا يصب في مصلحة أي أحد .
-وبخصوص سؤال هل تشيع مغاربة العالم بإمكانه أن يؤثر على الشأن الديني المغربي؟
فجاء جواب الأمين العام للجالية المغربية بالخارج على النحو التالي : حيث أفاد أن المغاربة ، الشعب الوحيد الذي فصل في شأنه الديني حيث لا يمكن لأحد أن يزايد عليهم في حب آل البيت ولا حب النبي “صلعم” ، ولا شيء يؤثر على عقيدتهم ، فقوة عقيدة المغاربة تمت عن طريق الزوايا والأمداح النبوية…، وإلتفافهم حول إمارة المؤمنين ، وفي إعتقاده لا يجب أن يطعن المسلمين في بعضهم البعض ، ولا العمل على خلخلة الممارسات الدينية ، أو تصدير مذاهب أومدارس بالنشر والتبشير ، فيجب التعايش مع إختلافها .
فأعتبر النموذج المغربي السني ، الذي يتميز بالعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي ، والتصوف السني ، فأعتبر المدرسة المغربية عريقة متجذرة وسطية ، لها خبرة واسعة أتبثت جدارتها خاصة في أوروبا .
فجدير بالأحرى للجاليات المسلمة الأخرى الإقتداء بالنموذج المغربي ، لأنه إستطاع أن يجيب على عدة أسئلة وتحديات طرحت في الواقع الأوروبي .
-وبخصوص سؤال طرد بعض رجال الدين من دول إقامتهم بأوروبا .
كما هو معروف إتخذت بعض الدول الأوروبية إجراءات تعسفية إتجاه الجالية المسلمة بأوروبا ، حيث أن أوروبا تعرف بالحريات والقانون وإستقلال القضاء ، وأوضح أنه سبق أن عاشت بعض الجاليات المسلمة هذه الإجراءات ، ولم تعطي أية نتائج إيجابية ، فقط جاءت لأرضاء خواطر بعض المتطرفين والعنصريين ، ولهذا فإنه يدعو الحكومات الأوروبية إلى إعادة النظر في في مثل هذه القرارات التي لا تتناسق مع القوانين الأوروبية ، ويدعو كذلك المسلمين المتضررين لكسب مطالبهم ، بالدعوة للجوء إلى القضاء الأوروبي المتسم بالشفافية والنزاهة والعدالة والإستقلالية .
وبخصوص رأيه في إتهام بعض الدول الأوربية المغرب بالتجسس والتأثير على الشأن الديني ؟
إعتبر أن المغرب ليس بحاجة للتجسس للوصول إلى المعلومة في المجال الديني، ونحن نعيش في عالم الرقمنة والعالم المفتوح ، وكشف أن المغرب في إطار علاقاته بالدول الأوربية تجمعه بها مجموعة من الإتفاقيات ، التي لا يستفيد منها المغرب بقدر ما تستفيد منها تلك الدول الأوروبية كالمؤسسات التعليمية الموجودة بالمغرب والمرتبطة بسفاراتها ، ولا أحد يتحدث عن التجسس من جانبها .
فأعتبر كلمة التجسس كلمة ثقيلة وإتهام واهي وباطل ، كان يعمل بها في إطار الحرب الباردة وبخصوص المصالح العسكرية والسياسية والإقتصادية .
فدعا إلى التعاون في حماية الشأن الديني ، لحماية ممارسيه من التطرف والإرهاب ، الذي سبق أن حدث ببعض المدن المغربية وبأيادي أشخاص مسلمين كانوا يعيشون بأوروبا .
لذا يعتقد أن النموذج المغربي ، يصلح أن يكون نموذجا للمسلمين بأوروبا، وليس عصي للسيطرة ، لأن العقيدة الأشعرية أساسها إستعمال العقل ولا تكفر الناس .
وأضاف أن التحدي الكبير في المجتمعات الإسلامية هي التكفير ، وأعتبر أن المغرب من البلدان القلائل الذي يقف بعقيدته ضد التكفير ، وقد سبق للملك محمد السادس عندما قتل قسيس في فرنسا ، أن قال “من يقوم بهذه الأفعال ليس مسلما” وكان هذا موقف شجاع من جلالته ومن طرف قيادة دينية ، هو أمير المؤمنين ، وقضية الإرتباط بإمارة المؤمنين شيء ،وسيادة الملك شيء آخر ، حيث أن أمير المؤمنين يعتبر للمؤمنين جميعا مسيحيين ويهود ومسلمين ،وإمارة المؤمنين ليست لها حدود .
إذن فإن أمير المؤمنين مرجعية روحية للكثير فهناك من يعترف بها ومن يجد نفسه فيها وينتمي إليها ، فهي لا تتدخل في الشؤون التدبيرية أوالسياسية للآخرين ، وتمثل الحاضنة الروحية للعديد من المسلمين وحمايتهم من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب .
ودعا إلى الإشتغال جميعا لوضع حد لهذا التطرف المتعصب العنصري ، الذي هو ضد السامية أيضا، ولابد أن توجد أرضية مشتركة فيها الإحترام والعيش المشترك والتعاون وحد أدنى للتعايش والإحترام بين مختلف البشر دون التمييز بين اللون أو الدين أوالمذهب .
-وسؤال كيف يمكن لكثرة المساجد بدول الإقامة أن يخذم المعتقد الديني ؟
إعتبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج ، أن المساجد دورها أساسي في المرافقة الروحية ، حيث تمكن المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية في وئام وطمأنينة وترفع من روحانياتهم ، ففي إعتقاده أنه لا بد لها أن تلعب دور تأطير الجالية المسلمة وخصوصا الشباب ، ولابد من إستعمال لغة البلد المضيف من أجل الوصول لهذا الهذف ، ومخاطبتهم بلغاتهم ، وإدماج الشباب والمرأة وبناء جسور مع الآخرين ، كما لاحظ تغييب المراة من المساجد ودعا إلى حضورها في هذا الفضاء الروحي لتحقيق المساواة بين الجنسين ، و خلق فرص التلاقي مع الآخرين في مساجدنا ، وأعتبر أن المساجد يجب أن تكون عبارة عن مراكز ثقافية وإشعاع علمي وروحاني ، وأكد أنه يجب أن تكون بها جمالية كمثيلاتها من مساجد الأندلس والمغرب ، ولجعلها كمآثر دينية للتعبد والزيارة والإستعداد لإستقبال سائر البشر على مختلف مشاربهم ، لأن المساجد هي بيوت الله ، والله يتصف بالرحمة والعفو والرأفة ، ففي إعتباره أن هذا المبدأ يجب أن يوجد في مساجدنا ، ونعمل على إيجاد مسؤولين في مستوى أداء هذه المهمة الروحية النبيلة “الإمام” ، فبحسب رأيه لابد من تأطير الشباب ذكورا وإناثا لهذه المهمة لتوليهم قيادة هذه الأماكن الروحانية الدينية في المستقبل .