أطلقت جبهة بوليساريو الانفصالية احتفالات بالذكرى الـ46 لإعلان ما تسميه “الجمهورية الصحراوية” في مخيمات تندوف حيث بعث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي تعد بلاده الداعم الرئيسي للجبهة الانفصالية، برسالة تهنئة لزعيم بوليساريو إبراهيم غالي.
وبعد تمديد المغرب لحزامه الدفاعي في الكركرات منذ الثالث عشر من نوفمبر 2020، تاريخ تحرير المنطقة العازلة، لم تستطع جبهة بوليساريو تنظيم احتفالاتها بذكرى تأسيسها هذه السنة في بئر لحلو أو تيفاريتى شرق الجدار الأمني المغربي، وهي المناطق التي كانت تقول إنها محررة، وحصرت احتفالاتها داخل مخيمات تندوف.
محمد سالم عبدالفتاح: خسارة بوليساريو للكركرات والتوزكي كانت ضربة في الصميم
وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “خسارة بوليساريو لمناطق الكركرات والتوزكي كانت ضربة في الصميم كونها حركة مسلحة بالأساس أسست شرعيتها السياسية على انتهاج ما تسميه بالكفاح المسلح، وبالتالي فقد خسرت أوراق الضغط التي كانت توظفها لأجل إلهاء قواعدها المحتقنة في المخيمات من جهة، ومن جهة أخرى تبخرت محاولاتها للفت انتباه أنظار المجتمع الدولي وانتزاع المواقف المتماهية مع أطروحتها، لاسيما ورقة إعلانها الحرب التي ثبت عدم حدوثها”.
ويعتقد عبدالفتاح أن “الخسارة الأبرز تكمن في فقدان بوليساريو زمام المبادرة في كافة المناطق العازلة شرق الجدار، نتيجة السيطرة الجوية المغربية عليها، خاصة في ظل العديد من العمليات النوعية التي بات يشنها الطيران العسكري المغربي عبر الطائرات المسيرة، والتي كبدت الجبهة الكثير من الخسائر، لتقضي على أي إمكانية لتواجد بوليساريو في تلك المناطق، رغم الاحتياطات التي يعكف عليها الجيش المغربي لتفادي إحداث خسائر على مستوى الأرواح”.
وكان القيادي في الجبهة مصطفى سيد البشير قد أطلق قبل شهرين تصريحات مثيرة عندما أعلن في فيديو أمام عدد من أعضاء الجبهة في فرنسا حقيقة بوليساريو والمنتمين إليها بأنهم “مجرد لاجئين يعيشون على المساعدات والتسول لدى الجزائر”، مضيفا أن الألقاب التي تُطلق على زعماء الجبهة وعلى رأسهم “رئيس الجمهورية” إبراهيم غالي مجرد ألقاب، “فإبراهيم غالي أيضا لاجئ وليس رئيس جمهورية، لدى وكالة غوث اللاجئين سنجده مسجلا باسم غالي سيد المصطفى كلاجئ يأخذ التموين”.
وما فتئت بوليساريو تهدد بالحرب ضد المغرب دون الدخول فيها أو تحمّل تكلفتها، حيث وصل عدد البيانات العسكرية الوهمية التي تتحدث عما تسميه “خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد العسكري المغربي إلى أزيد من 470 بيانا”، دون تأكيد تلك العمليات بصور أو فيديوهات بعدما تمكن المغرب من فرض السيطرة على معبر الكركرات.
ومع بدء الاحتفالات بذكرى تأسيسها تصاعدت الأسئلة عن الأهداف التي حققتها الجبهة الانفصالية، حيث قال القيادي السابق فيها مصطفى ولد سلمى مولود “ماذا تم تحقيقه في ظل دولة بوليساريو الوهمية، على المستويات الأمنية والمعيشية والصحية وغيرها، ما دامت الجبهة تعتبر سكان المخيمات مواطنين وتطبق عليهم قوانين دولة تنصب نفسها مسيّرة ومدبرة لشؤون سكانها”.
بعد تمديد المغرب لحزامه الدفاعي في الكركرات لم تستطع جبهة بوليساريو تنظيم احتفالاتها بذكرى تأسيسها هذه السنة في بئر لحلو أو تيفاريتى شرق الجدار الأمني المغربي
وكانت الجزائر هي البلد الوحيد الذي قدم تهانيه للجبهة بهذه المناسبة من خلال برقية الرئيس تبون الموجهة إلى غالي، حيث أكد استمرار الجزائر في دعم الجبهة الانفصالية في الوقت الذي تتزايد فيه عزلتها.
ويرى مراقبون أن بوليساريو بعد أكثر من 4 عقود على تأسيسها لا تزال توظف الدعاية الإعلامية في مواجهتها مع المغرب، وهو توظيف لا يغير المعادلة على الأرض، وفق هؤلاء.
وأكد عبدالفتاح أن “وضع بوليساريو انعكس على الحالة الأمنية في المخيمات حيث زادت احتقانا، حتى باتت هي الأخرى تشهد صدامات في ما بين مجموعات قبلية انخرط فيها أمن بوليساريو، إذ عرت واقع الفوضى الأمنية في تندوف، كما كشفت عن طبيعة الجبهة القبلية”.
ويأتي ذلك في وقت تعزز فيه موقف المغرب من وحدة أراضيه وسيادته على صحرائه بعد سلسلة الإعلانات من قبل العديد من الدول العربية والأفريقية عن دعمها لمغربية الصحراء.
وتحظى أيضا مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس التي تنص على الحكم الذاتي للصحراء المغربية بدعم دولي وأممي قوي، غير أن زعيم بوليساريو لا يزال وفقا لمراقبين يحاول إنكار الواقع؛ حيث أعرب الجمعة الماضي عن أمله في أن تتغير مواقف البلدان العربية تُجاه ما يسميه بـ”القضية الصحراوية”.