الإخلال العلني بالحياء العام بالمغرب على منصة يوتوب ….. أين الشرطة من كل هذا ؟
بوشعيب البازي
مناظر ومشاهد مقززة و فوضى عارمة تلك التي بات يعيشها اليوتوب المغربي والذي أصبح أقرب إلى فضاء مفتوح للدعارة منه إلى منصة لنشر الفيديوهات الهادفة أو المسلية، حيث وصل صدى فضيحتنا إلى وسائل الإعلام العالمية.
بينما تتعالى الأصوات المنادية بتجويد المحتوى المغربي المبثوث على “يوتوب”، تسير نسبة كبيرة من “صناع المحتوى” الذين يعرضون فيديوهاتهم على هذه المنصة ذات الانتشار الواسع في الاتجاه المعاكس، إذ ينغمس جزء كبير منهم في تكريس الرداءة يوما بعد يوم.
فبعد أن كانت التافهات من المشاهير فقط هن نجمات هذا الموقع بعرضهن لتفاصيل حياتهن اليومية، دخلت فئة أخرى على الخط، ويتعلق الأمر بممتهنات الدعارة، حيث جذبتهن الأرباح الكبيرة التي يمكن تحقيقها بأقل مجهود، وهو ما جعل المحتوى يتحول من عرض تفاصيل الحياة إلى عرض تفاصيل الجسد الذي غالبا ما يكون شبه عار، إذ دخلن في منافسة مفتوحة مع بعضهن البعض بحثا عن المتابعين أو بالأحرى الزبائن وهو ما رفع درجة الإباحية بشكل خطير جدا زادت من الإساءة إلى سمعة المغربيات التي وصلت إلى الحضيض بالفعل.
الغريب في الأمر هو ظهور فئة أخرى حاولت بدورها الانتفاع من هذه الموجة، وهن نساء متزوجات كن إلى فترة قريبة محترمات، لكن إغراء المال والشهرة أعمى أبصارهن بل ودفع حتى أزواجهن إلى المشاركة معهن في هذه الدعارة الجديدة متذرعين بالفقر.
كل المخالفات المذكورة سلفا يعاقب عليها القانون ويقر عقوبات بحق من يقترفها، حيث ينص الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي على أن “من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم”.
هذا وارتفعت المطالب مؤخرا المنادية بضرورة المتابعة القضائية و حجب هذا النوع من الفيديوهات الإباحية من موقع يوتيب حفاظا على ماء وجه المغاربة، إذ لم تستبعد بعض المصادر الحقوقية أن يتم إدراج فيديوهات روتيني اليومي ضمن المحتويات الجنسية التي يجرمها القانون المغربي، وهو ما سيعرض ممتهناتها للمتابعة القانونية في هذه الحالة.
وبغضّ النظر عن قيمة ما يبثه المغاربة على منصة “يوتوب”، فإن المتتبعين لهذا المجال يروْن أن جزءا كبيرا من المحتوى المبثوث أصبح يشكل تهديدا حقيقيا لعدد من القيَم المغربية، خاصة أنه يصل إلى مختلف الشرائح المجتمعية، بما فيها الأطفال الصغار.
وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات للحد من فضائح “روتيني اليومي”، لكنّ صدى هذه الدعوات ذهب سُدى، إذ مازالت هذه القنوات تستقطب جمهورا عريضا، ويوما بعد يوم تتشجّع صاحباتها على رفع منسوب الجرأة في ما “يعْرضنه” على المشاهدين.
ويُعزى سبب “تدهور” قيمة المحتوى المغربي على “يوتوب” إلى مجموعة من الأسباب، في مقدمتها الجري وراء الربح المادي السريع.
فهذه القنوات تمكّن من رصْد التحول الذي تشهده الأسر المغربية، “وهو، مع كامل الأسف، تحول نحو الهاوية”، لأن القاعدة التي يعمل بها مروّجو المحتوى الرديء الذي يبث على “يوتوب” تنطلق من المقولة الشهيرة “الشعب عايز كده”.
وفي ظل غياب أي إمكانية لضبط مضمون ما يُنشر من فيديوهات، إلا في ما يتعلق بالمضمون الذي تمنع قوانين يوتوب نشره، فإن “المحتوى التافه” الذي تبثه كثير من القنوات المغربية على هذه المنصة لا يتوسّع انتشاره فقط، بل إنه يأتي على حساب القنوات التي تقدم محتوى جيدا، ما يدفع بأصحابها إلى الانسحاب.
و الغريب في الأمر ونحن نتحدث عن السبل الكفيلة بإعادة الاعتبار للمحتوى المغربي على منصة يوتوب أن بعض القنوات التي كانت تشكل الاستثناء بمحتواها الراقي والمفيد قد غادرها أصحابها من خلال إعلانهم اعتزال نشر الفيديوهات، معللين ذلك بكون هذه المنصة لم تعد مكانا آمنا للعمل والإبداع، حيث اختلط الحابل بالنابل؛ كما أنهم أصبحوا يتلقون سيلا من التعاليق التي تحمل ألفاظا نابية”.
وفيما يشتد استحكام “التفاهة” في المحتوى المغربي على “يوتوب”،تبقى الوسيلة الوحيدة للرقي بالمحتوى المقدم هي اعتماد المقاربة التربوية للأجيال القادمة، والعمل على تشجيع المبادرات الهادفة التي تروم تقديم محتوى هادف.