بينما تتوغل روسيا داخل الأراضي الأوكرانية وتضع العاصمة كييف هدفا لتوقفها، يواصل حلفاء أوكرانيا الغربيون التهديد بفرض عقوبات على موسكو. ولم يجد سلاح العقوبات الذي يرفعه الغربيون سبيلا لإقناع الروس بتجنب الغزو إذ أن الرئيس فلاديمير بوتين يبدو واضحا: إما الاستجابة للمطالب الأمنية الروسية أو الحرب.
شنت روسيا الخميس غزوا شاملا لأوكرانيا من البر والجو والبحر، في أكبر هجوم تشنه دولة على أخرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ما يمثل تأكيدا لأسوأ مخاوف الغرب.
وأمطرت الصواريخ الروسية المدن الأوكرانية. وأبلغت أوكرانيا عن تدفق مجموعات من القوات عبر حدودها إلى مناطق تشيرنيهيف وخاركيف ولوجانسك في الشرق، وإنزال عن طريق البحر في مدينتي أوديسا وماريوبول في الجنوب.
وسمع دوي انفجارات في العاصمة الأوكرانية كييف. وحدث إطلاق نار بالقرب من المطار الرئيسي وانطلقت صفارات الإنذار في أنحاء المدينة.
وقال أحد سكان خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا وأقرب مدينة كبيرة إلى الحدود الروسية، إن نوافذ المباني السكنية كانت تهتز من جراء الانفجارات المستمرة. وأضاف، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الذعر ساد المدينة حيث حاول الناس الفرار.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو تدمير بلده.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على تويتر “قام بوتين بغزو واسع النطاق لأوكرانيا. وتتعرض المدن الأوكرانية السلمية لضربات”.
وتابع “هذه حرب عدوانية. ستدافع أوكرانيا عن نفسها وستنتصر.. يمكن للعالم أن يوقف بوتين ويجب عليه ذلك. حان وقت التصرف”.
وقال مستشار لوزير الشؤون الداخلية الأوكراني إن ما لا يقل عن ثمانية أشخاص قتلوا وأصيب تسعة بجروح جراء القصف الروسي.
وأعلن بوتين في خطاب نقله التلفزيون أنه أمر “بعملية عسكرية خاصة” لحماية الناس، بمن فيهم الروس الذين تعرضوا “لإبادة جماعية” في أوكرانيا، وهو اتهام يصفه الغرب منذ مدة طويلة بأنه دعاية سخيفة. وقال “أجل سنكافح لنزع السلاح والقضاء على النازية في أوكرانيا”.
وأضاف “لا يمكن لروسيا أن تشعر بالأمان وأن تتطور وتبقى في ظل تهديد دائم ينبع من أراضي أوكرانيا الحديثة… كل مسؤولية عن إراقة الدماء سيتحملها ضمير النظام الحاكم في أوكرانيا”.
ويبلغ عدد سكان أوكرانيا 44 مليون نسمة وهي أكبر دولة في أوروبا من حيث المساحة بعد روسيا نفسها. وصوتت بأغلبية ساحقة لصالح الاستقلال عن موسكو بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتقول إنها تسعى للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يصلي من أجل شعب أوكرانيا الذي يعاني “هجوما لم يسبقه استفزاز وغير مبرر”، وتعهد بفرض عقوبات صارمة ردا عليه، وأضاف أنه سيجتمع بقادة مجموعة السبع.
ووعد جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بعقوبات مالية هي أشد ما فرضه الاتحاد على الإطلاق.
وقال بوريل “هذه من بين أحلك الساعات التي تمر بها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”.
ولم يتضح على الفور النطاق الكامل للعملية العسكرية الروسية لكن بوتين قال إن “خطتنا لا تشمل احتلال الأراضي الأوكرانية. لن نفرض أي شيء بالقوة”.
وقال بوتين، الذي كان يتحدث بينما عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا في نيويورك، إنه أمر القوات الروسية بحماية الشعب وناشد الجيش الأوكراني إلقاء سلاحه. وناشد زيلينسكي زعماء العالم فرض جميع العقوبات الممكنة على روسيا، بما يشمل بوتين.
وبعد ثلاث ساعات من أمر بوتين ببدء الهجوم نقلت وسائل إعلام روسية عن وزارة الدفاع الروسية القول إنها دمرت بنية تحتية عسكرية في القواعد الجوية الأوكرانية وألحقت ضررا بالغا بدفاعاتها الجوية.
وفي وقت سابق ذكرت وسائل إعلام أوكرانية أن مراكز القيادة العسكرية في كييف وخاركيف في الشمال الشرقي تعرضت للقصف بالصواريخ، بينما هبطت قوات روسية في مدينتي أوديسا وماريوبول الساحليتين.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن الانفصاليين المدعومين من روسيا في الشرق قولهم في وقت لاحق إنهم استولوا على بلدتين. ولم يصدر تعليق فوري من السلطات في أوكرانيا.
كما أعلنت موسكو تعليق عمليات الشحن في بحر آزوف. وتسيطر روسيا على المضيق المؤدي إلى البحر حيث لدى أوكرانيا موانئ منها ماريوبول.
وقبل ساعات من بدء الغزو ناشد الانفصاليون موسكو المساعدة على وقف عدوان أوكراني مزعوم، وهي مزاعم نفتها الولايات المتحدة ووصفتها بأنها دعاية روسية.
وتراجعت الأسهم العالمية وعوائد السندات الأميركية، بينما ارتفع سعر الدولار والذهب بعد كلمة بوتين. وقفز سعر خام برنت متجاوزا مستوى 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 2014.
وانتظر الناس في صفوف لسحب الأموال وشراء إمدادات الطعام والمياه في كييف. وكانت حركة المرور كثيفة غرب المدينة باتجاه الحدود البولندية. وتستعد الدول الغربية لاحتمال أن يفرّ من الهجوم الروسي مئات الآلاف من الأوكرانيين.
وقال بايدن، الذي استبعد إرسال قوات أميركية إلى الأرض في أوكرانيا، إن بوتين “اختار حربا مع سبق الإصرار ستؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح ومعاناة بشرية”.
وأضاف بايدن الذي تحدث إلى زيلينسكي عبر الهاتف “روسيا وحدها المسؤولة عن الموت والدمار الذي سيحدثه هذا الهجوم، وسترد الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها بطريقة متحدة وحاسمة”.
وأدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإجراء الروسي بينما قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن أعضاء الحلف سيجتمعون للتعامل مع تبعات “الهجوم الروسي المتهور وغير المبرر”.
وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعد اجتماع مجلس الأمن موجها نداء إلى بوتين لوقف الحرب “باسم الإنسانية”.
وجددت الصين، التي وقعت معاهدة صداقة مع روسيا قبل ثلاثة أسابيع، دعوة جميع الأطراف إلى التحلي بضبط النفس ورفضت وصف تصرف روسيا بأنه غزو.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن بوتين اختار “طريق إراقة الدماء والدمار”.
أوكرانيا أبلغت عن تدفق مجموعات من القوات عبر حدودها إلى مناطق تشيرنيهيف وخاركيف ولوجانسك في الشرق
وأغلقت أوكرانيا مجالها الجوي أمام الرحلات المدنية مشيرة إلى وجود مخاطر كبيرة على السلامة، في حين حذرت الهيئة التنظيمية للملاحة الجوية في أوروبا من مخاطر الطيران في المناطق المتاخمة لروسيا وبيلاروسيا.ووردت تقارير أولية غير مؤكدة عن سقوط ضحايا بينهم مدنيون قتلوا في قصف روسي وأثناء دفاع حرس الحدود عن مناطقهم.
وقالت السلطات المحلية في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا إن 18 شخصا قتلوا في هجوم صاروخي. كما ذكرت السلطات في بروفاري القريبة من كييف أن ستة أشخاص على الأقل قتلوا. وأعلنت أوكرانيا مقتل خمسة أشخاص في عملية إسقاط طائرة.
وقال الجيش الأوكراني إنه دمر أربع دبابات روسية على طريق قرب خاركيف وقتل 50 جنديا قرب مدينة في منطقة لوهانسك وأسقط ست طائرات حربية روسية في الشرق.
ونفت روسيا تعرض مقاتلات أو مركبات مدرعة للتدمير. وزعم الانفصاليون المدعومون من روسيا أنهم أسقطوا مقاتلتين أوكرانيتين.